وسط كل هالوضع "الدراماتيك" بلبنان، بعد في شي "فنتاستيك" نحكي فيه؟ أكيد في... الفن! لهيك رح ناخد هدنة مع الممثل ايلي متري، لندردش سوا عن قصص "فن- تاستيك" بحياتو.
- إيلي، قبل ما تكون ممثّل "فنتاستيك"، إنت شخصية "أوريجينال". جرأة، هضامة، أفكار خارجة عن المألوف وأسلوب غير تقليدي. هالشخصيّة عم تكون نقطة إيجابية بحياتك أو سلبية؟
للناس اللي متلي، وبحب يكونوا حولي، شخصيتي بتكون إيجابية كتير. أما العالم اللي مش متلي، وبيزعجوهن عادةً الشخصيات اللي متلي، فطبعاً شخصيتي بالنسبة إلهن سلبيّة. بس الإيجابي بالموضوع إنو هالناس ما إلي جلادة كون حدّن، لهيك بتفاداهم.
- إنت من مواليد 1980، يعني خلقت وكبرت بالحرب. هل في محطة "فنتاستيك" بعدك بتتذكّرها من مرحلة الطفولة، بعالم "دراماتيك" عالآخر من حولك؟
فترة طفولتي إيام الحرب، كنّا ساكنين بمنطقة النبعة المكتظة سكانياً، وطبعاً كنّا نعيش فترات خوف واركضوا عالملجأ، وإذا ما في ملجأ، نركض على بيت عمّي، مع عمّاتي والجيران، يعني شي 30 شخص ببيت واحد. وسط كل هالتوتّر كانت تمرق لحظة تتكرّر دايماً، هيّي لحظة يوم الهدنة. بهاليوم إذا وقفتي وراقبتي الشارع، بتشوفي المشهد التالي: أولاد عم يلعبوا حرب، وصبايا "teen-agers" عم يلعبوا راكيت، ونسوان عالبلاكين، عينن على ولادن هني وعم بيفقّوا بزر ويتحدثوا، ورجال بالشارع عم يشربوا قهوة ويدخّنوا. وكان جار بيت عمي يحطّ تلفزيون صغير بنصّ الشارع ويوصلو ببطّارية السيارة لأنو الكهربا مقطوعة. هالمشهد اللي كان يتكرّر بطفولتي، انربط بدماغي كصورة "فنتاستيك" عن الهدنة.
- بالتمانينات، هالمشهد كان بمثابة نَفَس أوكسيجين بالنسبة إلك. برمضان 2025 رح نشوفك بمسلسل "نَفَس". لمّا تكون مخنوق ومعنوياتك بالأرض، شو بتعمل عادةً لتاخد نَفَس؟
بقعد وحدي. بلاقيها صعبة إنو حدا تاني يقدر يعلّيلي معنويّاتي. دماغي بيشتغل بطريقة لازم كون فيها لحالي، رخّي أعصابي، فضّي دماغي من كل شي، حتى من المشكلة اللي مقشّطتلي معنوياتي، بعدين بصير شرِّح المشكلة وحلِّلها شقفة، شقفة، للاقي حلّ، وساعتها بتبلّش تعلا المعنويات. كنت بحب جاوب "سكس" بس لأ، الجنس بحاجة لشخصين، فما بتزبط هالطريقة مع دماغي. لازم كون لحالي. من قبل، كان في مطرح بفيطرون، صخرة كتير كبيرة قد بناية، نايمة ومشقوقة بالنص. كنت إطلع إقعد وحدي على هالصخرة شي تلات إيام.
- بتحبّ العزلة وقدّمت دَور القديس الناسك شربل بالسينما. وشاركت كمان بمسلسلات ناجحة متل "الخائن"، "لا حكم عليه"، "العودة" وغيرن. الجمهور اللبناني اعتبرك "فنتاستيك" بمسلسل " ع أمل"، إنت أي دور بتحسّو "فنتاستيك" بمسيرتك؟
انبسطت واستمتعت جدّاً بأداء دور القديس شربل هوّي وشاب. مش لأنو دور مرتبط بشخصية دينية، أبداً مش هيك، وأنا مش شخص متديّن. بس حبيّت كيف لعبنا على الإنسان اللي بعدين صار قديس. عادةً صورة القديس براس العالم هي صورة شخص خاشع، عيونو عم تطلّع بالسما، وإيديه مضبوبين على بعضن وعم يتضرّع لالله .بس كيف كان قبل ما يوصل لهون، وشو اللي وصّلو لهون، هيدي هيي الطريقة اللي لعبت فيها الشخصية، وخلّت الدور يكون "فنتاستيك" بالنسبة إلي. هالطريقة كانت جديدة وخطرة، لأنّو مش سهل تفرجي الناس صورة الإنسان المختلفة يمكن عن الصورة المطبوعة براسن عن القديس، وتخلّيهن يتقبّلوها.
