جولة على سجالات الأسبوع السياسيّة في مواقع التواصل الاجتماعيّ شملت العناوين التالية: ""الأهالي" يصفعون "اليونيفيل""، "فضيحة أدوية السرطان المغشوشة"، ""MTV" و "نداء الوطن" خارج اختصاص الوزير"، "ترامب VS ماسك"، و "التعيينات بالقوّة".
"الأهالي" يصفعون "اليونيفيل"
في مشهد يعكس تصاعد التوتّر في جنوب لبنان، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعيّ بسجالات حامية إثر تسريبات عن احتمال سحب قوّة "الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل)"، ما فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات قلقة حول مستقبل الاستقرار في المنطقة. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، اشتعلت مواقع التواصل بفيديو يُظهر أحد الأهالي المحسوبين على "حزب اللّه"، وهو يعتلي آلية تابعة لقوة "اليونيفيل" ويزرع فوقها علم "الحزب"، في مشهد استفزازيّ أثار عاصفة من الغضب والاستنكار. غير أنّ الشرارة التي أجّجت النار أكثر، كانت صفعة مفاجئة تلقّاها أحد عناصر "اليونيفيل" من أحد الأهالي المحسوبين على "حزب اللّه"، أثناء مرور دوريّة للكتيبة الدولية أمس الثلثاء. هذا الحادث الذي وثّقته الكاميرا بالصوت والصورة، لم يمرّ مرور الكرام، بل فجّر موجة من الغضب لدى الرأي العام اللبناني المناهض لـ "الحزب"، الذي حذّر من تبعات الاستفزاز والتصعيد في مرحلة شديدة الحساسية. ومن التعليقات النارية: "تنكسر إيدك! هيدا اللي عم تضربو، المسؤولين عنك عم يبوسو إجرَين المجتمع الدولي تيجددولو بلبنان". وأيضاً "طبيعة البيئة الحاضنة للحزب: متهوّرة، مفلسة وعديمة البصيرة".
اللافت أنّ مواقف الناشطين الموالين لـ "حزب اللّه" تباينت، فمنهم من أبدوا دعمهم للصفعة حيث كتبت إحداهنّ: "هيدا مش كفّ هيدا بيان رقم واحد لتتعلّمو". بينما اعترض آخرون على ما حدث فكتب ناشط: "توقيت المشاكل مع اليونيفيل غلط، خصوصاً إذا العدوّ ما بدو ياهن عنّا".
وكان الحديث عن عدم التجديد لـ "اليونيفيل" دفع بالبعض للتحذير من أنّ الفراغ الذي قد تتركه القوّة الأمميّة، سيكون فرصة ذهبيّة لتفجير الجنوب، سواء باجتياح إسرائيلي أو بفوضى أمنية تنزلق من تحت السيطرة.
كما اعتبر آخرون أنه سيشكّل تهديداً كارثياً على الدورة الاقتصادية المحلية: "وظائف تُفقد، استثمارات تتوقف، وعزلة تتعمّق في منطقة تعيش أصلاً على الهامش".
فضيحة أدوية السرطان المغشوشة
"أوعى تسكتوا! لازم القضية تصير رأي عام، كرمال المرضى اللي ماتوا واللي بعدن عم بعانوا".
لم تعد الفضيحة طيّ الكتمان. لبنان كلّه تحرّك، واللبنانيون لم يصرخوا من الألم فقط، بل من الغضب. لأنّ المرضى قُتلوا، باسم العلاج. أدوية مغشوشة، ملوّثة، بلا فعاليّة، وصلت إلى أجساد مرضى السرطان في لحظة كانوا فيها بأمسّ الحاجة إلى الشفاء.
"قتلتوا مرضى كنتوا أملن الوحيد بالحياة"، كتب أحدهم. وعلّق آخر: "كيف بتناموا؟ كيف بتضحكوا؟ كيف فيكن تكمّلوا حياتكن؟". صرخات موجعة عمّقت الجرح، وأطلقت موجة تضامن شعبي غير مسبوقة، تحوّلت إلى رأي عام عارم، عبر "هاشتاغات" مثل: "#العدالة_لمرضى_السرطان".
لكنّ غضب الشارع لم يبقَ إنسانياً فقط، وسُرعان ما طُرحت الأسئلة السياسية: من يحمي المتورّطين؟ ومن يغطّيهم؟. فالعقل المدبّر للشبكة هي ماريا فواز المتوارية عن الأنظار، وزوجها، شقيق وزير المالية السابق النائب علي حسن خليل، المحسوب على حركة "أمل" المتحالفة مع "حزب اللّه".
