جاد حداد

قسطرة القلب... علاج لمرض الشريان التاجي المستقر؟

11 كانون الثاني 2021

02 : 00

تتعدد أسباب ألم الصدر، أبرزها انسداد تدفق الدم في الشرايين التاجية، أي الأوعية الدموية التي توصل الدم المؤكسج إلى عضلة القلب للسماح لها بالخفقان. بحسب سرعة نشوء الانسداد، تُعتبر الحالة مستقرة أو غير مستقرة.

تنشأ الانسدادات غير المستقرة سريعاً حين تتمزق صفائح الشرايين المتصلّبة داخل الشريان التاجي وتشكّل جلطة فوقها. تستطيع الجلطات والصفائح أن تعيق تدفق الدم وتحرم عضلة القلب من الأوكسجين وتُسبب نوبة قلبية. تُسمى هذه الحالة "المتلازمة التاجية الحادة" ويقضي علاجها بإجراء قسطرة القلب: إنها عملية غازية بالحد الأدنى لتشخيص الانسداد وتحديد الخيارات المناسبة لمعالجته.

حين تتراكم الصفائح في الشرايين التاجية تدريجاً، لا يشـــعر معظم المرضى بأي أعراض أو تبقى أعراضهم محدودة. لكن بعد تفاقم الانسداد مع مرور الوقت، قد يشعر المريض بألم في الصدر أثناء التحرك لكنه يزول عموماً في أوقات الراحة. وعندما يُسبب الانسداد هذا النمط المتوقع من ألم الصدر، تُسمى الحالة مرض الشريان التاجي المستقر. قد تبرز الحاجة أحياناً إلى قسطرة القلب للسيطرة على المشكلة.

اختبار الإجهاد

يمكن اللجوء إلى اختبار الإجهاد لتقييم احتمال الإصابة بانسداد الشريان التاجي. يهدف هذا الاختبار في المقام الأول إلى تقييم أداء القلب أثناء النشاطات الجسدية. وبما أن النشاط يسرّع خفقان القلب، قد يكشف اختبار الإجهاد عن أي مشاكل في تدفق الدم داخل الشرايين التاجية. حتى أن بعض أنواع هذا الاختبار قد يرصد مشاكل مثل نقص إمدادات الدم.

قسطرة القلب

تشير قسطرة القلب إلى عملية تشخيصية تقضي بإدخال أنبوب رفيع وطويل إلى شريان في الذراع أو الساق للوصول إلى الشرايين التاجية. ثم تُحقَن هذه الشرايين بصبغة التباين للبحث عن أي انسدادات محتملة.

بحسب موقع الانسداد وحدّته، يمكن أن تُعالَج المشكلة بالأدوية وحدها، أو عبر رأب الأوعية التاجية ووضع دعامة (يُنفَخ بالون في نهاية القسطرة لفتح الانسداد ووضع الدعامة). يمكن إجراء هذه العملية خلال قسطرة القلب. أحياناً، تبرز الحاجة إلى عملية القلب المفتوح لإعادة توجيه الدم حول مكان الانسداد. تُسمى هذه العملية جراحة تحويل مسار الشريان التاجي.

أثبتت الدراسات أن فرص نجاة المصاب بالمتلازمة التاجية الحادة قد تتحسن مقابل تراجع احتمال تعرّضه لنوبة قلبية إذا خضع لقسطرة القلب ثم رأب الأوعية التاجية ووضع دعامة أو إذا خضع لجراحة تحويل مسار الشريان التاجي. لكن ما هي منافع قسطرة القلب لدى المصابين بمرض الشريان التاجي المستقر؟

كشفت تجربة سابقة أن المقاربة المبنية على وضع دعامة وتلقي علاج بالأدوية لم تسمح بتخفيض خطر الوفاة أو النوبات القلبية أو أي حوادث قلبية ووعائية حادة أخرى لدى المصابين بمرض الشريان التاجي المستقر مقارنةً بمفعول العلاج بالأدوية وحده. لكن سمح وضع الدعامة بتخفيف الأعراض بوتيرة أسرع من الأدوية وحدها.

وفي تجربة لاحقة تُعرَف باسم "الإقفار" ونشرتها مجلة "نيو إنغلاند الطبية"، حلل الباحثون مجموعة فرعية من المصابين بمرض الشريان التاجي المستقر وحالة معتدلة أو حادة من نقص التروية خلال اختبار الإجهاد. قارن العلماء نتائج المجموعة التي خضعت لقسطرة القلب ورأب الأوعية التاجية وعملية وضع الدعامة أو خضعت لجراحة تحويل مسار الشريان التاجي تزامناً مع أخذ الأدوية بنتائج المجموعة التي تلقّت علاجاً بالأدوية فقط. لم ترصد الدراسة أي اختلاف بين المجموعتَين في نهاية المرحلة الأولية (سُجّلت حالات وفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، أو نوبات قلبية، أو إنعاش القلب، أو دخول المستشفى بسبب ألم غير مستقر في الصدر، أو قصور القلب).

في المقابل، لاحظت تجربة "الإقفار" زيادة بسيطة في النوبات القلبية الإجرائية (تضرر عضلة القلب بسبب انقطاع تدفق الدم إلى القلب خلال العملية) لدى من خضعوا لقسطرة القلب. لكن رُصِدت زيادة مضاعفة في النوبات القلبية العفوية في المجموعة التي لم تخضع لقسطرة القلب. اكتشفت الدراسة أيضاً أن المجموعة التي خضعت لقسطرة القلب ارتاحت من الأعراض أكثر من تلك التي تلقّت العلاج بالأدوية وحده.

أخيراً، لم تتمكن تجربة "الإقفار" من إثبات أي منافع مباشرة لقسطرة القلب (تزامناً مع رأب الأوعية التاجية ووضع دعامة أو الخضوع لجراحة تحويل مسار الشريان التاجي وأخذ الأدوية) مقارنةً بالأدوية وحدها. نتيجةً لذلك، لا تزال التوجيهات العلاجية توصي جميع المرضى المصابين بمرض الشريان التاجي المستقر بزيادة جرعات الأدوية التي يأخذونها بأعلى درجة ممكنة. لكن تكون قسطرة القلب في المقابل مقاربة مناسبة جداً إذا استمرت الأعراض المزعجة لدى هؤلاء المرضى أو إذا كانوا لا يتحملون العلاج بالأدوية أو في الحالتَين معاً.


MISS 3