- وأي دَور بتحلم تقدّمو شي يوم؟
ما بعرف ليه عبالي قدّم شخصية "serial killer" (قاتل متسلسل). عبالي إلعب دَور حدا حاقد عالكائن البشري لدرجة إنّو بياخد كل وقتو بالتحضير للجريمة، وبيتلذّذ بكلّ شخص عم بيعذّبو قبل ما يقتلو… "?and guess what"، كل الضحايا من السياسيين. هيدا "فنتاسم" عندي ياه، وبضمن إذا انعمل، يجيب مشاهدات عظيمة.
- من مار شربل لقاتل متسلسل، يعني الفرق شاسع، بس إنت قدّمت كمان أدوار الحبّيب والعاشق. أي ممثلة بتحبّ تشاركها بطولة عمل فني، وبتحسّ ممكن تشكلوا ثنائي "فنتاستيك" سوا؟
بستمتع كتير كتير لما إلعب مع ديامان بو عبود،وجداً جداً جداً مع ليزا دبس، وكمان مع زينة مكّي، وأأأخ قديش استمتعت لمّا لعبت مع سيرينا شامي، وهلأ عم بستمتع باللعب مع رشا بلال بمسلسل "نَفَس". أما بخصوص أي ممثلة بتمنى شاركها ديو "فنتاستيك"، رح خبّرك "فنتاسم" بحب طبّقو بالحياة، و بتمنى إلعبو بش فيلم كمان: كون مجوّز كيرا نايتلي وعم خونا مع مونيكا بلوتشي.
- هيدا "فنتاسم فنتاستيك". وع سيرة الثنائيات الـ "فنتاستيك"، قدّمت مع باتريسيا نمّور مسرحية رائعة "روح روحي" سنة 2019. شو الميزة الرائعة بالمسرح برأيك؟
رح بلّش مع باتريسيا نمّور لقول إنها ممثلة فظيعة خسرتها الدراما. ليش؟ لأنو أصعب شي عالمسرح لمّا تكوني بدّك تقدّمي أداء واقعي وطبيعي متل بالتلفزيون والسينما، وتوَصّلي بذات الوقت إحساسك لآخر شخص قاعد 30 متر بعيد عن المسرح، من دون أي مبالغة. باتريسيا نمّور عندا هيدي المقدرة المَهولة، وطالما قادرة تعملها عالمسرح، عم تتخايلي شو ممكن تعطي بمسلسل أو فيلم؟وبالعودة لسؤالك، المسرح هو قمّة النشوة الفنّية عند الممثل. ليش عنا هَوَس فيه، ومنلاقيه هالقد "فنتاستيك"، وليش كل ممثل بتسأليه شو بتفضّل بيقلّك المسرح؟ لأنّو عالمسرح ممنوع الغلط، وبما إنو نحنا الممثلين كائنات أقرب لدير الصليب من الناس العادية، ما منحبّ القصص السهلة، وما درسنا بالجامعة لنختار السهل، منعشق الأدوار الصعبة اللي بتَّعّبنا، وبتخلّينا نحسّ باللذة. لمّا يكون الأداء عالمسرح لمدّة ساعة ونص تقريباً من دون ولا غلطة، بيخلص الممثل مع كميّة من الدوبامين (هرمون موجود بجسم الإنسان، وبيعزّز من الشعور بالسعادة) بجسمو، بتخلّيه يركض على عكار ويرجع. هيدا سرّ ألوهية المسرح مقارنةً بالتلفزيون والسينما.
- بالسينما قدّمت أفلام "فنتاستيك" متل "فلافل" و "شتي يا دني" و "وينن" و "أرض الوهم"، وأفلام أقل "فنتاستيكية" متل "مهراجا" و "ماكس وعنتر". شو معيار قبولك لدَور بالسينما؟
أنا بستمتع بالأفلام اللّي بتطرح أفكار جدّية وعميقة، متل ما بستمتع بأفلام تجارية. للأسف في مين بيصنّف الفيلم الكوميدي فيلم تجاري، مع إنو مش صحيح وممكن يطرح أفكار كتير قوبة. أنا بحبّ إشتغل كل أنواع السينما، عَشرط إنو من لحظة ما إقرا النص وشوف التحضيرات، حسّ إنو هالفيلم ممكن يوصّل لنتيجة جيدة. ولكن خيبات الأمل ضرورية بالحياة لتربّيكي، وشي لا مفر منه. قد ما تكوني عم تشتغلي صح حتى تبني حَيْط متين، في إحتمال ما يطلع متين لأنو مش وحدك عم تعمّري هالحيط.
