... لبنان "مسيّراً" إلى خطّ النار

00 : 55

أضرار خلّفها انفجار الطائرة "المسيّرة" في مركز إعلام "حزب الله" في الضاحية الجنوبية (رمزي الحاج)

بغفلةٍ من الدولة وبـ"ساعة تخلٍ" عن استراتيجيتها الدفاعية وعن مسؤولياتها في قرار حربها وسلمها، تسارعت أحداث نهاية الأسبوع بشكل دراماتيكي بين دمشق وبيروت، ليجد لبنان الرسمي نفسه من دون حول له ولا قوة "مسيّراً لا مخيّراً" في الدخول على خط النار الإقليمية. هي حرب الغارات في سوريا والمسيّرات في لبنان اندلعت بالأمس لتتغير معها عملياً قواعد الاشتباك المرسومة منذ العام 2006 وتُدخل اللبنانيين معها في مرحلة جديدة مفتوحة على شتى الاحتمالات.

فمن "عقربا" جنوبي دمشق إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، ارتسمت معالم "المرحلة الجديدة" التي خطتها إسرائيل ولاقاها إليها "حزب الله" على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله مع إعلانه انطلاق "حرب المسيّرات" في سماء لبنان إثر استهداف طائرة مسيّرة ليل السبت – الأحد عمق الضاحية ما اعتبره نصرالله "مستجداً خطيراً جداً جداً جداً... وما بيقطع هيك".

لكن الأخطر حسبما تقاطعت التعليقات حول خطاب نصرالله إنما يكمن في توعده المتجدد بأن يرد على مقتل 3 من مقاتلي "حزب الله" في سوريا ليل السبت "من لبنان وليس من مزارع شبعا" لينقل تالياً النيران الإسرائيلية – السورية إلى الجبهة اللبنانية في سياق لا يقيم وزناً لا لسياسة "النأي بالنفس" ولا لمفهوم "ربط النزاع"... ولا للقرار 1701.

أما على الجبهة الرسمية اللبنانية، فتصريحات ومواقف متضامنة ومتوافقة في ما بينها على إدانة الخرق الإسرائيلي ومتسلحة في مواجهته بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وهذا ما تمظهر في موقف كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري مروراً بوزراء الدفاع والداخلية والخارجية التي باشرت إجراءاتها لتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة حول خرق أجواء الضاحية الجنوبية. في حين برز على مستوى التفاعل الدولي مع الحدث اتصال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بالرئيس الحريري مؤكداً له خلال الاتصال "ضرورة تجنب أي تصعيد، والعمل مع الأطراف المعنية كافة لمنع أي شكل من أشكال التدهور"، في حين شدد رئيس الحكومة من جانبه على "التزام لبنان موجبات القرارات الدولية لا سيما القرار 1701"، منبهاً في المقابل إلى "مخاطر استمرار الخروقات الاسرائيلية لهذا القرار وللسيادة اللبنانية ووجوب العمل على وقف هذه الخروقات".

ووفق مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن" أنّ اتصال بومبيو بالحريري جاء على خلفية وجود معلومات لدى الأميركيين بأنّ "رد إسرائيل سيكون هذه المرة قاسياً جداً في حال قام "حزب الله" بأي عملية ضدّها، ولن يكون في استطاعة الولايات المتحدة الحؤول دون ذلك"، لذلك أشارت المصادر إلى أنّ "الإدارة الأميركية ارتأت توجيه النصيحة إلى الحكومة اللبنانية بالعمل على ضبط الوضع وعدم المغامرة بتدهور الأمور".

وفي سياق متصل بالموقف الأميركي، جاء بيان الخارجية الأميركية حول فحوى الاتصال الذي أجراه بومبيو مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليعرب عن "دعم الولايات المتحدة لحقّ إسرائيل في الدفاع عن ذاتها من التهديدات التي يمثلها الحرس الثوري الإيراني، وفي اتخاذ الإجراءات لمنع الهجمات الوشيكة ضد الأصول الإسرائيلية في المنطقة". في وقت شدّد نتنياهو على أنّ القوات الإسرائيلية عازمة على "أن تضرب أهداف الحرس الثوري الإيراني التي تهدد إسرائيل أينما كانت".

وعلى قاعدة "الحرب سجال"، يبقى أنّ ما لفت الانتباه في كلام نصرالله انفتاحه على عدم ذهاب الأمور نحو منزلق الحرب مع إسرائيل بقوله للمسؤولين اللبنانيين وإلى "من هو حريص على عدم حصول مشكل: إحكوا مع الأميركيين وخليهم يحكوا مع الإسرائيليين ينضبّوا".