أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في موسكو أمس، بتطور العلاقات بين البلدين، واصفاً قطر بأنها من أهمّ شركاء روسيا في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن الدولتين تنفذان العديد من المشاريع المشتركة المهمة، بما فيها في مجال الطاقة، وتتطلّعان إلى مشاريع جديدة واعدة. وأعرب بن حمد عن تصميم الدوحة على زيادة التبادل التجاري مع روسيا، في وقت وقّع فيه الرجلان مجموعة من الاتفاقات، أبرزها اتفاق للمساهمة بحوالى مليارَي يورو إضافية، مليار من كلّ جانب، في منصّة استثمارية مشتركة بين البلدين. وفي كلمة عقب توقيع الاتفاقات، شكر بوتين بن حمد على زيارته روسيا، معتبراً أنها "كانت ذات معنى ومفيدة لتطوير العلاقات بين الدولتين"، فيما وصف بن حمد زيارته بـ "الناجحة"، داعياً بوتين إلى زيارة قطر "في أقرب وقت ممكن".
في السياق، أوضح رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف أن اتفاقية المنصة الاستثمارية المشتركة "ستسمح لنا باستثمار المزيد، وجذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى مشاريع مختلفة في روسيا"، مؤكداً أن قطر مستثمر رئيسي في البنية التحتية الروسية، وأن الشركات الروسية مهتمة بدخول سوق الشرق الأوسط مع شركاء قطريين. وكشف صندوق الاستثمار المباشر الروسي أن الاتفاق مع جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي للدولة الخليجية، سيُركّز على الاستثمار في التكنولوجيا والرعاية الصحية والمعادن وقطاعات أخرى ذات اهتمام مشترك.
وجاء ذلك بعدما تناول الزعيمان خلال محادثاتهما الملفات الإقليمية الساخنة، حيث جدّدا التأكيد أنه لن يحلّ السلام في المنطقة من دون قيام دولة فلسطينية مستقلّة. ورأى بوتين أن "الحلّ الدائم يمرّ عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وحلّ الدولتين، وأعني إقامة دولة فلسطين"، مشيراً إلى أنه "نعلم أن قطر تبذل جهوداً حثيثة لحلّ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكن للأسف، لم تنفذ المبادرات التي طرحت، ومقتل العزّل المسالمين مستمرّ في فلسطين، وهذه مأساة حقيقية حالياً"، في حين أكد بن حمد أن قطر بدورها كوسيط ستسعى إلى تغيير وجهات النظر "لمحاولة التوصل إلى اتفاق لانهاء معاناة الشعب الفلسطيني"، مشدّداً على أن "القتل اليومي في غزة يجب أن يتوقف". وذكر أنه "توصلنا إلى اتفاق قبل عدة أشهر، لكن مع الأسف إسرائيل لم تلتزم به".
أمّا في الشأن السوري، فأكد بن حمد حرص الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الذي زار الدوحة هذا الأسبوع، على بناء علاقة مع روسيا ترتكز على "الاحترام ومصالح الشعبين"، داعياً إلى دعم سوريا، التي تمرّ بمرحلة "دقيقة وحساسة"، في توجّهها نحو الحفاظ على وحدة أراضيها وسلمها الأهلي، بينما اعتبر بوتين أن تطورات الأوضاع في سوريا، التي شهدت أعمال عنف طائفي أخيراً، بالغة الأهمية، لكنه أبدى استعداد موسكو لبذل كلّ ما في وسعها لضمان سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، كما اقترح بحث مسألة تقديم المساعدات لدمشق، بما فيها المساعدات الإنسانية. كما أفاد الكرملين بأن روسيا تجري حواراً مع كافة الأطراف في الشرق الأوسط في شأن علاقاتها مع سوريا.
في الغضون، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن الكرملين أنه لم يجر نقاش حقيقي عن الحرب في أوكرانيا بين الزعيمَين، لكن بوتين شكر قطر على مشاركتها في ترتيب إعادة أطفال لكلا البلدين كانوا قد انفصلوا عن آبائهم خلال الحرب.
على صعيد آخر، صادقت المحكمة العليا في روسيا على رفع حركة "طالبان" الأفغانية من لائحتها للمنظمات الإرهابية، على أن يدخل هذا القرار حيّز التنفيذ فوراً، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز العلاقات بين موسكو وكابول، المعزولة على الساحة الدولية، لكن هذا القرار لا يشكّل اعترافاً رسمياً بحكومة "طالبان" من جانب موسكو في هذه المرحلة.