ران أدليست - "معاريف"

على ماذا الحرب؟

غزيون ينزحون من شمال قطاع غزة الثلثاء (رويترز)

كتب ران أدليست مقالاً اليوم في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بعنوان "على ماذا الحرب؟"، جاء فيه:


ماذا يمكن لرئيس وزراء في حال فرار أن يفعل كي يحرف سلطة القانون والغضب الجماهيري اللذين يلاحقانه؟ في هذه اللحظة، ينفذ خطوتين: الأولى، تصفية سلطة القانون، والثانية، شن حرب تشغل الاهتمام الجماهيري. عملية تصفية جهاز القضاء هي إجراء طويل، لكن تحريك الجيش هو أمر سهل، فيكفي أن يصدر أمر تحرك فيتحرك، من رئيس الأركان حتى آخر جندي احتياط، يتحركون إلى الأمام، حتى لو لم يكن هناك إجماع على الحرب في غزة، وفي ظل أنباء عن وجود إشكالية متمثلة برفض الخدمة.



لحلّ معضلة من هذا النوع، هناك نظامنا الديمقراطي، حيث يأمر المستوى السياسي ويطيع المستوى العسكري. تخطيطات هرتسي هاليفي ويوآف غالانت كانت تقوم على أساس توغل سريع بهدف ضرب الإرهاب وتحقيق عودة سريعة إلى مناطق الاحتشاد وراء الشريط الفاصل، لكن لا يبدو ذلك قوياً، يهودياً وهجومياً بما يكفي بالنسبة إلى اليمين الذي يتعلّق الائتلاف الحاكم به.



هاليفي وغالانت رحلا، ووزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، شرح سياسة نتنياهو، حيث حذر من أنه "إذا واصلت "حماس" رفضها تحرير المخطوفين، فإنها ستفقد مزيداً من الأراضي لمصلحة إسرائيل". الفكرة التي رافقت التهديد هي أن يسيطر الجيش الإسرائيلي على مناطق داخل القطاع إلى أن ترضى "حماس" وتوافق على إعادة المخطوفين، وعندها ينسحب الجيش. يدور الحديث عن سخافة تتراوح بين حكم عسكري وحتى استيطان يشفي جراح فك الارتباط.



في الأثناء، يتحوّل الجيش الإسرائيلي من "جيش الدفاع" إلى "جيش الهجوم"، إذ له هدف واضح وهو الدخول إلى القطاع من أجل الدفع قدماً هناك بالاستيطان، في ظلّ تنفيذ ترحيل داخلي للغزيين من شمال القطاع إلى جنوبه. يفترض أن تصبح هذه الخطوة ترحيلاً خارجياً، وهناك منذ الآن دول يستطيع أن يذهب إليها فلسطينيون وصلوا إلى حافة اليأس، وهم مستعدّون للانتقال إلى الصومال، على ألا يعيشوا تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.


في هذه المرحلة الخطرة التي يتساءل فيها كل جندي، احتياطي وحتى نظامي، ما إذا كان مستعداً لأن يموت في جيش بن غفير ومن أجل أفكار اليمين المجنون... هناك قرارات تأتي من فوق وتترجم تحت، في مسألة هل ندخل إلى بيت أو نفق مشبوهين، أم لا ندخل ونقصف مناطق كاملة. السؤال المصيري بالمفهوم الوطني هو هل وكم جندي يجرون الحساب. مثلما تظهر الأمور اليوم في معطيات مجندي الاحتياط (ولا أخفيكم سرّاً، ليس لدي أرقام) هذا وضع اشكالي. تجاهله معناه تعريض الجنود والسكان الفلسطينيين للخطر.



هل ستمنع النشاطات عمليات القنابل الموقوتة؟ ربما. هل سيقتل مزيد من الفلسطينيين ممن ليسوا في دائرة القتال؟ بالتأكيد. مثلما هو مؤكد أن مستثمري الدم سيجندون مقابل كل قتيل من "حماس"، مقاتلَين جديدَين لمصلحتها، أصغر سناً وأكثر يأساً. هذه الدائرة لن تغلق حتى سقوط "حكومة الدم".