أسعد بشارة

نفذوا الاتفاق كي يتحرر لبنان من الاحتلال

في الثامن عشر من شباط، يقف لبنان أمام محطة حاسمة تتطلب تنفيذ الاتفاقات بحزم ووضوح، إذ لم تعد تنفع الطرق اللبنانية الملتوية في التعاطي مع التعهدات، ولا سيما اتفاق وقف إطلاق النار. لقد حان الوقت للالتزام الكامل ببنود هذا الاتفاق، لأن أي تسويف أو تلاعب قد يؤدي إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية.


إن الاتفاق واضح في كل بنوده ولا يحتمل التأويل: لا سلاح خارج إطار الدولة. هذا البند ليس مجرد شرط أمني، بل هو أساس لاستعادة السيادة الوطنية. فلا يمكن للبنان أن ينعم بالاستقرار ما دام هناك سلاح خارج سلطة الدولة يفرض أجنداته ويعطل قرارات الحرب والسلم.


يشمل الاتفاق أيضاً جنوب وشمال الليطاني، ويطالب بضبط الحدود. فلا يمكن تحقيق الاستقرار دون بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وهذا يتطلب نشر الجيش اللبناني على الخط الأزرق وصولاً إلى حدود البقاع والشمال. إن حصرية السلاح بيد الجيش هي الضمانة الوحيدة لعدم تجدد النزاعات ووقف الذرائع الإسرائيلية للاحتلال.


ما ينبغي إدراكه هو أن هذا الاتفاق لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لاختلال موازين القوى بعد حرب مدمرة. فالواقع الإقليمي والدولي لم يعد يتسامح مع أي وجود مسلح غير شرعي، وقد أصبحت الحاجة ملحة لمواكبة هذه المتغيرات بتطبيق الاتفاقات دون مواربة.


في هذا السياق، يصبح سلاح "حزب الله" عاملاً أساسياً في استمرار الاحتلال. فبقاء هذا السلاح يتيح لإسرائيل تبرير وجودها العسكري وتدخلاتها في لبنان، بحجة الدفاع عن أمنها القومي. وبالتالي، يصبح تحرير لبنان مشروطاً بتفكيك هذه الذريعة عبر حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها.


إن تنفيذ الاتفاق لا يعني الخضوع لإملاءات خارجية، بل هو استعادة لقرار الحرب والسلم من يد أي طرف غير الدولة. وهذا يتطلب موقفاً وطنياً جامعاً يتجاوز الحسابات الطائفية والسياسية الضيقة، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي واستعادة السيادة الكاملة.


لقد آن الأوان لإظهار الجدية والمسؤولية الوطنية بتنفيذ الاتفاق بشكل كامل وشامل، بعيداً عن التفسيرات الضيقة أو المناورات السياسية. فالتردد والمماطلة لن يؤديا إلا إلى إطالة أمد الاحتلال واستمرار النزيف الوطني. لذلك، فإن حصر السلاح بيد الجيش اللبناني وانتشاره على الحدود هو الخيار الوحيد لضمان أمن لبنان واستقراره.