جاد حداد

مهرجانات بيبلوس تختتم بـ"يو يو ما"...باخ في أمسية كلاسيكية بامتياز

26 آب 2019

13 : 15

بأمسية كلاسيكية بامتياز اختتمت مهرجانات بيبلوس فعالياتها الثقافية لهذا العام بالعازف الاميركي الصيني الاصل "يو يو ما" المولود في باريس. أمام مدرجات غصت بالحضور، ولساعتين وربع الساعة قدم العازف برنامجاً حافلاً مستمداً من أعمال جان سيباستيان باخ.

الاجواء كانت راقية، وإن شابتها قلة احترام اللبنانيين لهذا النوع من الامسيات، فبعد أربعين دقيقة من الافتتاح بقي الناس يتوافدون الى المكان بالعشرات فطغت على الموسيقى المعزوفة قرقعة خطواتهم في الممرات وثرثراتهم لاستيضاح أماكن الجلوس، فبدا المشهد مزعجاً للغاية مما أثار امتعاض العازف الذي طبعاً لا يصادف هذا النوع من السلوك إلا عندنا للأسف.

تضمن البرنامج ست مقطوعات لباخ استهلها يو يو ما بـ"سويت رقم 1"، وهي الافتتاحية، واتبعها بالـ"سويت رقم 2" المسماة بـ"الألمانية" الزاخرة بالنغمات الصاخبة حيناً والهادئة في أحيان أخرى.

تأهل العازف بالحضور وتكلّم باللغة العربية باقتضاب، مثنياً على جمال لبنان، ثم حضن آلة "التشيللو" مجدداً وراحت أصابعه تتنقل برشاقةٍ على أوتارها لتعزف "السويت رقم 3" المدعوة بـ "المنسابة". وبدا واضحاً عشق العازف لآلته العائدة الى القرن الثامن عشر والتي يبلغ سعرها، وفق قوله مليونين ونصف المليون دولار أميركي.

وضع جان سيباستيان باخ "سداسية التشيلو" في القرن الثامن عشر، بعنوان "آنا ماغدالينا" وكتبت نوتاتها زوجته الثانية، وأراد أن تعزف من دون اية مرافقة لها ولكنها لم تكتشف قبل نهاية القرن التاسع عشر. وحين عزفها بنفسه في العام 1985 نال عنها جائزة "غرامي" لأفضل عزف منفرد. وقد وصفها النقاد آنذاك بالقطعة "التي هبطت من السماء" لصفائها وروحانيتها العميقة. وتعليقاً على الموضوع أظهرت إحدى الدراسات ان الموسيقي روبرت شومان عمل على توزيع النوتات في العام 1854 لتشمل آلة البيانو كذلك، كما حاول الكثير من الموسيقيين العالميين عزف هذه السداسية على آلات مختلفة لكنها لم تصل في روعتها الى مصاف "الفيولونسيل". كان الحضور في أشد الشوق الى سماع أنغام "السويت رقم 4" وهي موسيقى "السربندة" التي كان أهل البلاط يرقصون على ايقاعها في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وقد راجت بشكل واسع لدى الطبقات الارستقراطية لما تضمنته من حيوية ورغبة في الانشراح وحب الحياة.

واختلفت "السويت رقم 5" المدعوة بـ "التودّد" عن رفيقاتها، اذ انتقلت النغمات بكياسةٍ بالغة، تماماً كما يتودّد الحبيب الى معشوقته بأناقةٍ وجرأة، فشعر الحضور بمتعة فائقة الوصف دفعته للتصفيق قبل انتهاء العزف.

اختتم "يو يو ما" الامسية بـ"سويت رقم 6" التي اختصرت المقطوعات الخمس السابقة فساد جو من الجمال والتألق الموسيقي امتزج بجمال قلعة جبيل وهدير الموج الخافت.


MISS 3