جنى جبّور

منحته الأكاديمية الفرنسية الجائزة الفرنكوفونية الكبرى للعام 2021

اسكندر نجار: الوطن يزول عندما تندثر ثقافته

16 كانون الثاني 2021

02 : 00

الكاتب ألكسندر نجّار
هو سلاح من نوع آخر يحجز لبلادنا مكانة مرموقة على خريطة الإنجازات الأدبية. وليس الكاتب اسكندر نجار غريباً عن هذا السلاح فقد اعتاد رفع اسم لبنان عالياً أكثر من مرة بجوائز أعادت البلاد الى ماضٍ عريق نفتخر به. واليوم انتزع المؤلف جائزة جديدة جعلتنا نؤكد مرة أخرى: "هذا لبنان الذي نريد".

إختارت الأكاديمية الفرنسية منح الجائزة الفرنكوفونية الكبرى للعام 2021 إلى الكاتب والمحامي اسكندر نجار. خبر مفرح، يعطي كثيراً من الأمل وسط أجواء مظلمة وأزماتٍ متتالية تعصف بلبنان من كلّ حدبٍ وصوب.

ليست هذه الجائزة الأولى في رصيد نجّار المعروف بأسلوبه البارع، فهو حاز جوائز لبنانية وفرنسية منها جائزة البحر الأبيض المتوسط للعام 2009 عن روايته "فينيسيا" الصادرة بالفرنسية عن دار "Plon" في باريس، وله أعمال عدّة في الرواية نذكر منها "دروب الهجرة" و"الفلكي"، "رواية بيروت" وفي الشعر "الخيام" وفي السيرة "جبران خليل جبران"، و"يوحنا المعمدان"، وفي المسرح "الضفدع"، وفي التاريخ "ديغول ولبنان".





من لبنان الى العالم

تمثل هذه الجائزة (قدرها 30 ألف يورو) أهم الجوائز الأكاديمية الفرنسية، وتمنح لشخصية تميزت بمسيرتها ونشاطها في المجال الفرنكوفوني، بعد اجتماع أعضاء الأكاديمية، لطرح أسماء مختلفة للكتّاب والناشطين الفرنكوفونيين في العالم. وفاز نجار بالدورة الأولى بعدما حصد مجمل أصوات الحكام. يُذكر أنّ نجّار، ليس أول لبناني يفوز بالجائزة، ففي العام 1986 حصل الشاعر جورج شحاده على أول جائزة فرنكوفونية في تاريخها، وفي العام 1995 كانت من نصيب الشاعر الراحل صلاح ستيتية، وها هي تمنح اليوم وبعد 27 سنة الى اسكندر نجّار. وليست الجائزة الرابط الوحيد بين هؤلاء الأدباء، فالثلاثة تعاقبوا كذلك على ادارة الملحق الأدبي "لوريان ليتيرير" لجريدة "لوريان لوجور"، بدءاً من شحاده وصولاً الى نجّار.

"ثقافة العنف لا تمثلنا"

يهدي نجار جائزته الى لبنان قائلاً: "لطالما تميّز وطننا برسالته وحضارته. لا يزول الوطن عندما يكون محتلاً، بل عندما تندثر ثقافته". ويضيف: "ثقافتنا مرتبطة بهويتنا التي تعزز وجودنا، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يلغينا. كما أنّ ثقافة العنف لا تشبهنا ولا تمثلنا". ويؤمن نجار أيضاً أنّ الفرنكوفونية باب الانفتاح، وجسر عبور وتواصل بين الثقافات، وهذا ما يميز لبنان عن سائر البلدان العربية. ويشير الى أنّ "لبنان يتمتع بقوة سلاح التعدد اللغوي والثقافي، فلطالما تفوق اللبنانيون في المجال الثقافي بالألعاب الفرنكوفونية (كان نجار رئيس اللجنة الادبية الفاحصة وساهم في تنظيمها) بين كل البلدان الفرنكوفونية بسبب التعدد الثقافي والتمسك بالجذور اللبنانية والعربية والانفتاح على الغرب عبر الفرنكوفونية واللغة الانكليزية كذلك".





رواية قيد الانشاء


على صعيد المحاماة، يرأس نجار اللجنة الفرنكوفونية في نقابة المحامين، وفي رصيده كتابان عن الحقوق باللغة الفرنسية، وينشر مقالاته الحقوقية بالفرنسية دائماً، نظراً للتقارب الموجود بين القانونين الفرنسي واللبناني. نجار كذلك من مؤسسي دار نشر "l’orient des livres"، وآخر رواية نشرها في نيسان 2020 تحت عنوان "La couronne du diable "، الصادرة عن دار النشر الفرنسيّة "بلون" (Plon)، ويتناول فيها جائحة كورونا. عنوان النسخة العربيّة من الكتاب الذي صدر بالإسبانيّة أيضاً "التاج اللعين". وقد اختار نجّار الكتابة عن الجائحة، التي ما زالت في ذروتها، إيماناً منه بدور الكاتب ومسؤوليّته في الظروف الصعبة المرتبطة بالواقع المعيوش، سيما وانّ الوباء علّم كل من اعتبر نفسه "لا يقهر" درساً في التواضع. ويعمل المؤلف حالياً على رواية جديدة تبصر النور في نهاية العام 2021، وتتمحور حول "بيروت" بعد انفجار 4 آب.

لم يبادر أي من حكامنا الأفاضل، وفق نجّار، الى تهنئته على انجازه الجديد. ولم تشر وزارة الثقافة، التي كان يشغل منصب مستشار فيها، الى الأمر أيضاً، بل اقتصرت التهنئة على بعض الأصدقاء والقرّاء والمحامين والصحافيين. وأهدى نجّار- الذي لا ينتظر أساساً تهنئة من أحد - جائزته الى وطنه، معلناً أنه سيستمر في العطاء من دون مقابل. أما نحن في "نداء الوطن" فلا يفوتنا أن نشكره على انجازاته الادبية التي تعطي أملاً في أن يعود لبنان الى سابق عهده ابداعاً وتألقاً فيحتلّ أرقى المراكز عالمياً في جميع المجالات لا سيما الأدبية منها.


MISS 3