جاد حداد

ماذا بعد كورونا؟

5 كانون الثاني 2021

02 : 00

يؤكد الخبراء أنّ الكثير من المعلومات حول تأثيرات جائحة كورونا على المدى البعيد ما زال مجهولاً إلّا أنّنا سنكتشف التفاصيل حولها قريباً. يعاني عدد كبير من الناس من أعراض جائحة كورونا اليوم وبدأ الأطباء للتو اكتشاف آثارها على المدى البعيد.

ويعلّق الدكتور ديفيد كريستياني، وهو أستاذ محاضر بكلية الطبّ في جامعة هارفرد وطبيب متخصّص في أمراض الرئة في مستشفى ماساتشوستس العام ومدير "برنامج الطبّ البيئي والمهني وعلم الأوبئة" في كلية هارفارد للصحّة العامة على الأمر بقوله: "تصلنا اليوم تباعاً تقارير تصف التأثيرات الطويلة الأمد للفيروس على الرئتين، وليس ذلك بأمر مفاجئ بما أنّه قد يتسبب بندوب وبخلل مزمن على الجهاز العصبي والقلب والأوعية الدموية والكلى".

كما يتحدث بعض الاشخاص، ونسميهم اليوم "بمتضرري الأمد الطويل"، عن استمرار الأعراض لأسابيع وأشهر بعد الإصابة الأولى. وتشمل الأعراض هذه الصداع ومشاكل في الإدراك وتغيرات مزاجية بالاضافة الى الإرهاق، وقلّة تحمّل التمارين الرياضية وأوجاعاً مختلفة في الجسم... ويضيف كريستياني: " نتعلم المزيد عن أعراض الفيروس مع مرور الأشهر وتزداد خبرتنا حول الموضوع. ثمة أعراض طويلة الأمد حتماً ونحتاج الى مزيد من الدراسات لنحدد ما إذا كان قسمٌ منها ناتج عن البقاء في وحدة العناية المركّزة (ICU) لفترة طويلة كما يحصل مع أي نوع من الأمراض الخطيرة أم أنه ناجم عن خصائص متعلّقة بهذه العدوى بالذات".

تأثيرات ما بعد الإصابة بالفيروس

فيما لا نعرف بعد الكثير عن أعراض ما بعد العدوى، تشير التقارير إلى أنّ احتمال وجود تأثيرات طويلة الأمد مرتفع عند من يعانون من عوامل خطرة (كالسمنة أو ارتفاع ضغط الدم) وكبار السنّ وفق منظمة الصحة العالمية. كذلك تزداد احتمالات الاعراض الدائمة لدى من يعانون مرضاً خطيراً بسبب هذا الفيروس. وبينما لوحظ وجود عوامل خطر مستترة لدى المصابين بأعراض طويلة الأمد، ليست فئة الشباب بمنأى عن هذا التأثير. وأفادت منظمة الصحة العالمية خلال إستطلاع أجرته هاتفياً بأنّ 20% من البالغين الذين يظهرون أعراض الكوفيد وتتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاماً يعانون آثاراً دائمة.



يبقى الكثير مجهولاً

ربما يجعلك الوضع الحالي تتساءل عن التأثيرات المحتملة في حال إصابتك وما يمكنك أو عليك فعله لحماية صحتك على المدى الطويل. ولأنَّ الفيروس جديد، لا يفهم الأطبّاء تماماً بعدْ سبب عدم تعافي البعض منه بشكل كلّي وكم نسبة الأشخاص المتأثرين بالفيروس فعلياً على المدى البعيد وإن كانت هذه المشاكل ستحلّ مع الوقت. يوضّح الطبيب إريك روبين، أستاذ محاضر في علم المناعة والأمراض المعدية في كلية هارفارد للصحة العامة: "المعلومات المنشورة حول التعافي بعد الإصابة قليلة جداً لذا من الصعب إعطاء الناس إرشادات محددة أو حتى معرفة ما يمكن توقعه". ويضيف: "بما أننا نتعاطى مع فيروس جديد، لا نملك الخبرة الكافية بشأن التعافي. ما مدى انتشار الفيروس وشدته؟ لا نملك جواباً شافياً بعد". ولكنّ الأطباء واثقون من بعض المسائل حتى في المراحل الأولى هذه.

