نوال برّو

العين على الحدود اللبنانية - السّورية

نازحون يتدفقون وحوادث أمنية خطيرة!

تشير إحصائيات المنظمة الدولية للمعلومات إلى دخول ما يقارب 9000 سوري عبر "معبر المصنع"

يبدو أن لبنان سيبقى الوجهة الأولى التي تستقبل السّوريين في أفراحهم كما في أتراحهم. فبعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، زاد ملف النازحين السوريين في لبنان تعقيداً. وما حكي عن عودة للنازحين السوريين إلى وطنهم ليس واقعياً حتى اللحظة، فالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية المتأرجحة، تجعل من الصّعب عليهم اتّخاذ قرار نهائي بالعودة إلى وطنهم.




نزح إلى لبنان آلاف المواطنين السوريين حاملين معهم مخاوف متباينة، منهم من كان مؤيّداً للنظام السابق، وبعضهم هرب خوفاً من المجهول تحت حكم الإدارة الجديدة.



تشير إحصائيات المنظمة الدولية للمعلومات إلى أن ما يقارب 9000 سوري دخلوا عبر "معبر المصنع"، غادر 3000 منهم إلى دول الخليج، فيما استقرّ حوالى 6000 في لبنان. وعبر حمص إلى منطقة بعلبك الهرمل، دخل حوالى 90 ألف شخص، منهم 55 ألف لبناني كانوا يقيمون في سوريا و35 ألف سوري.



في المقابل، لم يتجاوز عدد السوريين العائدين إلى بلادهم سوى بضع مئات فقط. وبصرف النظر عن أن لبنان لم يعد يحتمل جولة جديدة من النزوح، يأمل اللّبنانيون أن تبني الإدارة السورية الجديدة دولة صديقة للبنان، لطي صفحات القتال والاحتلال والتوترات. ويجب أن لا نغرق في بحر التفاؤل وننسى أن سوريا ما زالت بلا دستور ونظام، ما يعني أن الكرة قد تكون في الوقت الحالي في ملعب المجموعات المسلحة غير المنضبطة.




على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الأمن العام لتعزيز السيطرة على المعابر الشرعية، فإن التّحدي الكبير يكمن في ضبط المعابر غير الشرعية. فالجيش اللّبناني، رغم مساعيه الحثيثة، يواجه صعوبة بالغة في تأمين حماية كاملة لهذه الحدود المعقدة، خاصّة في ظل تكتيكات التهريب المتغيرة باستمرار واعتماد المهربين لمسارات متعرّجة.




الأسوأ من قضية النازحين هو ما حصل منذ أيام، إذ تعرّضت دوريّة تابعة للجيش اللّبناني في منطقة وادي الأسود في خراج بلدة ينطا - راشيا لإطلاق نار من مسلّحين مجهولين من الجانب السوري، تلاها وقوع اشتباك بعد ردّ الدوريّة على مصادر النّيران.



هذه الحادثة التي أدت إلى إصابة أحد العسكريّين، ذكّرت البعض بمعركة "فجر الجرود" التي وقعت في عام 2017 لتطهير المناطق الحدوديّة من تنظيم "داعش".  يُستبعد أن تكون المجموعات المتورطة منتميةً إلى "داعش"، لكن الحادثة تثير الخوف والريبة حول نوايا هذه المجموعات وما إن كانت ستتكرر الاشتباكات في الأيام المقبلة.



ما يزيد الطين بلة، أن سوريا الجديدة لم تلملم نفسها بعد، ووفقاً لقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، إن تنظيمها قد يتطلّب أربع سنوات وصياغة الدستور يستمر لأطول مدة ممكنة، قد يستغرق ثلاث سنوات.




 لم يخف العميد الركن الدكتور هشام جابر مخاوفه من هذه الحادثة، معتبراً  أن على الجيش أن يبذل قصارى جهده للسيطرة على أمن الحدود. فخطاب "أبو مالك التلة" الذي دعا فيه عناصر "هيئة تحرير الشام" للانتشار على الحدود اللّبنانية السّورية، يتطلب كثيراً من الوعي والحذر.




وفقاً لجابر، على الحكومة اللّبنانية أن تستوضح تفاصيل هذا الانتشار، بما أنها على تواصل مع الإدارة السورية الجديدة، وفي حال كان يُقصد بهذا الانتشار الوجود على المعابر الشرعية أيضاً، يجب عدم الاستهتار بالنوايا لأن الخطر لن يكون بعيداً. لذلك لا بدّ أن يدقق الأمن العام اللّبناني في انتماءات الذين يتولّون الانتشار على الحدود، حفاظاً على سلامة اللّبنانيين الذين يزورون سوريا.




حذّر جابر الدولة اللبنانية من إمكانية تزايد حوادث الخطف والقتل وتسلّل مسلّحين إلى الأراضي اللبنانية في حال لم تكثّف الحكومة جهودها لضبط الوضع جدّياً. بالتوازي، استبعد جابر وقوع معارك على الحدود مع مجموعات مسلحة شبيهة بـ "فجر الجرود"، ولكن الأمر قد لا يخلو من بعض المناوشات مع مجموعات مسلّحة متفلّتة.




من المرجّح أن تنعكس المماطلة في إقامة نظام جديد في سوريا على لبنان، عبر إمكانية إنعاش نشاط خلايا نائمة واستمرار تدفق النّازحين السّوريين إلى لبنان، الأمر الذي يتطلب وعي القوى الأمنية وإبقاء أعينها مفتوحة على المعابر كافة.