نتنياهو يكشف شروطه لإنهاء حرب غزة

نيران إسرائيلية على وفد دبلوماسي تفجّر "غضباً دولياً"

في ظلّ الضغوط الأوروبية والبريطانية المستجدة على تل أبيب لوقف عملية "عربات جدعون" التي أطلقتها منذ أيام في غزة وللسماح بدخول المساعدات الإنسانية بكثافة إلى القطاع، ندّدت دول كثيرة أمس بواقعة إطلاق جنود إسرائيليين النار قرب وفد دبلوماسي مكوّن من دبلوماسيين من 25 دولة عربية وأوروبية، كان متوجهاً إلى مدينة جنين في الضفة الغربية، إذ استدعت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا سفراء إسرائيل لتوضيح ما حدث، بينما ذكر الجيش الإسرائيلي أن الوفد "انحرف عن المسار المعتمد ودخل منطقة غير مصرّح له بالوجود فيها"، وأن الجنود أطلقوا "طلقات تحذيرية لإبعاد أعضائه"، مؤكداً عدم وقوع إصابات أو أضرار.


ووصفت فرنسا الحادث بأنه "غير مقبول"، في حين أكدت إيطاليا أن سفير إسرائيل لديها سيتعيّن عليه تفسير تصرّفاتها. واستنكرت برلين ما وصفته "بإطلاق النار غير المبرّر". وكشفت مدريد أن أحد رعاياها كان ضمن مجموعة الدبلوماسيين ولم يصب بأذى، مشيرة إلى أنه "نحن على اتصال بالدول المتضرّرة الأخرى لتنسيق الردّ المشترك على الواقعة، والتي نستنكرها بشدّة". وحضت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، إسرائيل، على التحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤولين عنها وعن أي تهديدات لحياة الدبلوماسيين، بعدما كانت كالاس قد طالبت الثلثاء بمراجعة اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ردّاً على أفعالها في غزة.


في السياق، رأت تركيا أن إطلاق النار على الدبلوماسيين، وبينهم أتراك، "دليل آخر على تجاهل إسرائيل المنهجي للقانون الدولي وحقوق الإنسان". ودانت مصر الواقعة، مشيرة إلى أن السفير المصري في رام الله كان ضمن الوفد الدبلوماسي الزائر. وطالبت إسرائيل بـ "تقديم التوضيحات اللازمة". كما ندّد الأردن بإطلاق إسرائيل النار في اتجاه الوفد الذي ضمّ السفير الأردني في رام الله. وأعلنت السلطة الفلسطينية أن الوفد كان "يقوم بجولة ميدانية في محيط مخيّم جنين للاطلاع على حجم المعاناة الكبيرة التي يتعرّض لها المواطنون في المحافظة"، واصفة تصرّفات الجيش الإسرائيلي بأنها انتهاك للقانون الدولي.


توازياً، كشف وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو خلال حديث مع قناة "الجزيرة" أن 17 دولة أوروبية درست عقوبات على إسرائيل وغالبية الدول تدعم ذلك، موضحاً أنه "غير مقبول رؤية نساء وأطفال يموتون جوعاً وعطشاً في غزة". وأصرّ على ضرورة "التحرّك بأي ثمن لرفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع"، مشيراً إلى أنه "ننظر في طريقة لمد جسر جوي يتيح إيصال المساعدات إلى غزة"، في وقت أفادت فيه صحيفة "الغارديان" البريطانية بأن لجنة الأعمال في البرلمان البريطاني استدعت ثلاثة وزراء معنيين بصادرات الأسلحة إلى إسرائيل بهدف استجوابهم.


في الغضون، جزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "كلّ مناطق قطاع غزة ستكون ضمن مناطق آمنة تحت سيطرتنا"، مشيراً إلى أن "قواتنا تضرب "حماس" بقوة ووجهت مع وزير الدفاع بتنفيذ ضربات أكثر وأقوى"، لكنه لفت إلى أنه "إذا كانت هناك إمكانية لوقف إطلاق النار لإعادة المخطوفين فنحن مستعدّون، لكن سيكون وقفاً موَقتاً". وأبدى استعداده لإنهاء الحرب، إنما بشروط "تضمن أمن إسرائيل وألّا تبقى "حماس" في حكم غزة". وذكر أنه "ربّما تمكّنا من قتل محمد السنوار في غزة". ورأى أن "أصدقاءنا يدعموننا، لكنهم يتحفظون على حدوث مجاعة أو أزمة إنسانية في غزة"، مؤكداً أنه "سنعمل في مرحلة أولى على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لتفادي أزمة إنسانية".


في هذا الإطار، كشف مسؤولون أمميون أن الغزيين لم يتسلّموا أي مساعدات بعد مرور يومَين على إعلان الحكومة الإسرائيلية رفع الحصار عن القطاع، إذ بينما ذكر الجيش الإسرائيلي أن خمس شاحنات مساعدات دخلت غزة الإثنين و93 أخرى الثلثاء، نفى مسؤولي إغاثة ومخابز محلّية كانت تنتظر استلام إمدادات الطحين وصول الإمدادات إلى المطابخ الخيرية أو المخابز أو الأسواق أو المستشفيات في غزة، مشيرين إلى أن الشاحنات متوقفة على ما يبدو في معبر كرم أبو سالم، فيما أفادت وكالة "رويترز" بأن 15 شاحنة مساعدات على الأقل غادرت معبر كرم أبو سالم في طريقها إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي في وسط غزة أمس. لاحقاً، ذكر الجيش الإسرائيلي أن 100 شاحنة محمّلة بالطحين وأغذية الأطفال والمعدّات الطبية جرى نقلها من معبر كرم أبو سالم إلى غزة.


ميدانياً، أكد الجيش الإسرائيلي أن "مرحلة الحسم قد بدأت، "حماس" تنهار، ونحن مستمرّون بممارسة الضغوط الهائلة عليها حتى الحسم"، مشيراً إلى أن "حماس" اختارت "التعنت والإرهاب والرفض". وجزم بأن "العمليات تتوسّع، الوتيرة تتصاعد، وقوة النيران ستزداد في الأيام المقبلة، ولن نتوقف من دون إعادة المخطوفين"، في حين أعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" أنها قصفت أسدود وعسقلان في جنوب إسرائيل برشقة صاروخية، لكن الجيش الإسرائيلي تحدّث عن اعتراض قذيفة صاروخية أطلقت من شمال غزة في اتجاه عسقلان من دون وقوع إصابات، ثمّ أصدر تحذيراً للغزيين القاطنين في مناطق في شمال القطاع، لافتاً إلى أنه "سوف يعمل بقوّة شديدة في كل منطقة يجري منها إطلاق قذائف صاروخية".


لاحقاً، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الدفاعات الجوية رصدت إطلاق صواريخ عدة من شمال غزة في اتجاه مناطق إسرائيلية مجاورة، موضحة أن الصواريخ قد تكون استهدفت تجمّعاً للدبابات على السياج الأمني في شمال القطاع، في وقت أفادت فيه مصادر طبية لقناة "الجزيرة" بمقتل 82 فلسطينياً وإصابة العشرات في الغارات الإسرائيلية في أنحاء غزة أمس.