د. هشام حمدان

لبنان بحاجة إلى خطوات جريئة من البطريرك الراعي

17 كانون الأول 2020

02 : 00

مرّة أخرى، أناشد غبطة البطريرك بالتحرّك. لبنان بحاجة إلى موقف استراتيجي واضح منه، يحمله إلى المنابر الدولية، لا أن يكون صوتاً من الأصوات الداخلية الرتيبة التي تنشغل بالتفاصيل اليومية. لا نريده صاحب مواقف تزيد من الإنقسام بين الناس، وإنّما صاحب مواقف تجمع الناس.

1 - رئيس الجمهورية يحمي قوى مسلّحة تدمّر سيادة لبنان، خلافاً للدستور. غبطته يطالب بسيادة لبنان، ولكنّه يحمي الرئيس لأنّه ماروني. فخامة الرئيس هو رئيس للجمهورية قبل كلّ شيء، ومطلوب أن يتمّ التعامل معه من منطلق إيماننا الوطني لا المذهبي. رئيس الجمهورية ينتهك الدستور فلا يحمي الوطن وسيادته، وإنما يُبقيه ساحة مفتوحة للحروب والصراعات القائمة في المنطقة.

2 - رئيس الجمهورية يسافر مع حاشية كبيرة على حساب المواطن ليعلن أنه سيقيم أكاديمية للحوار. وهو يدعم حزباً مسلّحاً مُتّهماً في معظم دول العالم بأنّه قوة إرهابية، ممّا ادرج لبنان على لائحة دولية ولو غير رسمية، لدول موصوفة أنها تحتضن مجموعات إرهابية وتحمي الإرهاب.

3 - رئيس الجمهورية لا يتجاهل فحسب، حقوق ألوف الضحايا الذين دفعوا حياتهم وتشوّهت أجسادهم وتطايرت أشلاء لا يمكن حتى معرفة مكانها، بل يتجاهل الأضرار الثقافية والتراثية والتاريخية والنفسية والمعنوية والأخلاقية والإقتصادية التي اصابت لبنان. وهو يرهن مستقبل أجيالنا برمّته، لدفع فاتورة إعادة الإعمار والتأهيل، وكلّ ذلك لأنّه يصرّ على القول إنّ جريمة المرفأ هي مجرّد إهمال مسؤولين، وفساد آخرين، فيحمي كلّ الذين يخوضون حروبهم على حساب هذا الوطن وهذا الشعب.

4 - رئيس الجمهورية المتحالف مع ذلك الحزب المسلّح، الذي زرع لبنان عشوائياً بسلاحه وترسانته العسكرية وحوّل كل مكان فيه، من دون أي تمييز بين مواقع عسكرية أو مدنية، هدفاً مشروعاً لأعدائه، يسعى للتورية على الحقائق بمنع أي تحقيق قضائي دولي، مُحتمياً خلف قلّة تحكمها أخلاقها البريئة، أو مصالحها وطموحاتها، تحت حجّة حماية القضاء الوطني، في حين أنّ القضاء الوطني مُسيّس حتى العظم.

5 - رئيس الجمهورية يلعب دور رئيس البلاد، فيستقبل صباحاً الرئيس ماكرون، ثم يستقبل مساء صهره جبران الذي يقرّر معه كفريق في السلطة، الموقف الواجب اعتماده. جبران ليس لديه ما يخسره. هو نال حصّته من العقوبات، فلماذا يقدّم تسويات؟ جبران وعمّه قرّرا بوضوح، إمّا الإنتصار مع "حزب الله" أو الذهاب معه إلى البيت. هما يعلمان أنّ بضع مئات من الذين يأكلون من خيراتهما، أو يستظلّون بشعاراتهما، لن يحموهما بل أنّ "حزب الله" هو الذي سيحميهما. مع "حزب الله" إذاً، مهما تكن النتيجة.

لذلك كلّه، اسأل غبطة البطريرك، هل طائفة الرئيس أهمّ من الوطن؟

وبعد، من هو الذي سيحمل رسالة المطالبة اللبنانية بالسيادة والعدالة إلى العالم غير البطريرك؟ مجد لبنان أعطي له. فإلى متى يستمرّ صامتاً على معاناة أهلنا. منذ العام 1969، ولبنان وأهله يدفعان فاتورة حروب بعض العرب والعالم في هذا الشرق المعذّب. على أرضنا وعلى حساب شعبنا، تاجروا بالقضية الفلسطينية ودمّروها. وعلى أرضنا وحساب شعبنا، يتاجرون بموضوع السلام في المنطقة. وعلى أرضنا وعلى حساب شعبنا، يتاجرون بوضع اليد على التقسيمات الجغرافية الناشئة في هذا الشرق.

ماذا ينتظر غبطة البطريرك؟ نرجوه أن يحمل رسالة لبنان كما حملها أسلافه إلى مصنع القرار في العالم. نريده أن يذهب إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتّحدة، وأن يرفع الصوت. سيلتئم مجلس الأمن وتلتئم الجمعية العامة بكل أعضائهما من دول العالم لتسمع صرخته. ألا يستأهل لبنان منه هذه الخطوة الوطنية الكبيرة؟


MISS 3