- ع سيرة فيلم "فلافل" اللي قدّمتو ببداياتك ، بتحب الفلافل؟ وأي أكلة بتعدِّلك مزاجك عادةً؟
بِعبَد الفلافل. يااااي شو طيّب هيدا القرص. ولكن أنا ما بحبّ الطراطور. وقت اللي ابتدا عرض فيلم فلافل بالـ 2006-2007، فتت ع محل فلافل عالدورة وطلبت سندويش بمايونيز بدل الطراطور. "طرقني صاحب المحلّ نظرة" وقال لي "بروم بأرضك وطلاع لبرّا. مقابيلك في كذا محل فلافل، روح قلّن يعملولك سندويش بمايونيز". نعم، كحشني من المحل، ومن يومها بشتري دزينة فلافل وبطلع عالبيت باكلهم مع مايونيز، ومن دون ما اتبهدل. في "dessert" كمان بيعدّلي مزاجي فوراً ، هوّي رزّ بحليب. لو شو ما كان صاير، ولو عندي ٤ إجرين مقطوشين، أوّل ما تعطيني كاسةْ رز بحليب، بترجع الحياة "la vie en rose".
- ومين الشخص اللي بيرفعلك معنوياتك وبيخلّي حياتك "la vie en rose"؟
بالرغم من كلّ كليشيهات الجواب، بس الشخص الوحيد اللي قدر كسرلي فكرة إنو ما حدا بيرفعلي معنوياتي غيري أنا، وما حدا بيحكّ جلدك غير ضفرك ،هيّي بنتي. شو ما كان صاير معي، لو قد ما كون تعبان او معصّب، تطليعة غنج منها، بيصير متل إجري الكوكب كلّو وكل شي عم بيصير عليه. طالما بنتي عم تبتسم، ما حدا بيقدر يهزّلي معنوياتي. لذيذ هيدا الإحساس، بس غريب.
- أخيراً، السياسيين بلبنان مش عَ زوقك. طيّب شو الشي اللّي بتلاقيه "فنتاستيك" بلبنان رغم كل مشاكلو؟
لبنان "فنتاستيك"، مش لأنّو شعبو صامد ولا لأنّو عندو إيمان بوطنو (أصلاً اللبناني ما عندو إيمان بلبنان)، ولا لأنّو شغلة المُنتَخبين يهتمّوا فيه (لأنّو برفض إستعمل كلمة المسؤولين لأشخاص عديمي المسؤولية، ولا كلمة زعما لأشخاص واجبهم يخدموا الشعب) ولا حتى نخوة اللبناني. أنا بقول إنّو حسّ الطرافة والسخرية اللي بيتمتّع فيها اللبناني هي اللّي مخلّاية البلد "فنتاستيك" وواقف على إجريه. تحليلي البسيكولوجي ممكن يكون غبي أو نابغة، وبيقول: قد ما أكل الشعب اللبناني قتل، قد ما انبخع وانخان من القريب والغريب ومن جوّا وبرّا مراراً وتكراراً، اتطوّر عندو خلل وظيفي نفسي، نتج عنه السخرية. هالسخرية بيستعملها حتى ما يبكي وحتى يخفي قلقو من الموت وخيبتو الدايمة ووجعو اللي نمّل قد ما صار عايشو، وإحساسو اللي تخدّر تجاه كل الأحاسيس اللي مش مفروض تكون بسيطة. هالسخرية وحسّ الطرافة اللاذعة والنقدية هي ردّ فعل الشعب اللبناني للدفاع عن نفسو. على مستوى الشعب كلّو هيي اللي عاطية إنطباع انو نحنا شعب صامد .الصمود شي مختلف عن حالتنا. كلمة شعب جبّار مختلفة عن حالتنا. نحنا شعب قد ما تخاوينا مع الموت، صرنا منسحسحلو متل ما بيسحسحلنا. قد ما خاب أملنا بناس كنّا متأملين ينقذونا، صرنا لمّا تجي خيبة الامل، بدل ما ننهار ونحط راسنا بالارض ونبكي، منصير نضحك ومنفتح قنينة بيرة وخلصت. شو مخلّي لبنان "فنتاستيك"؟ أمراضنا النفسية.