النائب خليل سارع للتبرّؤ من شقيقه وطليقته، مكتفياً ببيان بارد، فيما لم يصدّق عدد من الناشطين أنّ نائباً بهذا النفوذ لم يكن على علم بما يجري داخل بيته، وشعروا بوجود محاولة لـ "ضبضبة" الملفّ، بغطاء سياسي مكشوف، فكتب أحدهم "المافيا محميّة من الميليشيا، والميليشيا تحكم البلد بمنطق: مرّقلي تمرّقلك". كما قال أحدهم: "عقلية الفساد ما زالت تتحكّم بكل شيء".
وحدها القاضية دورا الخازن، وقفت في وجه شبكة الفساد، أمرت بالتوقيفات، أصرّت على استكمال التحقيق رغم الضغوط، وتجاهلت محاولات إسكاتها. فعلّق أحد الناشطين: "تحيّة باسم كلّ أهالي مرضى السرطان إلى القاضية البطلة". فيما كتب آخر: "أوعا تتركوها لحالها".
وأمام التزام الناشطين الموالين "للثنائي" الصمت سأل أحدهم: "أين الإنفلوينسرز من "الحركة" و "الحزب" ما حدا فتح تمّو على موضوع أدوية السرطان". مع أنّ أحد أبناء البيئة نفسها أقرّ أنّ والده، المريض بالسرطان، توفّي على الأرجح نتيجة تناوله أدوية مغشوشة.
فهل يُحاسب الجميع هذه المرّة؟ أم أنّ الواسطة والمحسوبيات ستقول كلمتها… من جديد؟
"MTV" و "نداء الوطن" خارج اختصاص الوزير
لم تمضِ ساعات على ظهور الممثّلة نادين الراسي في فيديو خاطبت فيه المتحدث باسم "الجيش الإسرائيلي" أفيخاي أدرعي، مطالبة إيّاه بعدم شمل كلّ لبنان في تهديداته، لحماية صورة البلد أمام السيّاح، حتى اشتعل المشهد السياسي والأمني، وأصدر وزير الإعلام بول مرقص بياناً نارياً يلوّح فيه بمحاسبة أيّ اتصال مباشر أو غير مباشر، مع العدوّ، واصفاً ما حدث بـ "الخرق الخطير" للقانون اللبناني. وفي وقت لم يُثر فيديو نادين الراسي موجة كبيرة من الجدل، حيث اعتبره كثيرون مجرّد لحظة انفعالية ناتجة عن معاناة نفسية تمرّ بها الممثلة، فجّر بيان وزير الإعلام العاصفة الحقيقية، وأثار نقمة شعبية واسعة انتقدت انتقائية المعايير وتوقيت التدخّل الرسمي، بينما يغضّ الطرف عن قضايا أكثر خطورة.
أحد الناشطين وصف البيان بـ "الاستعراض الفارغ"، وعلّق آخر بغضب: "إهانة لكلّ إعلامي، انبطاح للحزب، ومشاركة في منطق التخوين"، كما سخِر آخر من سرعة استجابة الوزارة كاتباً: "عم فكّر إذا كلّنا نعمل فيديوات بنفس الوقت، يمكن نحرّك هالدولة ونخلّي الرئيس يستعجل بسحب السلاح!".
وامتدّ الغضب الشعبي إلى انتقاد ازدواجية المعايير التي تعتمدها الدولة. فسألت إحداهنّ الوزير بول مرقص عن سبب صمته عندما تعرّضت قناة "MTV" وصحيفة "نداء الوطن" لحملة تخوين علنيّة، قادها الوزير السابق مصطفى بيرم، متّهماً الوسيلتَين الإعلاميّتَين بأنهما "أبواق صهيونية".
وللمفارقة، ردّت الراسي على بيان الوزير، بأسلوب تهكّمي واضح، حيث أعادت نشره عبر حسابها على "أكس"، وأرفقته بتعليق ساخر قالت فيه: "يلّا طلعِت براسي بسيطة".
ترامب VS ماسك
اشتعل الفضاء الافتراضي بالصراع بين الرئيس الأميركي الـ47 دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، وتحوّلت الخلافات من انتقاد قانون ضريبي إلى حرب شخصية طالت الفضائح، النفوذ، والمنصّات.
