سحر الخطيب

كتابات تستحق النشر

في قلب قُبلة

29 كانون الأول 2020

02 : 00

وهكذا وقعت على دراسة عن تاريخ القُبل. للقبلة بداية إذاً لكن التاريخ لا يجزم قط من كان أبوها الأول.

يفكر المرء قليلاً في كل أولئك الذين عاشوا قبل بدايات القبل، و هل كان ثمة تاريخ فعلا من دون قُبل؟ في سِيَر قدامى الفرس كانت القبلة سلاماً عابراً وتحديداً لهوية طبيقة. فلا تنزل من الشفاه على الشفاه بين رَجلين إلا إن كانا من طبقة اجتماعية واحدة. فإن فرّقت بينهما الطبقات تهاوت آنذاك القبلة مرتبةً لتُطبع على الخدّين. واذا باعدت بينهما المراتب الطبقية مسافاتٍ كبيرةً سجد اقلُهما منزلةً للآخر! اليهود في المقابل أعطوا القبلة وجهين أحدهما شهواني والآخر عائلي، ليس بينهما بين. إما هذا أو ذاك. ثم أتت القرون الوسطى وبقيت القبلةَ سلاماً خجولاً منحصراً بين رابط عائلي أو آخر رسمي، لكنها للمفارقة كانت مكرسةً في النظام الإقطاعي؛ حيث يتبادل صاحب الأرض وخادمه القبلة الشفهية كختمٍ وتوكيد على الوفاء والإلتزام في العهد الجامع بينهما. ولعل ذلك استُلّ من قُبلة السلام المقدّسة التي كانت رائجة بين المسيحيين في الكنائس كعهد ووفاء ديني. ويروي التاريخ حادثة رئيس كنيسة سان ريكييه الذي رفض تقبيل ملكة انكلترا لأن قبلة السلام بين الشفاه تكون بين الرجال حصراً وما هي إلا امرأة حتى ولو كانت ملكة! حرّر عصر النهضة القبلة من أطرها الدينية والاجتماعية والجندرية و تركها وشأنها لمن يودّها فصارت لغة المشتاقين صِلة المتحابين طمأنة المتوادّين صارت إعلان حب، خِتمَ أم، رحمةَ أب، كتف صديق..ثم أتت الكورونا واعادتنا إلى ما قبل القُبل..

بالأمس كان الميلاد في العالم من دون قُبل، أو بقُبل أقل، لكن الاستثناءات التي سُرقت بين العائلات هي تأكيد على انتصار الحب الكبير. لأن الميلاد...مجيد!



MISS 3