روي أبو زيد

بوجار هوشا: أنظروا إلى لبنان بعين إنسانية وغضّوا النظر عن طبقته السياسية الفاسدة

CARE تدعم العائلات الأكثر فقراً والفئات المُستضعفة

28 كانون الأول 2020

02 : 00

تعني كلمة CARE بالإنكليزية "الاهتمام"، ومن هذا المنطلق وُلِدت منظمة "كير" الدولية للمساعدة والإغاثة. تُقدّم الجمعية الإغاثة الطارئة ومشاريع التنمية الدولية طويلة الأمد. تأسست في العام 1945، وهي من أكبر المنظمات الإنسانية وأقدمها التي تركز على مكافحة الفقر في العالم. في العام 016 عملت "كير" في 94 دولة، ودعمت أكثر من ألف مشروع لمكافحة الفقر ومشاريع المساعدات الإنسانية، فضلاً عن دعم أكثر من 122 مليون شخص و 256 مليوناً آخرين بشكل غير مباشر.

"تعالج برامج الجمعية مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الاستجابة للطوارئ والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ والزراعة والتعليم والصحة"، كما يشير في حديث لـ"نداء الوطن" مديرها في لبنان بوجار هوشا.


بوجار هوشا


يشرح هوشا: "تشدد "كير" أيضاً على المستويات المحلية والوطنية والدولية لتغيير السياسة وحقوق الفقراء. في كل من هذه المجالات، نركّز كذلك على تمكين وتلبية احتياجات النساء والفتيات وتعزيز المساواة بين الجنسين".

و"كير" من أولى الجمعيات التي تقدّم مساعدات عاجلة للناجين من الكوارث الطبيعية والحروب. ويلفت هوشا هنا الى أنه "بمجرد انتهاء الأزمة الحالية نساعد الناس على إعادة بناء حياتهم".

"كير" الدولية الحاضرة في لبنان منذ العام 2013، أنشأت "مشاريع في البلاد على مدى السنوات السبع لدعم المجتمعات اللبنانية للنهوض بحقوق المرأة، ومكافحة الفقر وحماية البيئة، فضلاً عن تأمين المياه من خلال خطط مستحدثة وإعادة ترميم المنازل، فضلاً عن تأمين المساكن لمن هم بحاجة إليها"، كما يقول هوشا. ويضيف: "نعمل مع اللاجئين الذين يستضيفهم اللبنانيون والحكومة اللبنانية، لكن هدفنا الأساسي هو دعم المجتمعات اللبنانية أولاً".


حتى كورونا لم يمنع "كير" من إستكمال مشاريعها


وتقدم هذه البرامج الدعم إلى النساء والمراهقات الأكثر تهميشاً عبر جلسات التوعية والدعم النفسي والاجتماعي، والتوجيه نحو الخدمات المتخصصة وأنشطة بناء المهارات مثل الإسعافات الأولية والتدريب على الدفاع عن النفس. تعمل "كير" من خلال مراكز التنمية الاجتماعية لتزويد المجتمعات الضعيفة بالخدمات المتاحة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، بدأ العمل على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توزيع وقود التدفئة على الأسر الأكثر احتياجاً في شمال لبنان، وتحديداً ببنين وحلبا في عكار إلى جانب مناطق أبي سمراء والكورة والبداوي في طرابلس. وتوزّع "كير" قسائم وقود التدفئة على 130 أسرة أي ما يقارب 650 مستفيداً. ونظراً للحاجة الماسة للغذاء يتم العمل على تجهيز حصص غذائية لتوزيعها للعائلات الأكثر فقراً خلال الأيام القادمة.


وأقامت المنظمة العالمية حفلتها السنوية الثالثة لتوزيع جوائز CARE Impact في الولايات المتحدة الأميركية أخيراً فكرّمت هوشا بجائزة "كير إمباكت للصمود والمثابرة" حاصداً لقب "بطل من الحياة اليومية" عن العمل الهائل الذي يقوم به في لبنان، خصوصاً بفضل حضوره على الأرض بعد انفجار بيروت.

ويشير هوشا الى أنه "يدير المنظّمة منذ 18 شهراً. كما يعمل منذ بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان على حشد الرأي العام وتأمين المال من أجل لبنان".

وبعد انفجار بيروت، وبفضل جهوده، تضاعفت ميزانية المكتب في بيروت أربع مرات ما أتاح للمنظمة غير الحكومية الدولية الوصول إلى المزيد من اللبنانيين المحتاجين.

