بالتزامن مع استمرار زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الصادرة بحقه مذكرة توقيف من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، لواشنطن، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً الخميس بفرض عقوبات اقتصادية وعقوبات سفر تستهدف الأفراد الذين يساعدون في تحقيقات لـ "الجنائية الدولية" تتعلّق بمواطني الولايات المتحدة أو حلفاء لها مثل إسرائيل، ما أثار تنديدات دولية واسعة النطاق أمس، خصوصاً أن القرار جاء بعد اقتراح ترامب ترحيل الغزيين وتلويحه بإمكانية اعترافه بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية خلال "قمة الريفييرا" الثلثاء، في وقت تستعدّ فيه إسرائيل و"حماس" لإجراء عملية تبادل جديدة اليوم في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من "اتفاق غزة".
وندّدت "الجنائية الدولية" بالعقوبات، مؤكدة أنها "تقف بحزم إلى جانب موظفيها وتتعهد بمواصلة تحقيق العدالة ومنح الأمل لملايين الضحايا الأبرياء للفظائع التي ترتكب في شتى أنحاء العالم، في كلّ الحالات التي تنظر فيها". وشدّدت رئيسة المحكمة توموكو أكاني على أنه "نمتثل للقانون ونرفض أي محاولة للتأثير على استقلالية المحكمة أو تسييس وظيفتها القضائية"، فيما أكدت 79 دولة (ثلثي أعضاء المحكمة) في بيان مشترك، دعمها المستمرّ والثابت لاستقلال المحكمة وحيادها ونزاهتها، محذرة من أن اتخاذ أي تدابير عقابية ضدّ "الجنائية الدولية" سيزيد من خطر الإفلات من العقاب "في أخطر الجرائم" ويقوّض سيادة القانون الدولي. ووافقت فرنسا وألمانيا وبريطانيا على البيان، بينما غابت عن الاجتماع أستراليا وجمهورية التشيك والمجر وإيطاليا.
في المقابل، أشاد نتنياهو بقرار فرض عقوبات على "الجنائية الدولية"، معتبراً إيّاه قراراً "جريئاً" من شأنه أن يحمي سيادة الولايات المتحدة وإسرائيل ضدّ المحكمة التي وصفها بأنها "فاسدة". ورأى أن "الجنائية الدولية لا تملك أي سلطة قضائية أو أساس لشن حرب قانونية ضدّ إسرائيل"، فيما كشف أنه ناقش مع ترامب كيفية منع إيران من الحصول على سلاح نووي وتدمير "حماس" بشكل كامل، مشدّداً على أنه "ليس هناك دولة فلسطينية بعد 7 أكتوبر".
في الغضون، أكد ترامب أنه ليس في عجلة من أمره لتنفيذ خطته للسيطرة على غزة وإعادة تطويرها، بينما شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اتصال هاتفي على رفض تهجير الغزيين. وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالات مكثفة مع عدد من نظرائه العرب بتوجيه من السيسي، شملت وزراء خارجية السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن وغيرها، لتأكيد رفض تهجير الغزيين، في حين جدّد ملك الأردن عبدالله الثاني رفض بلاده مشاريع الضمّ وتهجير سكّان القطاع.
في سياق متصل، أبدت البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، دعمها لعقد قمة عربية طارئة في القاهرة للحفاظ على وقف النار في غزة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، بينما تواترت أنباء عن احتمال عقدها في 27 من الحالي. وأفاد مسؤول في الخارجية الأميركية لوكالة "رويترز" بأن الوزير ماركو روبيو سيزور إسرائيل والسعودية والإمارات وقطر من 13 إلى 18 شباط، موضحاً أن روبيو سيناقش خلال الجولة الأولى له في المنطقة الوضع في غزة، وسيواصل نهج ترامب في محاولة حلحلة الوضع الراهن في المنطقة.
وبعد تأخير سلّط الضوء على هشاشة "اتفاق غزة"، أعلنت "حماس" أسماء ثلاث رهائن إسرائيليين ستطلق سراحهم اليوم مقابل 183 سجيناً فلسطينياً، مشيرة إلى أنها ستسلّم أوهاد بن عامي وإلياهو شرابي وأور ليفي. وأفاد "مكتب إعلام الأسرى" التابع لـ "حماس" بأنه "سيجري الإفراج عن 18 أسيراً محكوماً عليهم بالسجن المؤبّد و54 أسيراً من الأحكام العالية و111 أسيراً من أسرى قطاع غزة الذين جرى اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأوّل"، فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن العمل جار على المرحلة الثانية من الاتفاق، بحيث من المتوقع أن يتوجه مفاوضون إسرائيليون إلى الدوحة اليوم.