إشتباكات ضارية في إدلب... والأكراد ينسحبون من المناطق الحدودية

بوتين وأردوغان يُعيدان "هندسة التفاهمات"

02 : 44

أردوغان وبوتين يتفقّدان مقاتلة روسيّة من طراز "سوخوي 35" قرب موسكو أمس

بالتزامن مع الاشتباكات الضارية في إدلب السوريّة بين قوّات النظام والفصائل الجهاديّة والتي أوقعت عشرات القتلى بين الطرفين، اجتمع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان أمس وأجريا محادثات على هامش معرض للملاحة الجوّية قرب موسكو، حيث كشف بوتين أن بلديهما "يتشاطران قلقاً بالغاً" في شأن الوضع في منطقة إدلب، فيما أكّد أردوغان أنّه سيتّخذ "كلّ الخطوات الضروريّة للدفاع" عن جنوده المنتشرين في هذه المنطقة.

ويُملي التقدّم الميداني الأخير لقوّات النظام على موسكو وأنقرة إعادة هندسة تفاهماتهما بخصوص إدلب، من دون أن يُغيّر ذلك من حرصهما على الحفاظ على علاقات استراتيجيّة على خلفيّة مصالح جيوسياسيّة تتخطّى الشأن السوري. وبعد محادثاتهما أعلن الزعيمان أنّهما يرغبان في العمل معاً لتهدئة الوضع في هذه المنطقة الحدوديّة مع تركيا، وهي إحدى آخر المناطق غير الخاضعة لسيطرة دمشق.

وأكّد بوتين خلال مؤتمر صحافي نقلته القنوات الحكوميّة الروسيّة في ختام الاجتماع، أن "الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب يُثير مخاوف جدّية لنا ولشركائنا الأتراك"، مضيفاً: "نتفهّم مخاوف تركيا إزاء الأمن على حدودها الجنوبيّة، ونعتقد أن هذه المصالح مشروعة"، موضحاً أنّه بحث مع نظيره التركي "تدابير مشتركة إضافيّة من أجل القضاء على بؤر الإرهاب وتطبيع الأوضاع في إدلب وسوريا بشكل عام". ورغم تأكيد رغبتهما في الحفاظ على وحدة سوريا، شدّد بوتين على أنّه "من الضروري محاربة الجهاديين في إدلب لأنّهم يُواصلون قصف مواقع القوّات الحكوميّة في محاولة لمهاجمة أهداف عسكريّة روسيّة".

كما أكّد الرئيس الروسي استمرار العمل على تشكيل اللجنة الدستوريّة السوريّة، معرباً عن أمله في انطلاق أعمالها في جنيف قريباً. ولفت إلى أنّه بحث مع أردوغان موضوع المقاتلة الروسيّة "سوخوي 35"، بعدما استبعدت واشنطن أنقرة من برنامج شراء مقاتلات من طراز "أف 35" بعد شراء تركيا منظومة الصواريخ الروسيّة "اس 400".

بينما رأى أردوغان أن "الوضع تعقد بشكل كبير إلى درجة بات جنودنا حالياً في خطر"، مضيفاً: "لا نُريد أن يستمرّ ذلك، سنتّخذ كلّ الخطوات الضروريّة لحمايتهم"، مشيراً إلى أنّه ناقش ذلك مع بوتين. وتمكّنت قوّات النظام خلال تقدّمها في الأسبوع الأخير من تطويق نقطة مراقبة تركيّة في بلدة مورك، هي الأكبر من بين 12 نقطة مماثلة تنشرها أنقرة في إدلب ومحيطها بموجب الاتفاق مع روسيا. واعتبر أردوغان أن القمة المرتقبة في أنقرة الشهر المقبل، والتي ستجمعه مع بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني، "يجب أن تُسهم بالسلام في المنطقة".

ميدانياً، قُتِلَ أكثر من 60 عنصراً من قوّات النظام والفصائل الجهاديّة والمعارضة جرّاء اشتباكات عنيفة بين الطرفين على جبهات عدّة. ففي شرق مدينة خان شيخون، استمرّت المعارك لساعات طويلة إثر شنّ الفصائل المسلّحة هجوماً على مواقع لقوّات النظام، الذي تُواصل طائراته الحربيّة قصفها لمناطق عدّة في ريف إدلب الجنوبي، هذا فضلاً عن المقاتلات الروسيّة. وتمكّنت قوّات النظام من صدّ الهجوم، الذي قاده فصيل "حراس الدين" المرتبط بتنظيم "القاعدة"، بإسناد جوّي من قوّاتها وطائرات روسيّة، وفق "المرصد السوري".

كما تكبّدت الفصائل خسائر في ريف إدلب الشرقي، إثر محاولتها التسلّل إلى مواقع لجيش النظام قريبة من مطار أبو الضهور العسكري. وتدور أيضاً اشتباكات على جبهة ثالثة في ريف اللاذقيّة الشمالي الشرقي، المحاذي لإدلب. وأسفر قصف مروحيّات قوّات النظام عن مقتل أربعة مدنيين بينهم طفل في بلدة معرشورين، كما قُتِلَ إمام مسجد في قرية تلمنس.

توازياً، أعلنت الإدارة الذاتيّة الكرديّة في شمال وشمال شرقي سوريا بدء سحب المقاتلين الأكراد من مناطق قرب الحدود مع تركيا، تنفيذاً للاتفاق الأميركي - التركي حول إنشاء "المنطقة الآمنة"، موضحةً في بيان أنّه "وضمن إطار المرحلة الأولى من التفاهمات تمّ البدء بالخطوات العمليّة الأولى، وذلك في منطقة سري كانية - رأس العين، بإزالة بعض السواتر الترابيّة وسحب مجموعة من وحدات حماية الشعب والأسلحة الثقيلة إلى نقاطها الجديدة". وتكرّرت الخطوات ذاتها، وفق البيان، في منطقة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي. وشدّدت الإدارة الذاتيّة على أن هذه الإجراءات "تؤكّد جدّية التزامنا بالتفاهمات الجارية".


MISS 3