كوليت مرشليان

هل عُرضت لوحة "الموناليزا" للبيع؟

مشروع ترميم "متحف اللوفر" انطلق والموعد عام 2031

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقاء موسّع مع الإعلام عن مشروع ضخم يتناول "متحف اللوفر" في باريس، أحد أهم المتاحف في العالم، ووعد الفرنسيين أنه بعد إصلاح وترميم كاتدرائية "نوتردام دو باري" خلال خمس سنوات، حان الموعد لإصلاح هائل سيتناول مبنى "اللوفر" وستجرى له تجديدات شاملة وواسعة النطاق تشمل تحديثاً وتوسيعاً يتطلب سنوات لإنجازه.



إلى جانب ما أعلنه الرئيس الفرنسي حول تفاصيل المشروع، الذي وعد بأنه سيكون واقعياً وضمن حدود المنطق في تكاليفه، فقد تحدّث عن تفاصيل العناية بلوحة "الموناليزا" أو "لا جوكوند" للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، شارحاً أنّ بعض الإجراءات ستكون لحفظ اللوحة، وستُنقل إلى صالة جديدة مخصصة لها داخل المتحف، خلافاً للشائعات التي أشارت إلى نقلها لدولة أخرى.

ماكرون في كلمته التي ألقاها من أمام منصّة داخل غرفة عرض "الموناليزا" قال إنّ أهمية هذا المتحف "كواحد من أجمل وأوسع المتاحف في العالم جعلتنا نعيد النظر في إمكاناته ونفكّر في إصلاحه وتوسيعه".


أبرز التجديدات

وسيشمل التجديد تغيير المدخل الرئيسي للمتحف الذي يشهد دوماً ازدحاماً كبيراً، وسيكون المدخل الجديد بالقرب من "نهر السين" ومن قلب العاصمة باريس وسيُفتتح بحلول العام 2031، وهذا الجانب من العمل سيشهد أيضاً إنشاء صالات جديدة تحت الأرض.


لم يكشف الرئيس ماكرون عن كلفة المشروع التي يُتوقّع أن تصل إلى مئات الملايين من اليوروهات، لكنّه ذكر أنّ ثمّة وقائع أكدت ضرورة البدء بالإصلاح، أهمّها المذكّرة التي أرسلتها إلى وزارة الثقافة مديرة "متحف اللوفر" لورانس ديكار، التي أشارت فيها إلى تخوّفها من التدهور التدريجي الذي يصيب المبنى بسبب بعض التسرّبات للمياه، ما يؤدّي إلى تغيير درجات الحرارة داخله، فضلاً عن مشاكل أخرى تهدّد سلامة الأعمال الفنيّة المعروضة فيه.

والمعروف أنّ آخر تصليح وتجديد شهده المتحف، كان في ثمانينات القرن الماضي عندما ترافق العمل مع بناء الهرم الزجاجي الشهير الذي افتُتح عام 1989، وكان ذلك من إنجازات الرئيس الفرنسي السابق الراحل فرنسوا ميتران. أما مديرة المتحف ديكار فاعتبرت أيضاً أنّ هذا الهرم يبدو اليوم قديماً، وهو لا يتماشى حالياً مع المعايير الدولية المطروحة، كما أنّ موقعه أمام مدخل المتحف الرئيسي يجعل المساحة غير مريحة لكلّ الداخلين إلى المكان من السيّاح وعمّال الصيانة اليوميّة أيضاً، خاصةً أنه صُمّم على أساس استقبال ما يقارب 4 ملايين سائح سنوياً، واليوم تضاعف العدد والخطوة الرئيسية للورشة الحالية هي استقبال 12 مليوناً سنوياً، وكما ذكر ماكرون في كلمته "أنّ عدد زوار العام 2018 تخطّى 10 ملايين".


المجال مفتوح حالياً وحتى نهاية العام الحالي أمام المهندسين للمشاركة في المباراة أو المنافسة لعرض الدراسات المقترحة لمشروع الترميم، الذي حدّد ماكرون موعد نهايته كحدّ أقصى في العام 2031.



اعتراضات

ثمّة أصوات اعترضت على المشروع على اعتبار أنّ إنفاق مئات الملايين من اليوروهات ليس من الأفكار السليمة لوضع البلاد الاقتصادي. وبالمقابل كانت هناك أصوات موالية، أبرزها وزير الثقافة السابق جاك لانغ الذي اعتبر أنّ "ما سوف ندفعه من مصاريف سوف نلقاه بالوقع الجميل الذي ستتلقّفه باريس جماليةً وازدهاراً لها، ولأكبر متحف في العالم".



بيع الموناليزا؟

وعلى هامش الموضوع سرت شائعة أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أنّ ماكرون قد يعرض لوحة "الموناليزا" للبيع لتسيير أعمال ترميم "متحف اللوفر" بالمبلغ الهائل الذي قد يُتّفق عليه في عملية البيع. والمعروف أنّ هذه اللوحة بالتحديد هي خارج التصنيفات وخارج بورصة أسعار اللوحات عالمياً.


فاندلعت "حرب عشوائية" حيال الشائعة بين روّاد مواقع التواصل، وكانت موجة غضب لا توصف من الفرنسيين الذين اعتبروا الفكرة من أساسها جنونيّة، خاصةً أنّ القانون الفرنسي يمنع بيع أيّ عمل فنّي وطني. وسرعان ما تمّ تكذيب هذا الخبر من المعنيّين في الدولة الفرنسية.



لوحة "موناليزا"



تاريخ اللوحة الأشهر

جدير بالذكر أنّ لوحة "الموناليزا" موجودة في باريس منذ العام 1516، أيّ السنة التي لجأ فيها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي للحماية تحت وصاية الملك الفرنسي آنذاك فرنسوا الأول. حمل معه دافنشي لوحات عديدة من بينها "الموناليزا" التي رسمها بين عامَيْ 1503 و1506 بحسب مؤرّخين، أو بين عامَيْ 1513 و1516 كما يقول مؤرّخون آخرون، فيما توفّي الرسّام في العام 1519. وقد قدّم مجمل الأعمال التي كانت معه إلى الملك لقاء مبلغ مالي كبير.


ومنذ دخول لوحة "موناليزا" إلى المجموعة الملكيّة رسمياً، لم تخرج من فرنسا. لكن في الفترة الأخيرة، تمّ الإفصاح عن تفصيل جديد من المشروع وهو تخصيص مساحة هائلة لعرض "الجوكوند" وحدها، في حين أنّ أعمال دافنشي الأخرى مثل لوحات "عذراء الصخور" و "مار يوحنا المعمدان" و "سانت آن" وغيرها، ستُعرض في غاليري الأعمال الإيطالية.


كما أُعلن عن الصالات التي ستشهد الترتيبات الجديدة، ومن بينها تلك الخاصة بالآثار الفرعونية. أما التكاليف فحُدّدت بحوالى 900 مليون يورو، وبناءً عليه سيبدأ التحضير لهذا المشروع بإجراءات أهمها: تحديد رسم مالي خاص للدخول إلى صالة عرض "الجوكوند". كذلك ستُرفع كلفة الدخول إلى المتحف من 22 يورو إلى 30، وبالتالي سيصل الرقم إلى 20 مليون يورو سنوياً من الأرباح الإضافية، إضافة إلى المبلغ الذي يصرفه "متحف اللوفر في أبو ظبي" للمتحف الرئيسي في باريس، مع فتح المتحف إلى ساعة متأخرة يومياً ما يرفع عدد الزوار وبالتالي المدخول المالي اليومي.