شربل لبكي

مسلسل تركي "باللبناني" و "MTV" تفوز بالرّهان

هكذا يُسجّل " فريد" قبلاته في النسخة اللبنانيّة المدبلجة

لطالما كان استخدام اللهجة اللبنانيّة، أو "اللغة اللبنانيّة" كما يحلو للبعض تسميتها، في الأعمال الفنيّة والأدبيّة والثقافيّة المحليّة مثار جدل ونقاش بين صنّاع هذه الأعمال والنقّاد. ثمّة من يراها سهلة الفهم بالنسبة لجمهور الدول العربيّة، وآخرون يتحجّجون بصعوبة مفرداتها فيتجنّبونها في الانتاجات الدراميّة، وحتى في الأغنيات.


ليس جديداً استخدام المحكيّة اللبنانية في دبلجة الأعمال المشهديّة الأجنبيّة، خصوصاً في أفلام الكرتون الخاصّة بالصغار. لكن اعتماد العاميّة في دبلجة المسلسلات الدراميّة الخاصّة للكبار بقيت خجولة جدّاً، إلى أنْ قرّرت إدارة "MTV" تبنّي هذا التحدّي، فكان "فريد" على شاشتها.  


يتابع مشاهدو "MTV" بشغف يومياً ما عدا الخميس، الساعة 8:40 مساءً، مسلسل "الطائر الرفراف"، أو "فريد" بموسمه الأول، وبدبلجة تعتمد العاميّة اللبنانية.


المسلسل التركي تدور أحداثه حول شاب في منتصف العمر، معروف بسلوكه المتهوّر غير المسؤول وعلاقاته المتعددة مع الفتيات. فريد هو حفيد "خالص آغا"، إحدى الشخصيات البارزة في عنتاب. تزداد الشكاوى التي تصل إلى الجدّ حول تصرّفات حفيده، ما يدفعه لاتخاذ قرار حاسم بتزويجه من "سيران"، فتاة من عائلة مرموقة وقريبة له. من هنا تبدأ سلسلة من الأحداث المثيرة والمليئة بالتشويق.



أصوات نعرفها

الأصوات المؤدية لشخصيّات المسلسل راسخة في آذاننا منذ صغرنا. اعتدنا سماع العديد منها في المسلسلات المكسيكية المدبلجة إلى العربية الفصحى، أو في برامج وأفلام الكرتون الشهيرة. العديد من هؤلاء الممثلين يؤدّون في "فريد" أدوارهم باللبنانية المحكية. أبرزهم، الممثلون خالد السيد، روزي الخولي، ميري ابي جرجس، حسن حمدان، روزي اليازجي، سعد حمدان، أسعد حطّاب، سهير ناصر الدين، جمانة الزنجي، سوسن عواد، حسّان حمدان، ابراهيم ماضي، أسمهان بيطار، سمير ناصر، جمال حمدان، وفاء شرارة، فاتن أبو رجيلي، وعلي طحّان.



خالد "الآغا"

"المهمّ في الدوبلاج أن توصل للمُشاهد الدبلجة بالطريقة الصحيحة"، يقول الممثّل خالد السيّد لـ "نداء الوطن". ويضيف: "نحن أول من قدّم الدبلجة زمن "تلفزيون لبنان" بالأسود والأبيض، كان هناك مسلسل عنوانه "الهارب". من بعده دبلجنا مسلسلات الكرتون مثل "سندباد" و "زينة ونحوّل" وغيرها، لكن بالعربيّة الفصحى". يتابع السيّد "حين يتعلق المُشاهد بقصة المسلسل والأداء والشخصيات، يعتاد سريعاً على اللهجة اللبنانية". أما عن رأيه بالنتيجة التي خرج بها العمل فيقول: "لا أشاهد نفسي ولا أحبّ أن أسمع صوتي، حتى أدواري لا أتابعها، لكنّني أتطلع دائماً الى رأي الجمهور".


