نجحت طبقة المتسلطين في أن تزرع تسلطها في عقول ونفوس الناس تخيفها وتسكتها وتجني لقاء هذين الخوف والسكوت أرباحاً سياسية ومادية طائلة. هذه الطبقة المتسلطة الحاكمة تعمل بهدي مصالحها وتراهن على سكوت الشعب ورضوخه للأمر الواقع الذي يفرض حسب الظروف الزمنية والمتحولات الدولية.
طبقة المتسلطين لم تردعها إمكانية المحاسبة الشعبية فتمادت بغيها وتسلطها ظلمت الشعب واستباحت القانون فكان لها الأزلام الذين يثقلون الإدارات ويزيدون أعباء الخزينة وكان لها شركاء في اقتناص ونهب الدولة.
ضاق الشعب ذرعاً فنزل إلى الساحات وخاطب المؤسسات الدولية وطلب العدالة من السماء والأرض.
فكان أن منّت علينا السماء برئيس واعد يحقق الرجاء ورئيس حكومة خلفيته محكمة عدل دولية مهمتها وسمتها تحقيق العدالة والمساواة من ضمن الدساتير ونصوصها.
كانت فرحتنا عظيمة، نحن عبرنا بالكلمة والموقف وعبر الشعب غناء ورقصاً في الساحات.
فرح العالم معنا وتقبلنا التهاني وتسمرنا متابعين التطورات نسيخ السمع للبشائر التي تزيح عن كواهلنا ثقل المعاناة التي استمرت عقوداً وكلفت دماً ودموعاً وجهوداً ستثمر بإذن الله.
أول الصدمات كي لا نقول السقطات كانت دعوة الطبقة السياسية للنهوض بالوطن وانتشاله من التخبط في الوحول التي رمته هي فيها بممارستها المهينة والمذلة والظالمة للوطن والمواطن معاً.
كنا نتوقع أن توضع هذه الطبقة جانباً خارج أي تدخل في السلطة وبعد تأليف الحكومة يبدأ فتح الملفات وتأخذ المحاكمات مداها فمن يدان مكانه السجن، ومن يبرأ يبعد بتهمة شاهد زور شهد وسكت على الارتكابات.
فبدلاً من التأكيد على أن الفرج آتٍ إذ بنا نعود إلى دوامة القبضة الشريرة والدوران في الحلقة المفرغة.
لسنا من هواة اليأس ولا من دعاة التيئيس. نحن من دعاة استعادة زمام المبادرة وتأليف حكومة تشاركية بين شخصيات لامعة بأسمائها من ذوي العلم والاختصاص، وشخصيات محترمة لامعة بمواقفها المحقة والجريئة والمجاهرة، فنحن بحاجة إلى من يعمّر ما دُمّر نحن بحاجة إلى من يتعمق بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وترميم القطاعات كافة من ريعية وإنتاجية. كما نحن بأشد الحاجة إلى إمساك الوطن وأمنه واستقراره بيد من حديد تضبط الجميع، سواء ابن الست وابن الجارية معاً، فكلاهما ممن ارتكبوا المعاصي بحق الوطن ومكانهم السجون.
لم يفت الأوان يا فخامة ودولة الرئيس استعيدا دوركما فرهاننا عليكما.