جاد حداد

State of Play... مراسلان عنيدان يكشفان مخططات شريرة

17 أيلول 2020

02 : 00

يبدو فيلم State of Play (حالة من اللعب) مشوقاً وذكياً ومبتكراً وتدور أحداثه في قاعات الكونغرس الأميركي ومقر صحيفة تشبه "واشنطن بوست". إنه فيلم سياسي أيضاً ويتجسد دور الشر فيه عبر شركة غامضة تتعاقد مع الحكومة لأداء واجبات أمنية ونشر المرتزقة في العراق واسمها "بوينت كورب".

يؤدي راسل كرو دور مراسل استقصائي اسمه "كال ماكفري" ويعمل لصالح صحيفة "واشنطن غلوب"، ويبدو أن جميع رجال الشرطة ومعظم الناس في الكونغرس يعرفونه. هو صحافي من النوع الذي يتكل على حدسه ويربط النقاط ببعضها بسرعة لدرجة أن يختصر فيلم مدته 127 دقيقة سلسلة قصيرة من ست ساعات على قناة "بي بي سي". نتيجةً لذلك، سيبقى "كال" منشغلاً طوال الوقت ولن يتسنى له أن يرتّب شكله أو يغسل شعره!

خلال فترة قصيرة من الوقت، يتعرض رجل لإطلاق النار ويموت، ويُقتَل أيضاً راكب دراجة هوائية كان يمرّ في المكان نفسه ويشاهد الجريمة الأولى، وتقفز امرأة تحت قطار الأنفاق أو يدفعها أحدهم... يغطي "كال" هذه الأحداث كلها شخصياً. كانت المرأة المقتولة باحثة في فريق النائب "ستيفن كولينز" (بن أفليك) الذي يغرق في دموعه خلال جلسة استماع في الكونغرس حول شركة "بوينت كورب"، ويعترف بأنه كان على علاقة بها. تستجمع زوجته "آن" (روبين رايت بن) شجاعتها وتعلن أن عائلتها ستبقى متماسكة رغم كل شيء. كان "كال" و"آن" حبيبَين في أيام الجامعة. أما الرجل المقتول، فسرعان ما يتبين أنه يحمل حقيبة مسروقة من شركة "بوينت كورب". يسهل أن نربط بين مختلف الأحداث الآن!





تتعدد المفاجآت الأخرى في الفيلم الذي يخدع المشاهدين في مناسبات عدة ويحافظ على درجة من المصداقية مقارنةً بأفلام التشويق عموماً. يتّضح تدريجاً أن شركة "بوينت كورب" والإدارة الأميركية أبرمتا تحالفاً شريراً لنقل ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب إلى جهات سيئة. يرتفع منسوب التشويق لأن المراسل الجدّي "كال" والصحفية الشجاعة "ديلا" (رايتشل ماك آدمز) يتوليان اكتشاف هذه الحقائق.

تؤدي رئيسة تحرير صحيفة "واشنطن غلوب"، "كاميرون لين" (هيلين ميرين)، دوراً مهماً في التحقيقات. يضغط عليها أصحاب الصحيفة الجدد لتخفيض النفقات، وإعادة تصميم الصفحة الأولى، وزيادة الأخبار التي تشكّل سبقاً صحفياً، والدخول إلى عالم الشائعات اليوم بدل انتظار حصد الجوائز غداً. تسود في الفيلم مشاعر وداعية مريبة: هل يُعقَل أن يكون آخر فيلم عن الصحف؟ (لن يكون الأخير طبعاً لأن الأفلام التي تتمحور حول الصحف لها طابع مستدام بغض النظر عما يصيب الصحافة على أرض الواقع. إنه عالم مثير للاهتمام أكثر من المجال الرقمي بكثير!).

من المعروف أن أحداً يجب ألا يسأل الخبراء عن أفلام تتمحور حول مجال عملهم. طرح علماء الآثار مثلاً أسئلة عدة عن فيلم The Mummy: Tomb of the Dragon Emperor (المومياء: قبر الإمبراطور التنين). حين يخرج "كال" من المكتب في اللحظات الأخيرة من المهلة المُحددة له ويصرخ له من حوله "أَخْبِر كاميرون بأن تكشف القصة بأي ثمن"، قد تفضّل رئيسة التحرير أن تمزق الصفحة الأولى إذا كانت القصة التي تتابعها مهمة لدرجة ألا تجازف الصحيفة بنشر معلومة خاطئة عنها. لكن عندما يحلّ "كال" ومساعدته المرحة اللغز ويعودان إلى المكتب ويعرفان أن "كاميرون تمتنع عن النشر منذ أربع ساعات!"، لا مفر من أن يرغب أرباب عملها الجدد في خوض محادثة طويلة ومؤسفة معها قبل أن تكتشف مصيرها وتواجه احتمال إنهاء خدمتها.

في النهاية، يمكن اعتبار State of Play للمخرج كيفن ماكدونالد (من أعمالهThe Last King of Scotland (آخر ملك اسكتلندي)) عملاً متقناً يتّسم بأداء تمثيلي جيد عموماً. يبدو كرو شبيهاً بالممثل خواكين فينيكس، ولا تبالغ ماك آدامز في أدائها بدور صاحبة المدوّنة المبتدئة، وتقدم ميرين أداءً مقنعاً جداً كرئيسة تحرير الصحيفة، وتجد رايت بن التوازن المطلوب في أدائها دوماً. لكن رغم هذه الإيجابيات، لا يصل الفيلم عموماً إلى المستوى المتوقع منه. قد تكون بدايته ممتازة ثم يحافظ على توازنه في منتصف الأحداث لكنه يعود ويغرق في دوامة مألوفة. ربما تتعلق المشكلة بحل ألغاز كثيرة في الحبكة خلال مدة قصيرة، ومع ذلك تبقى التطورات المطروحة مع اقتراب النهاية مبسّطة أكثر من اللزوم. يجيب الفيلم على الأسئلة العالقة، وتتضح حقيقة العلاقات بين الشخصيات، وتنكشف الألغاز بسلاسة مفرطة. لو كان فضح ممارسات شركة مثل "بوينت كورب" بهذه السهولة، لما استمرت طوال هذا الوقت!


MISS 3