بعد جولته العربية الأسبوع الماضي، حلّ وفد الإدارة السورية الجديدة برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، ضيفاً على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الداعم الأكبر والراعي الأوّل للسلطات الجديدة في دمشق، بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في المجمع الرئاسي التركي في أنقرة أمس.
وذكرت الرئاسة التركية أن أردوغان استقبل الشيباني ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات السوري أنس خطاب، موضحة أن اللقاء تناول آخر المستجدات في سوريا والخطوات التي ستُتخذ للحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وأشار أردوغان خلال اللقاء إلى الدمار الكبير الذي خلفه نظام بشار الأسد المخلوع، مؤكداً أن تركيا ستدعم تلبية الاحتياجات العاجلة للشعب السوري الشقيق والأعمال المتعلّقة بإعادة إعمار البلاد. ولفت إلى أهمية رفع العقوبات الدولية عن سوريا، مشدّداً على أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا، بحسب وكالة "الأناضول".
من جهته، شدّد الشيباني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع فيدان على أن الإدارة السورية الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا، مؤكداً أهمية "وحدة الأراضي السورية"، كما أعرب عن رغبة بلاده في أن تكون "كلّ الأراضي الخاضعة لحكومتنا المركزية تحت سقف واحد"، فيما كشف فيدان أن القنصلية التركية في حلب ستبدأ عملها الإثنين المقبل، مشيراً إلى أن رحلات الخطوط الجوية التركية ستتحرّك إلى سوريا قريباً. وأكد استعداد بلاده لتقديم الدعم للإدارة السورية الجديدة في إدارة معسكرات تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلاد.
في السياق، حذر أردوغان خلال كلمة له في البرلمان التركي من أن أنقرة لديها القوّة والقدرة على "سحق" كلّ التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمَن فيهم مقاتلو "الدولة الإسلامية" والمقاتلون الكرد، حاضاً كلّ الدول على "رفع أيديها" عن سوريا. واعتبر أن مسلّحي "وحدات حماية الشعب" الكردية يُمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن، متوعداً بأن الجماعة لن تتمكّن من الإفلات من نهايتها المحتومة ما لم تلقِ سلاحها.
توازياً، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في أوّل زيارة له إلى دمشق، حيث التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، إلى مصالحة وطنية في سوريا لضمان تحقق العدالة في ما يتعلّق بجرائم ارتُكبت على مدى العقود الخمسة الماضية التي حكمت فيها عائلة الأسد البلاد.
وأشار تورك إلى أن "العدالة الانتقالية تشكّل أهمية بالغة مع مضي سوريا قدماً، إذ الانتقام والثأر ليسا الحلّ أبداً، بل يجب أن تكون هناك عملية وطنية بالكامل إلى جانب مداواة جراح الصراع وكشف حقائق ومصالحة"، موضحاً أن مثل هذه العملية من شأنها أن تعالج "أخطاء الماضي التي ارتكبتها كافة الأطراف في سوريا على مدى العقود الخمسة الماضية". وأكد أن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وثّق عن بُعد أدلة على جرائم ارتكبت في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011 وسيُعمل مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في شأنها.
ولفت تورك إلى أن بعض السوريين ما زالوا غير قادرين على العودة إلى ديارهم بسبب "الإجراءات الديموغرافية" التي جرّدتهم من أراضيهم وحقوقهم في الملكية، مشدّداً على أن "حجم الجرائم الفظيعة لا يُمكن تصديقه حقاً". وكشف أنه سمع "تصريحات إيجابية" من الإدارة السورية الجديدة، حيث أكد له الشرع احترام الإدارة لحقوق الإنسان. ودعا تورك المجتمع الدولي إلى إعادة النظر بشكل عاجل في العقوبات ورفعها، مشيراً إلى أنها تؤثر على جميع السوريين.
ميدانياً، بدأ الأمن العام السوري، بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية، "حملة أمنية ضد فلول النظام السابق في منطقة قمحانة في ريف حماة الشمالي". ونقل "تلفزيون سوريا" عن مصادر أمنية قولها إن الحملة تستهدف عناصر "فوج الطراميح" التابع لـ"الفرقة 25"، الذين رفضوا تسليم أسلحتهم وإجراء التسوية ويُعدّون من أكثر الوحدات التي أوغلت في دماء الشعب السوري، مشيرة إلى أن الأمن العام تمكّن من ضبط مستودع أسلحة وذخائر واعتقال عدد من عناصر "فوج الطراميح".