تشكيك غربي برواية طهران "الهوليوودية" لتصفية فخري زاده

نهاية ولاية ترامب: "موسم صيد" للقيادات الإيرانية!

02 : 00

حرس الشرف يحملون نعش فخري زاده على الأكتاف في طهران أمس (أ ف ب)

بات "ربع الساعة" الأخير من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمثابة "موسم صيد" للقيادات الإيرانية وجماعاتها في المنطقة، من طهران مروراً بالحدود العراقية - السورية وصولاً إلى الجولان، بينما لا تزال الجمهورية الإسلامية تترقّب بحذر مسار الأحداث المتسارعة لتفادي أي ردّ فعل غير محسوب من قبل "الحرس الثوري"، قد يُدخلها في أتون حرب مع الآلة العسكرية الأميركية الطاحنة قبل رحيل ترامب من البيت الأبيض.

وفي آخر الأهداف الثمينة التي تمّ "اصطيادها"، كان القائد في "الحرس الثوري" مسلم شهدان، الذي قُتِلَ مع 3 من مرافقيه بضربة جوّية بطائرة مسيّرة بعد عبورهم منفذ القائم على الحدود العراقية - السورية في وقت متأخّر الأحد، بحسب ما كشفت مصادر عراقية لوسائل إعلام عدّة.

وكان لافتاً بالأمس اتهام طهران جهاز "الموساد" الإسرائيلي ومنظّمة "مجاهدي خلق" المحظورة، التي رفضت الإتهام، بتنفيذ "عملية معقدة" باستخدام أسلوب "جديد بالكامل"، لاغتيال "سليماني النووي" محسن فخري زاده. وفي هذا الصدد، كشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني أن الإغتيال كان "عملية معقدة استُخدمت فيها أجهزة إلكترونية، ولم يكن ثمّة أي شخص في المكان".

وأشار شمخاني إلى "استخدام العدو أسلوباً جديداً بالكامل، واحترافيّاً"، كاشفاً أن فخري زاده "كان مهدّداً منذ 20 عاماً"، وتمّ إفشال محاولات سابقة لاستهدافه. وكانت وكالة "فارس" قد أوردت الأحد أن إطلاق النار حصل من خلال رشّاش آلي موضوع على متن شاحنة صغيرة، تمّ التحكّم به عن بُعد بواسطة الأقمار الإصطناعية، قبل أن يتمّ تفجير السيّارة.

لكن هذه الرواية أثارت سخرية خبراء أمنيين غربيين الذين اعتبروا أن القادة الإيرانيين، المتأثّرين كثيراً بأفلام "هوليوود"، يُحاولون تغطية فشلهم الأمني الكبير أمام الشعب الإيراني عبر نسج روايات لا تمتّ إلى الواقع بصلة. علماً أن هذه الرواية تتضارب مع روايات أمنية إيرانية سابقة تحدّثت عن "مجموعات إرهابية" نفّذت عملية التصفية على الأرض.

وإذ أوضح الخبراء أن مثل هذه العملية النوعية الدقيقة لا يُمكن أن تُنفّذ بمثل هذه المهنية العالية من دون وجود عناصر على الأرض، أشاروا إلى أنّه من المحتمل أن يكون الرشاش الآلي قد تمّ التحكّم به عن بُعد، لكن من يتحكّم به يجب أن يكون متواجداً على مسافة قريبة من موقع الهجوم، هذا فضلاً عن أن الشاحنة تمّ ركنها من قبل "عنصر" في موقعها.

كما شدّد الخبراء على أن العملية المعقّدة تحتاج إلى فريق عمل ميداني متكامل لتنفيذها بنجاح وتطبيق "الخطة ب" في حال فشلت "الخطة أ"، لافتين إلى أنّه من المستحيل أن يقوم أي جهاز أمني بوضع كلّ تلك التقنيات المتطوّرة في مسرح العمليات لتقع بسهولة في يد العدوّ. كما ذكّروا بعمليّات اغتيال سابقة ناجحة لعلماء نوويين إيرانيين، بحيث استخدم المهاجمون حينها أسلحة ووسائل بسيطة من مسدّسات كاتمة للصوت ودرّاجات نارية في التنفيذ.

تزامناً، أُقيمت مراسم تشييع فخري زاده في مقرّ وزارة الدفاع في طهران أمس، بمشاركة رسمية وحضور محدود، على عكس المشاركة الشعبية العارمة التي عادة ما تمتاز بها وداعات مماثلة، في ظلّ الإجراءات الاحترازية للوقاية من "كورونا". وحضر المراسم التي أُقيمت في باحة خارجية، مسؤولون عسكريون ومدنيون.

وأظهرت اللقطات تأثراً بالغاً من الحاضرين، ومن بينهم قائد "الحرس الثوري" اللواء حسين سلامي وقائد "فيلق القدس" العميد اسماعيل قاآني، ورئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ووزير الإستخبارات محمود علوي. وسُجي نعش "أبو القنبلة الذرية" وقد لف بالعلم الإيراني، إلى جانب منبر الخطباء، محاطاً بأكاليل الزهور. ورفعت صور تُظهره إلى جانب المرشد الأعلى علي خامنئي.

كما رُفِعَت صور تُظهر وجه فخري زاده إلى جانب وجه اللواء قاسم سليماني، القائد السابق لـ"فيلق القدس"، والذي اغتيل بضربة جوّية أميركية في بغداد في كانون الثاني الماضي. وفي ختام المراسم في الوزارة، نقل حرس الشرف النعش على الأكف إلى مساحة مفتوحة، حيث ألقى الحاضرون نظرة الوداع عليه، قبل نقله إلى مزار "امامزاده صالح" في شمال طهران، حيث ووري الثرى، على مقربة من عالمَيْن نوويَيْن إيرانيَيْن آخرين تمّ اغتيالهما عامَيْ 2010 و2011.

وفي الغضون، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أن الوكالة لم تتبلّغ من إيران وقفاً لعمليات التفتيش، الأمر الذي طالب به المحافظون المتشدّدون في طهران.

وقال غروسي في مقابلة مع وكالة "فرانس برس": "نتفهّم الحزن، ولكن في الوقت نفسه من الواضح أن أحداً لن يربح من تقليص العمل الذي نقوم به معاً أو الحدّ منه أو وقفه". كما جدّد دعوته إيران إلى تقديم توضيحات عن موقع يُثير شكوكاً في طهران، حيث تمّ رصد جزيئات من اليورانيوم ناتجة من أنشطة بشرية.

وعلى صعيد آخر، رحّبت الخارجية الأميركية بإعلان حكومة لاتفيا "حزب الله" بجناحَيْه السياسي والعسكري "منظّمة إرهابية".


MISS 3