شربل داغر

"ثورة" من دون شعب!

17 تشرين الأول 2020

02 : 00

تمر الذكرى السنوية الأولى لـ"الثورة" في لبنان مروراً مريراً على من أطلقها. وتَظهر مثل حدثٍ بعيد، من دون تأثير راجح على ما جرى طوال السنة المنصرمة.

ما استطاعتْه "الثورة"، في ذروة اندلاعها الجماهيري، هو إسقاط حكومة. كما نجحت في تجميع فئات عابرة للطوائف والمناطق والأحزاب القائمة، ولكن من دون أن تنجح في بلورة قيادة لها، أو صياغة برنامج خططها ومطالبها... ما يبقى منها هو تحركات قليلة، ضيقة، تقنية، إذا أمكن القول، في هذا الملف الوطني أو الحكومي او ذلك.

قد يعتقد البعض أن القوى المتنفذة، "المتحالفة" مع كورونا والجوع الممتد، هي التي أجهضت مشروع "الثورة"، فيما كانت قد بدأت بالتراجع قبل ذلك.

هذا ما سبق أن كتبتُ عنه، أي "استعصاء" السياسة في لبنان، وفي غير بلد عربي. هذا يعود إلى أسباب تعود إلى أن السياسة تدور في هذه البلاد حول المكانة والحظوة والمنفعة. اي تدور بين "رعايا" و"زبانية" و"زلم"، لا بين مواطنين.

هذا يعود إلى أن ما يُسمى "الشعب" ليس شعباً بمعنى الانتماء الوطني أو المصالح العمومية. وأن الهوية (المذهبية، الزعامية، الولائية في جميع الأحوال) توحد قطاعات واسعة من الناس، بدل أن توحدهم المنافعُ الجماعية والارتباطات الاجتماعية الأفقية...

هذا ما جعلَ "الربيع العربي"، أو "الثورات" العربية، تفضي - بمجرد العمل على إسقاط الديكتاتور - إلى حروب أهلية، كانت كامنة وباتت معلنة ومندلعة.

هذا ما جعل احتشادات لبنانية، في "ثورة 14 آذار"، في أزمة النفايات، ثم في "الثورة" الأخيرة، لم تنتهِ إلى بلورة تشكلات سياسية مستجدة، بل إلى بروز "أعيان" جدد من دون تكتل سياسي جديد واحد.

هذا ما يجعل المجريات السابقة أو الأخيرة تصب في "حراك" مفتوح، ممتد، من دون أن يُنذر بعدُ بانبلاج التغيير الموعود.

فكيف لثورة أن تكون، من دون شعب!


MISS 3