قد يستغرق التعافي بعض الوقت. فعدد كبير ممن يصابون بالإنفلونزا أو أي نوع من أنواع عدوى الجهاز التنفسي الحادة لا يتعافى فوراً. فالتعافي يستغرق وقتاً ويصح ذلك في حالة عدوى الـCOVID-19 كذلك".

ويعلق الطبيب روبين قائلاً: "بشكل عام، كلما كانت العدوى الأولية شديدة، كان التعافي صعباً وبطيئاً. غالباً ما لا يتعافى المصابون بأشد أنواع أمراض الرئة أي متلازمة "الضائقة التنفسية الحادة" (ARDS) إلّا بعد فترةٍ طويلة". ويتابع: "يعاني المرضى من هذه المتلازمة بعد إصابتهم بـCOVID-19، وهذا نتيجة التعافي البطيء أو شبه المعدوم للرئتين، لذا يكون ضيق التنفس، خصوصاً لدى بذل أي مجهود أمراً طبيعيّاً. لا يساعد قصد المستشفى على التعافي السريع، فكثير من المرضى يعانون من ضعف في العضلات نتيجة القبوع لأيّامٍ في المستشفى لمحاربة الفيروس فيواجهون صعوبة في العودة إلى حياتهم الطبيعيّة واسترجاع قوتهم. وقد يحتاج من يعاني مضاعفات خلال العدوى إلى متابعة متخصّصة. كورونا مختلف عن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى في كونه لا يؤثر على الرئتين فحسب بل يؤثر على الانسدادات الدموية وبالتالي يسبب سكتات دماغية وضرراً بالقلب وأعضاء أخرى. وقد يصاب البعض بتلفٍ كلوي أثناء المرض فيضطرون الى تناول الأدوية لفترة طويلة مع متابعة متخصصــة وفق نوع المضاعفات.

كيفية تخطّي المرض

من المرجّح أن يعاني المصابون بأعراضٍ شديدة من استمرارها لزمنٍ طويل. أما المصابون بأعراض خفيفة فقد لا يعودون إلى طبيعتهم لأسابيع أو ربما لأشهر.

ويشرح الطبيب كريستياني الأمر بقوله: "نظراً لغياب العلاجات لانعكاسات كورونا الصحية الطويلة الامد، ما من مبرّر لإجراء فحص للرئة أوالقلب ولكن يُستحسن أنْ يتلقّى المريض الرعاية الأولية عبر التطبيب عن بعد أو زيارة الطبيب شخصياً بعد الشفاء، وأن يقوم باختبار للدم للكشف عن علامات الالتهاب، أو اختبار وظائف الرئة، أو أن يقوم بتخطيط صدى القلب. وأودّ الإشارة هنا إلى أنّه ليس ضروريّاً القيام بهذه الإختبارات كلها عند جميع المتعافين ولكن يُفضّل أنْ يتواصل الفرد مع طبيبه لمتابعة هذه الأمور كلها. ما من ارشادات لاتباعها في حال استمرّت الأعراض لديك ومن المرجح أن يتعافى الجميع تماماً ولو بعد فترةٍ طويلة. ولكن كما هي الحال مع أي مرض مزمن ينبغي تقييم من استمرت الأعراض لديهم فقد تكون الأخيرة ناجمة عن فيروس كورونا أو لا، ومن الأفضل التحقق من الأمر مع الطبيب المعالج.

حماية نفسك والمضي قدماً

ويعطي كريستياني بعض النصائح: "بعد أن تتعافى احرص على ممارسة العادات الصحية السليمة تماماً كما لو أنك تتجنب الإصابة. فإعادة الاصابة بالعدوى ممكنة وإن كانت نادرة. التزم بالتباعد الاجتماعي، ارتدِ القناع في الأماكن العامة واغسل يديك باستمرار. في الشتاء تجنّب التجمعات في الداخل بمجموعات صغيرة أو كبيرة. احصل على لقاح الإنفلونزا لحماية رئتيك فحتّى الانفلونزا قد تكون أحياناً شديدة وربما قاتلة فتضعف مناعتك لفترة، ما يجعلك عرضة للإصابة بالالتهاب الرئوي الجرثومي أو بفيروس كورونا مجدداً. وقد تتوافر معلومات إضافية في الأشهر المقبلة مع استمرار الأبحاث عن الفيروس.


MISS 3