يركّز السيّد على أهميّة تحضير الممثل لدوره في الدوبلاج، "الدبلجة ليست بالأمر السهل، فعلى المؤدي أن يعي عمل الدبلجة وتحضير المشهد ودراسة الشخصية وتقديم انفعالاتها ونبرة الصوت اللازمة". ويختم معلقاً على الانتقادات "مخطئ من لا يحفّز على استخدام الدبلجة اللبنانية، لأننا ننتقل اليوم إلى مرحلة جديدة، لكنّ المُشاهد قد يحتاج مزيداً من الوقت حتى يعتاد عليها".



لهجتنا مطلوبة

يستعيد الممثل سعد حمدان مؤدي شخصية "أورهان" والد "فريد" في المسلسل، محاولات الدبلجة اللبنانية السابقة قائلاً إنها "لم تستمرّ بسبب استحواذ السوق العربي على الأعمال المدبلجة باللغة العامية السورية نتيجة انتشار الدراما السورية واعتياد الأذن على اللهجة السورية"، ويعيد حمدان الإقبال على اللهجة اللبنانية مؤخراً إلى "وضع الدراما اللبنانيّة على السكة الصحيحة من خلال شركات الإنتاج الكبيرة. فقد أصبحت اللهجة اللبنانية منتشرة ومطلوبة في العالم العربي، إن بفضل أغنيات المطربين اللبنانيين أو عن طريق المسلسلات، لذلك جاء مسلسل "فريد" أحد أهم الإنتاجات التركية بالمحكيّة اللبنانيّة".


سبب نجاح الدبلجة اللبنانية بحسب حمدان "أنّ المدبلجين يمثّلون الحالة بطبيعتها ولا يلجأون إلى التلحين في أدائهم، كما أنّ معظم الذين يؤدون الأدوار المدبلجة هم ممثلون أيضاً، بالتالي هم قادرون على منح الإحساس في الأداء أكثر من المدبلجين غير الممثلين".


حمدان هنّأ شركة "Filmali Productions" على "الإعداد واختيار الفريق الناجح جداً الذي يليق بالشخصيات وأصواتها، مثل صوت خالد السيد الجهوري الذي يليق بدور وشكل الآغا وكذلك سيران وفريد وغيرهم".


أما الانتقادات فيردّ عليها الممثل سعد حمدان بالقول لـ "نداء الوطن" إنّ "من يعتبر الدبلجة اللبنانية غير ناجحة مخطئ ولا يفهم بالدوبلاج، وكخبير بهذه المهنة أقول لا نحتاج الكثير بل قطعنا الكثير"، معتبراً أنّ لبنان كان رائداً في صناعة الدوبلاج من أيام مسلسليْ "ماريا مرسيدس" و "أنت أو لا أحد" وما قبلهما، لكنّ الحرب قضت على هذه الخصوصيّة. أما اليوم فالسوق يتّسع للجميع ومن يقدّم الأفضل نهنّئه سواء كان سورياً أو لبنانياً أو مصرياً أو أردنياً، فنحن نقدّم فنًا ونتعلّم من بعضنا البعض" .


وختم كلامه موجّهاً رسالة إلى المنتجين "أتمنّى أن يكون "فريد" فاتحة خير لشركات الإنتاج وأن تختار الدبلجة باللهجة اللبنانية".



شخصيّة صعبة ومركّبة

أما الممثل حسّان حمدان، مؤدّي صوت "فريد"، فيتابع بعض آراء مشاهدي المسلسل على مواقع التواصل الإجتماعي، بتصالح. "بعضهم أحبّ وبعضهم الآخر لم يحبّ وآخرون مستغربون، وهذا أمر طبيعي ولكنني أحاول تقديم أفضل ما لدي".


