كارين القسيس

من وراء الكواليس إلى صنع القرار: المرأة المتزوجة تقتحم الانتخابات في بلدتها

في بلدٍ كان يُعدّ رائداً بين دول العالم العربي في تكريس حق المرأة في المشاركة السياسيّة، سواء عبر الاقتراع أو الترشح، يظل من الغريب والمستغرب أن يستمر النقاش حول ضرورة منح المرأة حقها في التمثيل السياسي، خصوصاً مع اقتراب كل استحقاق انتخابي في دولة تسودها الديمقراطيّة. ومع ذلك، جاء هذا الاستحقاق ليُسهم في تسهيل الأمور للمرأة، حيثُ تمّ قبول ترشحها في مسقط رأسها حتى وإن كانت متزوجة، ما يفتح لها أبواباً جديدة لتحقيق طموحاتها السياسيّة والمشاركة الفعّالة في صنع القرار.

في ظل القرار الأخير الذي تمّ اتخاذه، أصبح التساؤل حول مدى انخراط النساء في الاستحقاق المقبل أمراً ملحاً، ولكن يبقى السؤال: هل ستتمكن المرأة اللبنانية من تجاوز العقبات التقليدية التي لطالما حالت دون مشاركتها الفعالة في العملية السياسية؟

وفي إطار التحضيرات للاستحقاق البلدي المرتقب، تُؤكد المحامية مريان شهاب الراعي في حديث خاص لـ "نداء الوطن" أنها كانت دائماً تشعر بأن خدمة المجتمع جزء أساسي من رسالتها، وأنها كانت تخطط للترشح فور اقتراب موعد الانتخابات، كاشفةً أنّها التقت صدفة بالمرشح لرئاسة بلديّة الجديدة-البوشرية-السدّ، المحامي أوغوست باخوس، الذي عرض عليها فكرة الانضمام إلى لائحته، فقررت المشاركة في هذا الاستحقاق.


وتُشير إلى أنها اختارت الترشح في منطقة قيدها بدلاً من منطقة قيد زوجها، مبررة ذلك بأنّ اللبنانيين قد لا يتقبلون ترشحها في منطقة زوجها كونها متزوجة منذ عامين فقط، مما قد يجعلها تُعتبر "غريبة" عنهم.


وتلفت إلى أنها تعتبر انتماءها لبلدتها أمراً طبيعياً وجوهرياً، لكونها ترعرعت في بيئتها، والناس في بلدتها يعرفونها جيداً، بينما مهما تعرّف عليها سكان بلدة زوجها سيبقى هناك شيء ناقص.


المحامية مريان شهاب الراعي



كما تُصرّ على أنّ ترشحها هو بمثابة دعوة للمرأة للمشاركة في العمل السياسي، مؤكدة أن هدفها الأساسي هو تشجيع النساء على خوض هذه التجربة، من دون الخوف من الفشل. وقالت: "لا أضمن الفوز، ولكن رسالتي هي أن المرأة قادرة على الترشح من دون الحاجة إلى كوتا أو مقاعد مخصصة، بل هي بحاجة إلى فرصة لتثبت وجودها وكفاءتها.



بلدة الجديدة-البوشرية- السد بتستاهل

ليست الانتخابات البلدية مجرد ورقة تُودع في صندوق الاقتراع، بل إنها لحظة حاسمة تُقرر فيها كيف ستكون منطقتكم، وكيف ستعيشون، وما هو نوع المستقبل الذي ستتركونه لأبنائكم. لقد تعودنا على الوعود، واعتدنا على الوجوه نفسها، كما اعتدنا أن نمرّ بالمشاكل نفسها عاماً بعد عام. ولكن اليوم، القرار بأيديكم، هذا ما أوضحته الراعي.


وتختم حديثها قائلة: "لا أعدكم بمعجزات، لكنني أعدكم بأنني سأكون إلى جانبكم، بأمانة، وبشفافية، وبعمل مسؤول يفي بالوعود. إذا كنتم ترغبون في بلدية تعمل لصالحكم وتحمل صوتكم، فأنا هنا من أجلكم. وأكثر من ذلك، أنا ابنة هذه المنطقة، وأعرف كل حجر وكل زاوية فيها وقلبي متصل بكل شخص يبحث عن فرصة أمل، فرجاءً، انزلوا وصوّتوا. امنحوا الفرصة للتغيير. جربوا التغيير، قد تفاجئكم النتيجة، وربما تكون هذه بداية جديدة لنا جميعاً".


ترشّح مريان شهاب الراعي هو مثال حي على قدرة المرأة اللبنانية على تحقيق التغيير، بعيداً عن القيود الاجتماعية والتقاليد. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يصبح من الضروري أن نمنح الفرصة للأصوات الجديدة والمختلفة كي تُسمَع، لنبني معاً مستقبلاً أفضل لأجيالنا القادمة ولنا.