على مدى أربعين عاماً|، أُنهِكَ الشعب اللبناني بفسادٍ ممنهج، وسلطةٍ تتوارث الفشل كما تتوارث المناصب، وتحالفاتٍ سياسية تُغيّر ولاءاتها وفق مصالحها الخاصة، بينما ينهار الاقتصاد، يهاجر الشباب، وتُطمَس أحلام الناس تحت أقدام زعماء لا يرون إلا كراسيهم.
اليوم، يقف لبنان على مفترق طرق جديد، حيث يحاول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ ما تبقى من هذا البلد المنهك. لكن مع كلّ خطوةٍ نحو الإصلاح، يزداد تكالب القوى الفاسدة للحفاظ على مكاسبها غير المشروعة، مستخدمةً أساليب الابتزاز، والعرقلة، والتعطيل الممنهج.
إنها منظومة الفشل نفسها التي تعرقل الإصلاح. لا تخضعوا للضغوط.
الشعب اللبناني لم يعد لديه ما يخسره. الجوع، الفقر، القهر، الهجرة، كلها أصبحت واقعًا يوميًا. لكن الأمل لا يزال قائمًا، والفرصة لم تضع بالكامل. على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن يثبتا أمام هذا الواقع المرّ، ألا ينحنيا أمام الابتزاز السياسي، وألا يسمحا للفاسدين بعرقلة الحكومة الجديدة.
المعركة مستمرة، ولا عودة إلى الوراء. لا مجال للتردّد ولا للخضوع. لا مكان لأنصاف الحلول أو للترضيات. البلد يحترق، واللبنانيون بحاجة إلى قيادة لا تخشى المواجهة، لا تساوم على المبادئ، ولا تقف مكتوفة الأيدي أمام القهر والنهب والتدمير المنظّم.
الرأي العام لا يريد حكومة تسويات على حساب مستقبله، ولا يريد دولةً تُدار وفق منطق الزبائنية والصفقات. بل يريد دولةً يحكمها القانون، وزراءً أكفاء، إصلاحًا حقيقيًا، وحياةً كريمة.
هذه اللحظة الفاصلة التي ستحدّد مصير البلد، فإما أن تُكسر دائرة الابتزاز، وإما أن يسقط لبنان نهائياً في قبضة الفساد. لا تسوية مع القتلة السياسيين، لا شراكة مع ناهبي الدولة، لا خوف من المواجهة. ليكن الردّ واضحًا وحاسمًا: إما بناء الدولة، أو محاسبة كل من دمّرها.
لن يسقط لبنان، بل سيسقط من دمّره!
لبنان أوّلاّ، لبنان فقط.