عكست حدّة الانقسام الأيديولوجي والصراع الحزبي

"مناظرة قتاليّة" بين ترامب وبايدن تُشعل المسار الانتخابي

02 : 00

مناظرة أولى صاخبة بين المرشّحَيْن الرئاسيَيْن  (أ ف ب)

بعد المناظرة الأولى التي تابعها عشرات ملايين الأميركيين، والتي عكست حدّة الإنقسام الأيديولوجي والصراع الحزبي، وطغت عليها الفوضى مع تبادل الإتهامات والإهانات والهجمات الشخصيّة قبل 35 يوماً من موعد "الإستحقاق الكبير"، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشّح الديموقراطي للرئاسة جو بايدن أمس كلّ منهما إلى حملته الإنتخابيّة التي ازدادت حماوتها السياسيّة.

وخلال "المناظرة القتاليّة"، هاجم ترامب المرشّح الديموقراطي بشراسة، واصفاً إيّاه بأنّه "دمية في يد اليسار الراديكالي" سواء في شأن القضايا السياسيّة أو الإجتماعيّة أو الصحية أو غيرها. وطوال المناظرة التي استغرقت 90 دقيقة، كان ترامب ينبري لخصمه بقوّة مهاجماً تاريخه المليء بالوعود الفارغة والفشل، مشيراً إلى أنّه استطاع أن يُحقّق في 47 شهراً ما لم يُحقّقه بايدن في 47 عاماً.

وفي المقابل، حاول بايدن الظهور في موقع القوّة عن غير عادته، مهاجماً الرئيس الجمهوري مرّات عدّة، بحيث تطاول عليه بالشخصي طالباً منه مراراً أن "يخرس" قبل أن ينعته في وقت لاحق بـ"المهرّج". وقال نائب الرئيس السابق أثناء مقاطعته من قبل ترامب: "هلا تخرس يا رجل!"، و"الجميع يعرف أنّه كذّاب". كما وصف ترامب بأنّه "أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة" و"دمية بوتين"، متجنّباً ارتكاب هفوات كان يتخوّف منها بعض المراقبين في معسكره.

وبخصوص الفوضى وأعمال الشغب والتخريب والنهب والحرق في مدن أميركيّة عدّة يحكمها ديموقراطيّون يتساهلون مع حال العصيان، أكد ترامب أنّها "ليست مشكلة اليمين بل هي مشكلة اليسار"، معتبراً أنّه "يجب أن يفعل أحدهم شيئاً في شأن حركة "أنتيفا" واليسار الراديكالي أيضاً". ودعا الرئيس الأميركي "الشارع اليميني" إلى "التراجع والبقاء جاهزين" (ستاند باك أند ستاند باي).

وسأل ترامب بايدن: "هل أنت مع القانون والنظام؟"، متّهماً منافسه مراراً بأنّه يستند إلى داعميه من "اليسار الراديكالي". وحذّر من أنّه "إذا تمكّن (بايدن) من إدارة البلد بالشكل الذي يُريده، ستختفي ضواحي وسنرى مشكلات لم نرها من قبل". كما اتهم ترامب خصمه الديموقراطي بأنّه يُريد نظاماً صحيّاً اشتراكيّاً، في حين ندّد بايدن بعزم الرئيس الجمهوري تعيين قاضية محافظة في المحكمة العليا قبيل الإنتخابات ليتمكّن برأيه "من التخلّص من نظام أوباماكير" للتأمين الصحي، الذي أُقرّ عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما.

وتبادل المرشّحان الإنتقادات حول الأزمة الوبائيّة في الولايات المتحدة، إذ لم يُوفّر ترامب بايدن بتصريحاته الصارمة، موبّخاً إيّاه لانتقاده استجابة إدارته لأزمة فيروس "كورونا المستجدّ" وقوله إنّ ترامب بحاجة لأن يكون "أكثر ذكاءً" لتجنّب المزيد من الوفيات. وقال الرئيس الجمهوري متوجّهاً لخصمه: "كنت آخر التلاميذ في صفّك أو آخرهم تقريباً. لا تستخدم كلمة ذكاء معي. لا تستخدمها أبداً. أنت لا تمت إلى الذكاء بصلة".

وعندما طلب الصحافي المحاور في شبكة "فوكس نيوز" كريس والاس من ترامب أن يقول صراحة ما إذا كان لم يدفع أي ضريبة دخل فدراليّة تقريباً العام 2016 و2017، كما جاء في تقرير لصحفية "نيويورك تايمز"، أجابه مؤكداً أنّه دفع "ملايين الدولارات"، موضحاً أنّه "ستتمكّنون من الإطّلاع عليها".

كذلك، فتح ترامب ملف الأنشطة التجاريّة المشبوهة لهانتر، نجل بايدن، في أوكرانيا والصين وروسيا، عندما كان جو في موقع نائب الرئيس. وقال الرئيس الجمهوري: "الصين أخذت حصّتك يا جو. ولا عجب أن يذهب ابنك ويأخذ مليارات الدولارات"، كاشفاً أن هانتر "تمّ تسريحه بشكل مخز" من الجيش لتعاطيه المخدّرات، فيما استغلّ بايدن ابنه بو، الذي توفي بسرطان في الدماغ العام 2015، كسبيل للهجوم على ترامب، الذي نقلت تقارير عنه قوله إنّه وصف جنوداً أميركيين بـ"الفاشلين" و"الحمقى"، رغم نفيه بشدّة للأمر. وقال بايدن عن بو في هذا الصدد: "لم يكن فاشلاً، كان محبّاً لوطنه".

وفيما شارفت المناظرة الصاخبة على الإنتهاء سأل والاس الرجلَيْن ما إذا كانا يتعهّدان القبول بنتيجة الإنتخابات. فقال ترامب: "قد لا نعرف (نتيجة الإنتخابات) قبل أشهر"، بسبب التصويت عبر البريد الذي يرفضه ترامب لأنّه عرضة للتزوير، وحضّ أنصاره على "التوجّه إلى مراكز الاقتراع والتنبّه جيّداً"، بينما تعهّد بايدن احترام النتائج "بعد فرز كلّ الصناديق".

وبينما أعرب كثير من المشاهدين عن امتعاضهم من أجواء المناظرة التي جرت في كليفلاند، اعتبر مراقبون أن هذه المناظرة تبقى إحدى أسوأ المناظرات في التاريخ بقيادة المحاور كريس والاس الذي لم يستطع ضبط ايقاع الندوة كما يجب. ومع أن أثرها على الإنتخابات يبقى محدوداً، فإنّ المناظرات غالباً ما ترتدي أهمّية كبرى في الحملة الإنتخابيّة منذ المناظرة الأولى التي جرت قبل 60 عاماً في شيكاغو بين جون أف كينيدي وريتشارد نيكسون. ومن المرتقب تنظيم مناظرتَيْن أخريَيْن في 15 و22 تشرين الأوّل في ميامي بفلوريدا وناشفيل في تينيسي.


MISS 3