باتت الغارات الإسرائيلية اليومية المتنقلة بين البلدات والقرى الجنوبية، والغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية عشية عيد الأضحى، تشكل هاجساً عند الجنوبيين من إمكانية عودة الحرب. ليبقى السؤال الأبرز الذي يردده الأهالي هل باتت الحرب وشيكة أم أنها تهويل وحرب نفسية؟
يحاول المزارع أحمد حريبي الذي يمضي معظم وقته في حقول القمح الذي تراجع إنتاجه بمعدل 60 في المئة جنوباً، أن ينجز حصد محاصيله سريعاً، خشية من اندلاع الحرب وخسارة المواسم أيضاً. فهو يعتبر أن الزراعة هي الضحية الكبرى في الحرب، خسائرها كبيرة، وتعويضات الدولة لم تصل بعد، الأمر الذي تسبب بتراجع الإنتاج.
يضيف حريبي، "يحارب المزارع على جبهتين: الإسرائيلي الذي يهدد حياتنا في كل دقيقة، والقمح المستورد سيئ الجودة الذي لا يصلح علفاً للأبقار، فيتم "جرشه" وبيعه على شكل برغل للناس والذي يسبب الأمراض".
وفيما يشدد المزارع حريبي على أهمية التموين أو المونة في حال وقوع الحرب، ينتظر موسى جلاء صورة الوضع الأمني للبدء بمشروعه التجاري ويقول "لا أريد أن استثمر وتأتي الحرب وتأخذ كل شيء ما بقى نحمل خسائر".
وفي هذا السياق لفتت زيارة وزير الزراعة نزار هاني إلى النبطية، حيث أعلن أن الوزارة أنهت المسوحات المتعلقة بالأضرار الزراعية، والبحث جار عن التمويل تمهيداً لبدء التعويض، مقراً بأن "الزراعة عصب الاقتصاد، وهي العمود الفقري للمزارعين، وعدم التعويض يدفع إلى تراجع الإنتاج ما يهدد الأمن الغذائي"، ولم يفت هاني الإشارة إلى "سعي الوزارة للتعويض لتوسعة الأراضي الزراعية جنوباً لتعزيز الأمن القومي الغذائي".
شبح عودة الحرب يهيمن على أحاديث الناس والخشية من تداعياتها، حتى في المدارس بات الحديث عن الحرب الأكثر حضوراً بين الطلاب، خاصة الذين يتحضرون للامتحانات الرسمية. تقول طالبة الثالث ثانوي هيلان: "رح نعمل امتحان، وإذا صار حرب شو رح يصير"؟ تضيف، "الظروف غير مؤاتية للدراسة، بعد خروجنا من حرب قاسية، ما زلنا في قلب الخطر". وعن أكثر ما يقلقها تلفت هيلان إلى "الآثار النفسية الكبيرة التي تمنعهم من التركيز على الدراسة وسط الغارات المتنقلة... قد نخضع للامتحان بظروف نفسية صعبة ولكن يجب أن نتحدى الظرف والحرب".