"أغنى رجل في العالم" فتح النار على "أقوى رئيس في العالم"، لا من خلف كواليس السياسة أو الاقتصاد، بل على منصة "أكس" وأمام أعين أكثر من 600 مليون متابع. لكنّ الردّ لم يكن اقتصادياً، بل قنبلة أخلاقية فجّرت السجال: ماسك أعاد نشر اسم ترامب في سياق ملف جيفري إبستين، المدان بالاعتداء الجنسي، في اتهام هو الأخطر حتى الآن داخل الجبهة الجمهورية.
كل شيء بدأ عندما هاجم ماسك مشروع قانون ضريبي جديد يُعيد الحوافز الفيدرالية للسيارات الكهربائية، بعدما كان ترامب قد خفّضها سابقاً. وصف ماسك المشروع بـ "القبيح"، واتّهم ترامب بالنفاق السياسي. ردُّ ترامب لم يتأخر، وهدّد علناً بإلغاء العقود الفيدرالية الموقّعة مع شركات ماسك. عندها، انفجرت "حرب المنصّات": ترامب يهاجم عبر "Truth Social"، وماسك يردّ عبر "أكس"، والاتهامات تتدحرج من ملفات الإنفاق إلى ملفات الفضائح.
ثم جاءت الضربة الأقوى من ماسك: استطلاع ضخم على "أكس" سأل فيه: "هل تحتاج أميركا إلى حزب سياسي جديد يمثل 80 % من الأميركيين الوسطيين؟" أكثر من 3.5 ملايين صوت، و 81 % قالوا: نعم.
وأطلق الذكاء الاصطناعي "Grok"، التابع لماسك، تحليلاً لاذعاً جاء فيه: "ترامب يُخاطر أكثر سياسياً، لأنّ اعتراض ماسك يُضعف صورته كزعيم موحّد. ماسك يواجه مخاطر مالية، لكنه يدافع عن مصالحه ويكسب دعم جمهور السيارات الكهربائية".
ردود الفعل الشعبيّة على هذا الاشتباك كانت ملتهبة: "ماسك كان يثق في ترامب لدرجة أنه كان يترك ابنه معه، فكيف الآن يتّهمه بالتورّط في ملفات إبستين؟".
أما السخرية الدولية، فجاءت لاذعة من نائب رئيس "مجلس الأمن الروسي" دميتري ميدفيديف: "نحن مستعدون لتسهيل اتفاق سلام بين D و E مقابل رسوم معقولة… وقبول أسهم "Starlink" كدفعة. لا تتشاجروا يا رفاق!".
المفارقة أنّ النهاية لم تكن صاخبة كما كانت البداية. فبعد كل هذا التصعيد، قام إيلون ماسك بحذف كل المنشورات المسيئة لترامب من منصة "أكس" من دون أي تعليق إضافي، تاركاً خلفه صمتاً أثقل من كلّ العبارات… وكأنّ شيئاً لم يكن، أو كأنّ ما هو قادم... أخطر.
التعيينات بالقوّة
بعد كل الوعود التي سمعها اللبنانيون، وبعد كل الكلام عن "عهد جديد"، تعود الأمور لتتكرّر على المنوال القديم نفسه. نبيه برّي يفرض تعيين القاضي زاهر حمادة مدعياً عاماً مالياً، في قرار صادم لم يلقَ إلا اعتراضاً من وزير العدل عادل نصّار الذي هدّد بالاستقالة. هذا الموضوع أشعل منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر اللبنانيون عن غضبهم وإحباطهم من استمرار المحاصصة التي تحكم التعيينات القضائية، وترسيخ الفساد وتغليب المصلحة السياسية على مصلحة الدولة.
تعليقات ساخرة وغاضبة: "تيتي تيتي… متل ما رحتي جيتي" في رسالة تعكس الإحساس بأن لا جديد يطرأ على المشهد، وكأنّ كل تعيين هو نسخة طبق الأصل من سابقه، مع أسماء محميّة تحت عباءة السلطة. وأيضاً: "زاهر حمادة مدعي عام مالي = فساد هذا العهد" تعليق مباشر يختزل خيبة أمل شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يرَوْن في هذه التعيينات رسالة واضحة بأن الفساد باقٍ ولن يُحاسب.
وفي موازاة السجالات، وجّهت ناشطة سياسيّة رسالة حادّة لوليد جنبلاط، قائلة: "شو رأيك بكلام "صديق العمر"؟ أو ما بتدخل بتعييناتو حتى ما يتدخل بتعييناتك؟ كل حياتكن محاصصة ومرقلي تمرقلك".