عماد موسى

الرئيس الأوّل

5 تشرين الأول 2020

02 : 15

تناوب على رئاسة مجلس النواب منذ العام 1943 حتى هذه السنة ستة من الطائفة الشيعية وماروني واحد وهو حبيب أبو شهلا، أمضى سنة في عهد بشارة الخوري يوم كانت الولاية سنة. صبري حمادة خبط بمطرقته 18 سنة، كامل الاسعد شغل الموقع 15 سنة، منها 14 سنة متواصلة. حسين الحسيني 8 سنوات، عادل عسيران ست سنوات احمد الاسعد سنتين. أما نبيه بري فتولى الرئاسة الأولى في عهده الطويل الياس الهراوي، العماد البحري إميل لحود، العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون وليس من المستبعد أن يهندس انتخابات خليفة عون أو أن يعطّلها، وللـ"إستيذ" في التعطيل الرئاسي والحكومي باع طويلة، فموافقته على التشكيلة الحكومية تكاد توازي موافقة رئيس الجمهورية، فإن مشى مشت الحكومة وإن وضع عصا في دولاب خريطة طريق ماكرون لا تتشكل حكومة ولا يبرم دولابها.

عدّل اتفاق الطائف ولاية رئيس مجلس النواب المحددة واستبدل السنة بأربع. ومنحت سلطة الوصاية السورية "دولة الرئيس" أن يكون شريكاً لرئيسي الحكومة والجمهورية. فإن كان نبيه بري مرضى عن أدائه يُرفّع ليكون النمرو واحد في الترويكا، وإن حتمت الظروف الإقليمية والدولية أن يكون الرئيس رفيق الحريري هو الرقم واحد، أطلقت يده وبدا الرئيس الهراوي مثل أخ غير شقيق للملكة إليزابيت الثانية.

مطلع التسعينات كان يفترض أن يلتقي الرئيس بوش الرئيس الهراوي في نيويورك، فكان أن التقى الرؤساء اللبنانيين الثلاثة في وقت مخصص لواحد، ومنذ ذاك الوقت صار زوّار لبنان، من رؤساء حكومات ومجالس نيابية وجمهورية، يعملون برمة العروس على بعبدا وعين التينة والسراي. "الزائر المجبور بروتوكولياً بواحد صار مجبور بتلاتي".

إنطلاقاً من موقعه رئيس السلطة التشريعية، وشريك الثلث في الحكم، بموجب أعراف رسّخها النظام السوري ولا أساس دستورياً لها، وانطلاقاً من قوة الإسناد الناري والسياسي التي يؤمنها "حزب الله" لبري، فلا يبدو مستغرباً تولي الرئيس نبيه بري مفاوضة الجانب الأميركي على ترسيم الحدود البحرية جنوباً، وأن يعلن بنفسه التوصل إلى اتفاق - إطار، تمهيداً لمفاوضات غير مباشرة بين لبنان و"الكيان الإسرائيلي".

كما أنه ليس بمستغرب، أن يحض بري شركة توتال، ألّا تتأخر بالتنقيب في البلوكين 8 و9، وهما يقعان في دائرة نفوذه المباشر. لجبران أن يهتم بـ"بلوكه" ونحن نهتم بـ "بلوكاتنا". هذا واقع الحال.

يتصرف الرئيس بري، منذ أن "مترس" في عين التينة، كمتقدّم بين متساوين، محافظاً على "لياقات" دستورية شكلية حيال رؤساء الجمهورية والحكومة، وسيكون اليوم في الكويت الضيف المعزز في زيارة تعزية يرافقه فيها الرئيسان عون ودياب!