عماد موسى

جمهورية المستشارين

لكل عهد رجالُه ومستشاروه. يتراجع عددهم أو يزداد بحسب الحاجة إليهم في موقع القرار الرئاسي، وفي أغلب العهود لا لزوم لمشورتهم ولا لحضورهم ولا لجهودهم. قطعة ديكور يُستغنى عنها كما أي مزهرية أو أي سجادة.


تفوّق الرئيس العماد ميشال عون على أسلافه بعدد مستشاريه. منهم من عينهم في بعبدا كتعويض عن عدم توزيرهم كالسفير عبدالله بو حبيب، إلى أن هجم نصيبه مع نجيب ميقاتي، وقبل بو حبيب ابتسم الحظ لمستشار الرئيس عون للشؤون الدبلوماسية السفير شربل وهبه. حظ يفلق صخرة الغرانيت. سليم جريصاتي طلع من حصة عون بعد حصر إرث متأخر أجراه قاهر المحيطات إميل لحود. فكان مرجعه القانوني ولا مرجع سواه.


جمع "الجنرال" حوله، باقة مستشارين تتقدمهم "غنوجة بيّا" ميراي،


فعيّن مستشاراً أوّل للشؤون الدبلوماسية، ومستشاراً ثانياً للشؤون الخارجية وثالثاً للخليج والجوار ورابعاً لروسيا الاتحادية وخامساً لأميركا وسادساً للشؤون السياسية والعاطفية وسفيراً فوق العادة لدى النظام البعثي الشقيق.


اعتمد عون الاختصاص في "التشكيلة" الاستشارية فعين عميداً، مستشاراً موثوقاً به للشؤون الأمنية الخطيرة، وآخر للشؤون الاقتصادية ونائباً سابقاً للشؤون الصحية، ومهندساً لشؤون الجسور والطرقات ومنظّراً لشؤون الأقليات،أما الشؤون الإعلامية ففيها ثوابت وفيها متحوّلون. وكان عون (الأول) رؤيوياً بتعيين مستشار لشؤون النقل والمرافئ. تقتضي الأمانة التنويه بأن معظم مستشاري الجنرال عملوا معه لسنوات كمتطوعين لوجه الله، آملين أن يفتحها الله بوجههم ويتولوا مناصب وزارية دسمة أو على الأقل مقعداً نيابياً من خلال بوسطة انتخابية.


وفي كل العهود هناك مستشار يدبّج خطابات الرؤساء لإلقائها في المناسبات الوطنية، وهناك معيّنون وهناك متوارثون وهناك مشهد يتكرر: موظفون ومستشارون ومدراء، يغار واحدهما من الآخر، وبيد كل منهم "بلوك نوت" يدونون محاضر اللقاءات بجديّة قل نظيرها في العالم، لتحليل مضامينها وأبعادها الجيوسياسية ونشر زبدتها في الوكالة الوطنية. وجوه مألوفة شاهدناها في واحد من لقاءات الرئيس جوزاف عون. طلّاب مجتهدون يعدون بالكثير.


مقابل تعقيدات تشكيل الحكومة السلامية، سارت وتسير التعيينات العونية بسلاسة مطلقة، استُهلت بتعيين الزميلة نجاة شرف الدين وزني ناطقة باسم الرئاسة كما تم تعيين ثلاثة عمداء متقاعدين، أحدهم لحقيبة "العلاقات الدولية"، كما عُين الـ "تياري السابق" ميشال دو شاداريفيان مستشاراً لرئيس الجمهورية للعلاقات الدبلوماسية. وخارج المشهد هناك غير مستشار مختص بالسياسة والقانون ممن رافقوا الجنرال من اليرزة إلى بعبدا لسنوات ست مبدئياً، واستقروا في مركز القرار، فيما يسعى آخرون ولو لشغل منصب مستشار لشؤون الطاقة البديلة، أو مستشار للشؤون القروية والتراثية، كتعويض معنوي عن خيبات الزمن.