يستعيد حمدان في حديثه إلى "نداء الوطن" بداية إسناد الدور إليه وتفاصيل التحضير للشخصية، فيقول "تابعتُ قليلاً بعض الحلقات من النسخة الأصلية حتى أشاهد كيف أدى الممثل الشخصية وكيف طوّرها في الحلقات التالية وتقدّمت معه في الأداء". ويضيف "المسؤولية كبيرة خصوصاً أنّ الدور هو بطولة في مسلسل شهير، وسيُعرض على شاشة "MTV" وقت الذروة، وسبق أن دُبلج باللهجة السورية ونجح. لذلك كان من الواجب أن أقدّم أداءً على قدر المستوى، لذا كان الأمر تحدّياً بالنسبة لي". ويرى حمدان أنّ "المشاهدين الذين شاهدوا الشخصية باللهجة السورية سيحتاجون بالطبع إلى وقت طويل حتى يعتادوا اللّهجة اللّبنانية. أما من لم يشاهد المسلسل سابقاً فقد أُعجب به". ويلفت حمدان إلى أنّ "الدوبلاج اللبناني من الضروري أن يُعطى مساحة على الشاشات لأنّ هناك ممثلين لبنانيين يجيدون الدوبلاج بقدرات عالية".


أما عن شخصيّة فريد فيصفها حسّان حمدان بالصعبة جدّاً والمركّبة وفيها "العديد من التحدّيات بين المشكلات التي يواجهها في حياته وطبيعته كشخص يحبّ المزاح والفكاهة، وهذا المزيج المتقلب صعب جداً في الأداء".


وعن الانتقادات التي طالته في أداء الشخصية يقول: "لكل ممثّل بصمة يضعها في الشخصية، وهذا ما رأيته مناسباً. لكنّني أتقبل جميع الانتقادات مهما اختلفت إنّما أعتبر أنهم تسرّعوا في الحكم عليّ. فبعض من يعرفني يشبّهني بفريد بالشكل أيضاً وهذا دليل إضافي على نجاح اختيار صوتي للشخصيّة".


قبلة الدوبلاج

عن المَشاهد الجريئة في المسلسل يقول حمدان، إنه يتلقّى العديد من التعليقات المضحكة من الأصدقاء، لكن كممثلين علينا أداء أدوارنا مهما كانت. ويضيف "يسألونني أيضاً عن صوت القبلات كيف يتمّ تسجيلها، فأطمئنهم بأنني أقبّل يدي لإطلاق الصوت. طبعاً القبلة في الدوبلاج لا تكون حقيقية بين شخصين!".


تختلف إذاً وجهات النظر حول مسلسل "فريد" المدبلج إلى اللهجة اللبنانية، لكن بالتأكيد مع استمرار بث الحلقات يعتاد المشاهد شيئاً فشيئاً على سماع اللهجة اللبنانية من شفاه ممثلين غير لبنانيّين يرونهم أمامهم على الشاشة الصغيرة، ويتقبّلونها برحابة صدر. وبما أنّ التجربة لم تمرّ مرور الكرام والجدل قائم حولها، فهذا تأكيد أنّ خيار "MTV" كان صائباً، والمحطّة كعادتها فازت مرّة جديدة بالرهان. 



آراء متضاربة


في جولة على مواقع التواصل الإجتماعي لاستطلاع ردود فعل المشاهدين حول دبلجة مسلسل باللهجة اللبنانيّة، تقول نجوى ساسين: "لازم تعرضوا كل ليلة حلقتين، حبّيتو"، فيما يشيد سعد خليل بصوت "سيران" المدبلج بالقول: "صوت سيران باللبناني أقوى من صوتها بالسوري"، ويضيف "كمستمع عراقي هالمرّة اللهجة اللبنانية تفوز".


البعض رأى في المسلسل العديد من المواقف المضحكة التي لم ينجح الدوبلاج اللبناني في إيصالها. إحدى صفحات مواقع التواصل كتبت "لهجتنا بتحبّها الناس نحنا وعم نحكيها بس مش نحنا وعم ندبلج مسلسلات، خصوصي هيك مسلسل حفظتو الناس بالدبلجة السورية". بينما رأى آخرون أنّ المشكلة ليست بالدبلجة اللبنانية بل بأصوات المؤدين. أما عبير ملاعب فتقول: "حبّيت الترجمة العامية اللبنانية زهقنا من غير دبلجات". واعتبر معلّقون أنّ هذه الخطوة إنجاز كبير، فعلّقت حنان أورشيد :"أهم شي مدبلج باللهجة اللبنانية هيدا إنجاز".