كتبت أسرة تحرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالاً اليوم بعنوان "اتفاقات السلام في خطر"، جاء فيه:
خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إخلاء قطاع غزة مشوّهة على كل الصعد، إذ إن التفكير في أن يفرغ الجيش الإسرائيلي قطاع غزة من سكّانه، وينقلهم إلى مصر والأردن ودول أخرى، ثم يقدّم القطاع إلى الولايات المتحدة نقيّة من الناس كقطعة أرض بور كبيرة لبناء "ريفييرا" أميركية فيها للشرق الأوسط، هو تفكير لا أساس له، لكن الأمر الجدي في الخطة هو احتمال أن تخرّب اتفاقات السلام لدولة إسرائيل مع مصر والأردن.
خلافاً لترامب، يفهمون جيّداً في إسرائيل أن نقل سكّان قطاع غزة إلى مصر سيفتح مواجهة إقليمية على طول الحدود بين إسرائيل ومصر. خلافاً لترامب أيضاً، يفهمون في إسرائيل أن نقل لاجئين فلسطينيين من القطاع إلى الأردن من شأنه أن يقوّض الحكم في هذه الدولة.
أفادت تقارير أمس بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لن يزور واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض، طالما يتضمّن جدول الأعمال خطة ترامب. جاء تأجيل زيارة السيسي المخطط لها إلى البيت الأبيض على خلفية تهديد ترامب بوقف المساعدات الأميركية إلى الأردن ومصر، إذا لم توافق هاتان الدولتان أن تستوعبا في أراضيهما لاجئين من سكّان قطاع غزة.
رسالة مصر واضحة، إذ على الرغم من تهديدات ترامب، تصرّ القاهرة على رفضها التعاون في أي خطوة تشمل اقتلاع وإبعاد الفلسطينيين من قطاع غزة. قد يعتقد ترامب أنه لا يوجد شيء لا يمكن للمال أن يشتريه، لكن الأميركيين ليسوا الوحيدين الذين يملكون الأموال. سيجري البحث خلال اجتماع القمة العربية التي ستنعقد في نهاية هذا الشهر، في تأمين شبكة أمان اقتصادية لمصر والأردن.
يجب أن نأمل في أن مؤيّدي بنيامين نتنياهو وباقي رجال اليمين سيتردّدون قبل أن يوافقوا على خطوات ستؤدي إلى إسقاط الاتفاق التاريخي مع مصر، نظراً إلى أن زعيم حزب "الليكود" السابق مناحيم بيغن هو من وقّع على اتفاق السلام مع مصر. سينتج عن نسف الاتفاقات مع مصر والأردن انهيار "اتفاقات أبراهام" التي وقّع عليها نتنياهو، وعلى أي حال، سيقضي على درّة التاج المتمثلة بإمكانية التطبيع مع السعودية.
المكان الجدير لخطة ترامب هو سلّة مهملات التاريخ. اتفاقات السلام مع مصر والأردن هي أساس المبنى السياسي الذي تقف عليه "اتفاقات أبراهام". وإذا كان الهدف هو توسيع "اتفاقات أبراهام" وتحقيق السلام مع السعودية، فمِن الأفضل لترامب ونتنياهو أن يغيّرا نهجيهما عبر الكف عن هز أساسات المبنى السياسي والعمل على تعزيز الاتفاقات مع مصر والأردن.