"الطوفان" يطيح هاليفي من قيادة الجيش الإسرائيلي

إسرائيل تُشعل جنين بـ "السور الحديدي"

مسعف فلسطيني يُنسّق مع جندي إسرائيلي في جنين أمس (رويترز)

بعد يومين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ، شنّت قوات إسرائيلية مدعومة بطائرات هليكوبتر "عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمّة" في مدينة جنين في الضفة الغربية أمس، أُطلق عليها اسم عملية "السور الحديدي"، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تحدّث عن التحرّك "بشكل منهجي وحازم ضدّ المحور الإيراني أينما مدّ ذراعيه، في غزة ولبنان وسوريا واليمن، ويهودا والسامرة (الضفة الغربية)"، مؤكداً أنه "لا يزال أمامنا الكثير لتحقيقه"، فيما اعتبر مراقبون أن تل أبيب انتقلت إلى وضعية عسكرية هجومية أكثر شراسة في الضفة للتعامل مع تعاظم قوّة المقاتلين الفلسطينيين، خصوصاً في جنين، ولإرضاء وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لكي يبقى شريكاً في حكومة نتنياهو.


وفي وقت أشعلت فيه "السور الحديدي" جنين، حيث سجّلت اشتباكات ضارية، ذكر الجيش الإسرائيلي أن جنوداً وفرقاً من الشرطة وأجهزة الاستخبارات بدأت "عملية لمكافحة الإرهاب" في جنين. ومع بدء العملية انسحبت قوات الأمن الفلسطينية، التي أُصيب عدد من أفرادها، من المخيم الذي سُمع فيه دوي إطلاق نار كثيف. وأفادت السلطات الفلسطينية بأن ثمانية فلسطينيين على الأقل قُتلوا وأصيب حوالى 35 آخرين، بينما دعت حركة "حماس" الفلسطينيين في الضفة إلى "النفير العام وتصعيد الاشتباك مع القوات الإسرائيلية". وتوعّد رئيس "حماس" في الضفة زاهر جبارين خلال حديث لـ "الجزيرة" بأن الحركة "ستهزم نتنياهو في الضفة كما هزمته في غزة".


ويتخوّف المراقبون من أن تتحوّل الضفة إلى "غزة ثانية" بعدما تنفس القطاع الصعداء أخيراً، إذ كشف سموتريتش أن العملية هي بداية "حملة قوية ومتواصلة" على الجماعات المسلّحة "من أجل حماية المستوطنات والمستوطنين". كما رحّب بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بالعنف ضدّ الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه يتطلّع إلى التعاون مع الإدارة الجديدة في توسيع المستوطنات.


وبعد 15 شهراً من عملية 7 أكتوبر، بدأ "طوفان الأقصى"، الذي جرف معه قادة من "محور الممانعة"، يطيح القيادات العسكرية الإسرائيلية، بحيث كشف رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أنه سيستقيل من منصبه في 6 آذار المقبل، معترفاً بمسؤوليته عن "الفشل الذريع" الذي حدث في 7 أكتوبر. وأكد أنه سيستكمل التحقيقات التي يُجريها الجيش في الهجوم وسيعمل على تعزيز جهوزية القوات لمواجهة التحديات الأمنية. كما أفاد قائد القيادة الجنوبية للجيش الميجر جنرال يارون فينكلمان بأنه سيستقيل أيضاً.


وسارع زعماء أحزاب المعارضة الإسرائيلية في الكنيست إلى دعوة نتنياهو إلى اتّباع مثال هاليفي والاستقالة، إذ رأى زعيم المعارضة يائير لابيد أن الوقت حان "ليتحمّل رئيس الوزراء وحكومته الكارثية بأكملها المسؤولية ويستقيلوا". كما دعا رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إلى "استقالة رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة الآخرين".


أمّا على صعيد وقف النار في غزة، فأكد مكتب إعلام الأسرى التابع لـ "حماس" أن موعد تنفيذ تبادل الدفعة الثانية من السجناء والرهائن مع إسرائيل، هو السبت المقبل وليس الأحد. وأوضح أنه "بحسب نص الاتفاق، في اليوم السابع من إطلاق الدفعة الأولى يُطلق سراح الدفعة الثانية"، مشيراً إلى اختلاف في تفسير بند الاتفاق المتعلّق بهذه القضية.


توازياً، أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن فرحه بـ "إطلاق سراح الرهائن الثلاث في غزة"، وأمل في "أن يعود المزيد"، لافتاً إلى أن "هناك أملاً في تحقيق السلام في المنطقة"، في وقت رأى فيه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان من "دافوس" أن إدارة ترامب لا تسهم في خطر اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران التي "نحاول تجنبها قدر الإمكان"، مشيراً إلى أنه على إيران أن تكون إيجابية تجاه وقف النار في قطاع غزة وأن تدعم الاتفاق". وأمل في أن يُقابَل نهج ترامب تجاه إيران باستعداد طهران للتعامل بشكل إيجابي مع الإدارة الأميركية ومعالجة قضية برنامجها النووي.


إلى ذلك، أمل رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من "دافوس" في أن تعود السلطة الفلسطينية لإدارة غزة بمجرّد انتهاء الحرب مع إسرائيل، لكنه شدّد على أنه "ينبغي لسكان غزة، وليس أي بلد آخر، أن يُقرّروا الطريقة التي سيُحكم بها القطاع". وأوضح أن "المفاوضات مستمرّة في شأن المرحلة الثانية من الاتفاق ونأمل ألّا تكون بصعوبة المرحلة الأولى"، مشيراً إلى أن "المرحلة الثانية ستعالج ملف إعادة إعمار غزة"، بينما شكر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عبد الرحمن على جهوده في إبرام الاتفاق، مؤكداً التزامه بمراحل الاتفاق.