إيفانا الخوري

تحدّت نكبتها وسط دمار لم يوفر شيئاً

قداس علما الشعب الأول بعد الحرب

من زار علما الشعب قبل الحرب لن يعرفها الآن بعدما سمح الجيش اللّبناني بالدخول إليها. فقد تغيّرت معالم هذه القرية الحدودية بشكل صدم أهلها الذين كادوا الّا يتعرفوا عليها إثر الدمار الهائل والتخريب اللذين لحقا بها.

علما تدق أجراسها والكنائس متضررة

بالرغم من ذلك، تحدّت علما الشعب أمس الأحد الظروف. وأقيم فيها القداس الأول في كنيسة السيدة بعدما انتهت الحرب وآلت إلى ما آلت إليه من خسائر مادية لا تُحتمل.


حاولت علما فرض واقع جديد رغم الظروف السيئة والدمار. فصلّت وأعادت دق أجراسها للحفاظ على ما اعتاد أهلها عليه، فيما لم يألفوا بعد الحالة الجديدة.


لم تسلم كنائس علما الشعب الثلاث من الحرب نتيجة قصف مباشر ومن بينها كنيسة مار الياس التي يبلغ عمرها أكثر من 140 سنة.


دمار من 3 فئات


يقول نائب رئيس بلدية علما الشعب ويليام حداد لـ "نداء الوطن"، إنّ غالبية أهالي البلدة تركوها مع بداية المناوشات قبل سنة. وصمد فيها حوالى 130 من أبنائها رغم الأوضاع السيئة. لكن صمود هؤلاء انتهى في 27 أيلول من العام 2024 فغادروها بعد قصف كثيف وصل إلى الأحياء السكنية ما شكل خطراً كبيراً عليهم، إضافة إلى التهديدات بالإخلاء واستشهاد سيدة. وأشار حداد إلى أنه كان من ضمن آخر المغادرين.


صار ممكناً القول إنّ علما الشعب منكوبة. ويلائم هذا الوصف واقع حال البلدة. يقسّم حداد الدمار في البلدة إلى ثلاث فئات:

الأولى، المنازل المدمرة بشكل كلي ويبلغ عددها 85 منزلاً.


الثانية، المنازل التي تعرضت لقصف مباشر ولحق بها دمار جزئي، يبلغ عددها 265 منزلاً.

الثالثة، تشمل كلّ المنازل المتبقية من أصل 400 منزل، تعرضت للتخريب والتكسير المتعمد.


ولفت نائب رئيس البلدية، إلى بدء عودة الأهالي إلى علما الشعب منذ الإثنين المنصرم. وقال إن عودة الأهالي ستكون بطيئة وخجولة سيما أنّ لا منازل صالحة للسكن في البلدة. وأوضح أنّ من يعودون يفعلون ذلك لتقييم حجم الأضرار في مساكنهم ولسحب ما تبقى من ذكرياتهم. وتوقع أن تنطلق عجلة العودة بشكل أسرع بعد 18 شباط الجاري على اعتبار أنّ الجميع ينتظر استقرار الأوضاع واتضاح الصورة أكثر.


لا كهرباء لا ماء والإنترنت يعاني


يعتقد البعض أنّ الدمار وحده يعيق الأهالي عن العودة. لكن الواقع يحيل السبب إلى البنى التحتية المدمرة بشكل كلي. كما إن المولدات الكهربائية التي تمّ الاعتماد عليها في بداية الحرب، كبديل لكهرباء الدولة المقطوعة، قد نُسفت كلّها وقُطعت الكابلات واستُهدفت الطاقة الشمسية أيضاً.


ولا تبدو الصورة أفضل على صعيد المياه حيث تعاني شبكة البلدة من أضرار هائلة، وأيضاً على صعيد بطء شبكة الإنترنت. وقال حداد: "هذه كلّها مقومات أساسية للعودة وتحتاج مبالغ كبيرة لإصلاحها. إنّ الأهالي بانتظار وصول اللّجان للكشف عن الأضرار حتى يبدأ دفع التعويضات".


خسائر زراعية والمصالح المتضررة

وتطال الخسائر أيضاً الأراضي الزراعية وخصوصاً أشجار الزيتون المعمرة. ولحقت الأضرار كذلك بأكثر من 300  دونم من الأراضي الزراعية إضافة إلى خسارة الأشجار المثمرة وشتول الدخان العربي.


بدورها تعرضت المصالح في علما لأضرار فادحة. ويقول إيلي عيد صاحب فندق " Alma verdi hotel" لـ "نداء الوطن" إنّ الأضرار في الفندق كبيرة للغاية. وفيما كان الفندق يضمّ 19 غرفة، بقي منها أربع غرف فقط لكنها متضررة .


وأوضح أنّ لا قدرة له على البدء بورشة إصلاح وإعمار للفندق بعد سنوات من كورونا والأزمة الاقتصادية والحرب. ولفت إلى أنه إذا لم يحصل على تعويض فسيقتصر الإصلاح على الغرف الأربع المتبقية. وشكا من أنّ أحداً لم يتواصل معه بعد للكشف على الأضرار والتعويض.


ورغم الصورة القاتمة في علما الشعب التي نُكبت إلّا أنّ غالبية الأهالي ينتظرون التعويضات حتى يعودوا إلى أرضهم بوصفها حقهم الطبيعي في الوجود.