روي أبو زيد

يزرع "سيمفونية الفرح" في أزقّة العاصمة التعيسة

"بيروت للأفلام الفنية والوثائقية"...

3 كانون الأول 2020

02 : 00

ينطلق "مهرجان بيروت للأفلام الفنية والوثائقية" (BAFF) اليوم، في أول حدث سينمائي يقام حضورياً في العاصمة اللبنانية منذ جائحة كوفيد-19، داخل قاعة مسرح مونو المتضرر جراء الانفجار الهائل في المرفأ قبل أربعة أشهر.

وتمتد الدورة السادسة من المهرجان من الثالث من كانون الأول وحتى التاسع منه في صالة مسرح مونو في منطقة الأشرفية القريبة من المرفأ، حيث وقع انفجار ضخم في 4 آب الفائت، وخلّف أكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى، كما تسبب بأضرار كبيرة في أنحاء واسعة من المدينة.

وتشير مؤسسة المهرجان ومديرته أليس مغبغب في حديث لـ"نداء الوطن" الى أنّ "هذه النسخة سيتمّ عرضها حضورياً في أحياء بيروت وأزقّتها المدمّرة جرّاء الانفجار"، مردفة أنّ "هذا المهرجان هو علامة حسيّة على إيماننا بالحياة وتمسّكنا بالأمل رغم الظروف الصعبة. فاللبناني ينهض دوماً من كلّ المصائب التي يرزح تحتها".





وتضيف: "سيبقى المهرجان علامة حيّة لنبض بيروت، خصوصاً وأنها عاصمة للحب والفن والحياة"، لافتة الى أنّ "الأفلام المعروضة قد تحثّنا على التفكير أكثر بسر الحياة وفهم ما يدور من حولنا".

ويشمل برنامج المهرجان عشرين فيلماً سينمائياً من لبنان وبلدان أخرى بينها الولايات المتحدة وسويسرا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا. وتتناول الأعمال الموسيقى والرقص والفنون التشكيلية والهندسة المعمارية والآداب.

وتكشف مغبغب أنّ "برمجة هذه النسخة لم تكن بديهية أو سهلة بسبب توالي الأزمات والكوارث على لبنان الذي يعاني أزمة مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، إضافة إلى ارتفاع كبير في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد التي تجاوزت المئة ألف".

وأضافت: "كنت قد قرّرت إلغاء المهرجان هذه السنة، لكنّ سفارات بعض الدول والشركاء الداعمين رفضوا هذا الموضوع، فدعمونا مادياً ومعنوياً للسير بإنجاز المهام اللوجستية لتنفيذ مهام المهرجان اللوجستية والاستمرار به".

وتفتتح هذه النسخة بفيلمين يتناولان سيرة الموسيقي الألماني لودفيغ فان بيتهوفن في ذكرى مرور 250 عاماً على ولادته.

وتلفت مغبغب الى أن "المعزوفة التاسعة لبيتهوفن وخصوصاً نشيد الفرح قد كان شاهداً على مراحل تاريخية وسياسية عدة، مع التشديد أنّ بيتهوفن كان أصمّاً حين كتب هذا النشيد، ورغم ذلك أدار الأوركسترا التي عزفته للمرة الأولى في برلين".




وتضيف أنّ "بيتهوفن لم يتمكّن من سماع صفيق الناس، لكنه أدار وجهه نحو المسرح ورأى تفاعل الجمهور"، مشيرة الى أنه "بفضل هذا النشيد، تمّ تأسيس مدرسة في برشلونة تدرّب الصم على الشعور بهذا النشيد من خلال ذبذباته".

وتوضح مغبغب أنّ "نشيد الفرح وصل للناس جميعاً وكان رفيقاً لهم في أصعب اللحظات، فنلحظ في الفيلم الثاني كيفية تغيير السيمفونية التاسعة في أربعة بلاد حدثت فيها ثورات عدّة غيرت مجرى التاريخ، كالثورة في تشيلي، انهيار جدار برلين، الانتفاضة الصينية واليابانية، في كلّ موقف من هذه المواقف كانت الشعوب تعزف نشيد الفرح".

وتضيف مغبغب أنه سيتم عرض فيلم آخر قصير بالفرنسية بعنوان "أون فيل ايه أون فام" (مدينة وامرأة) للمخرج اللبناني الشاب نيكولا خوري، يتناول رسالة كتبتها الأديبة والفنانة التشكيلية اللبنانية أتيل عدنان في مطلع التسعينات توجهه للكاتب فواز طرابلسي، "يطابق مضمونها ما حصل في بيروت بعد 4 آب" وفق مغبغب.

وتضيف: "في رسالتها الأخيرة التي كتبتها في العام 1992، نشعر حين نقرأها وكأنها مكتوبة في 5 آب 2020".

وتؤكد على أنّ "منظمّي مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية قدّموه لجمهورهم الكريم، بالشراكة مع رعاة ومخرجين دوليين"، مضيفة أنّ "مجموعة الأفلام تتناول مواضيع عدة عن الرقص، الفنون البصرية، الهندسة المعمارية، الأدب والموسيقى".

ويوجّه المهرجان تحية الى زوجة السفير الهولندي في بيروت هيدفيغ فالتمانز-موليير التي قضت في انفجار المرفأ وتبرعت بأعضائها لمرضى لبنانيين، من خلال عرض فيلم "غيرل ويذ ايه بيرل ايرينغ" للمخرج البريطاني ديفيد بيكرستاف.

ويسلط الفيلم الضوء على لوحة تعتبر تحفة فنية في تاريخ الفن التشكيلي للرسام الهولندي يوهانس فيرمير تمثل امراة مبتسمة تزين أذنها حلقة من اللؤلؤ، وهي لوحة معروضة في متحف لاهاي مسقط رأس الراحلة، بحسب مغبغب.

وقد غابت الأحداث السينمائية هذا العام في لبنان الغارق في أزمة مالية فاقمها تفشي وباء كوفيد-19، فيما نُظمت أحداث قليلة على نطاق محدود وبنسق افتراضي حصراً.

وبقيت معظم دور السينما في لبنان مقفلة حتى بعد رفع تدابير الإغلاق إثر الموجة الأولى من الوباء في البلاد في الربيع، خشية تكبّدها خسائر جرّاء التكاليف التشغيلية الكبيرة بينها نفقات شراء الأفلام في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار، وتوقع إحجام الجمهور عن الإقبال عليها في ظل الأزمة الاقتصادية.

كما زاد انفجار مرفأ بيروت خسائر القطاع في ظل الأضرار الفادحة اللاحقة بصالات كثيرة، مما رتّب عليها نفقات ترميم باهظة.

يشــار الى أنّ الحجــز عــبر البريــد الإلكترونــي إلزامـــي عـــبر https://beirutartfilmfestival.org/booking

والقناع الصحي مطلوب عند الدخول وخلال العروض.