ويقول هوشا: "تشكل النساء اللواتي يعانين من هشاشة متزايدة نسبة كبيرة من السكان المتضررين، حيث تضم 51% من أسر السكان المتضررين أسر تعيلها نساء، و8% نساء مسنات يعشن بمفردهن" موضحاً أنّ "هناك فجوة كبيرة في البيانات بين الجنسين في التقييمات الإنسانية المحددة للاستجابة لانفجار بيروت".


إعادة ترميم المنازل بعد إنفجار بيروت


ولا تزال النساء والفئات المهمشة في حاجة ماسة إلى الخدمات الصحية - وخاصة الإسعافات الأولية، وفقاً لسجلات وزارة الصحة العامة. فاعتباراً من الثالث من أيلول الفائت، توفي عدد من الرجال أكثر من النساء جراء الانفجار: شكّل الذكور 63% من أصل 191 ضحية مقابل 30% من الإناث و7% غير معروفين. ويبدو أن الإناث كانوا أكثر عرضة للإصابة بجروح في الانفجار، بالإضافة إلى المجموعات المهمشة، لا سيما العمال المهاجرين واللاجئين السوريين والأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمع "الميم" الذين لم يتلقوا رعاية أولية كاملة، بسبب معوقات حركية في الوصول للخدمة، وعدم القدرة على تحمّل أكلافها وحواجز التمييز والتوثيق غير المراعي والحساس جندرياً. ويشرح هوشا هنا: "تتجاوز مخاطر الحماية الناتجة عن تدمير منازل الأشخاص والمآوى أضرار البنية التحتية، وتشمل زيادة مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي (GBV) والتأثيرات، التي تطال الصحة النفسية والعقلية بسبب فقدان الشخص لمنزله وهويته ومساحته الآمنة"، مردفاً أنّ "نساء عدة صرّحن لنا عن شعورهن بعدم الأمان في منازلهن بسبب الأضرار التي لم يتم إصلاحها أو بسبب الإصلاحات الموقتة، بينما أفادت أخريات عن شعورهن بعدم الأمان في مشاركة أماكن الإقامة مع أشخاص من معارفهن".


وأدى فقدان الموارد المادية والمالية إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحالي، ما يؤثر بشكل خاص في العمال المهاجرين (الغالبية العظمى منهم من النساء): 42% من المهاجرين الذين شملهم الاستطلاع من المنظمة الدولية للهجرة (IOM) عقب الانفجار يعانون من الجوع أو العطش، مقارنة بـ 11% من السكان اللبنانيين.


مشاريع لدعم النساء


هوشا يرفع الصوت طارحاً توصيات عدة في هذا الإطار أهمها:

أ. على المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية بذل مزيد من الجهود للوصول إلى الفئات المهمشة وشملها ودمجها. ويشمل ذلك تصميم وتنفيذ برامج مخصصة لكبار السن من النساء والرجال الذين لا يزالون يشكلون مجموعة مستضعفة للغاية في المناطق المتضررة من الانفجار وتطوير شراكات مع المنظمات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة.

ب. تصميم حزم المساعدة للنساء المعيلات لأسرهن، بما في ذلك المسنات اللواتي يعشن بمفردهن، واللواتي يشكلن نسبة كبيرة من أولئك الموجودين في المنطقة المتضررة.

ج. توفير الخدمات الصحية مجاناً، وفي المنزل، لمن لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الميدانية، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية والعقليـة والدعــم النفسي الاجتماعي.

د. مع انتقال الاستجابة من المساعدة الإنسانية إلى التعافي الاقتصادي، يجب إعطاء الأولوية للنساء والأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمع "الميم" والناجيات من العنف المنزلي للحصول على فرص عمل والتسجيل في برامج تحصيل سبل العيش، لتمكينهن من التعافي المأمون من تأثيرات الانفجار".

ويختم هوشا حديثه متوجّهاً الى المانحين بالقول: "أنظروا الى لبنان بعين إنسانية، غضّوا النظر عن طبقته السياسية الفاسدة ومدّوا يد العون للّبنانيين المحتاجين. ويضيف: "لبنان بحاجة ماسّة الى مساعدات إنسانية، خصوصاً وأنّ غالبية اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، وقد ازدادت أوضاعهم الاقتصادية تردّياً بعد الانفجار الرهيب الذي طال المرفأ".