شربل داغر

الرواية في "ألف ليلة وليلة"

18 كانون الثاني 2021

02 : 00

لا تنقطع أخبار "ألف ليلة وليلة"، خاصة في إصدارات نقدية وجامعية غربية. وذلك يوافق الاهتمام الذي ظهرَ في أوساط استشراقية اوروبية منذ مطالع القرن الثامن عشر، عندما أصدر المستشرق الفرنسي أنطوان غالان ترجمة متتابعة للكتاب (1704-1717)، في 12 مجلداً.

هذا الكتاب يُشبه "صندوق العجائب": له قالب ثابت، راسخ، لكن الصور تتبدل فيه، من دون أن تَخرج عن الصندوق.

ما يستوقفني في هذا الأثر الخالد هو أنه يستحق لقب: أول رواية عربية، بعد وصولها إلى الثقافة العربية في القرن العاشر الميلادي على الأرجح، وترجمة أصلها الهندي إلى الفارسية، ومنها إلى العربية.

أما وصفي لها بالرواية فيعود إلى جملة عوامل في بنائها. هذا يتضح في الكتاب، ويستند الى عاملَين تكوينيّين: حكاية شهريار وشهرزاد، التي يبدأ بها الكتاب، وينتهي بنهايتها السعيدة. اما العامل الثاني فهو انتظام الحكايات ليلة تلو ليلة...

هذا يعني أن مسار السرد يتعين في ما يقترب من ثلاث سنوات ونيف. وهي مدة زمنية، أو قياس سردي، لا نجده في ما كان معروفاً في روايات او سير عديدة معروفة، هنا وهناك في آداب العالم. ففي السرد المعروف سابقاً، الرواية هي أقرب إلى السيرة إذ تتمحور حول حياة الشخصية الأساسية فيها بين ميلادها وفقرات حياتها وموتها.

إلى هذا العامل الزمني، يمكن إضافة عامل آخر. يتوزع الكتاب بين جانبَين: جانب يتناول سابق علاقة شهريار بزوجته وضحاياه النسائية المتلاحقة، وجانب ثانٍ يتناول علاقته بشهرزاد، التي تبدأ باستعداده لقتلها الوشيك، وتنتهي بنهاية سعيدة بينهما.

المدة الزمنية تستجمع توتر العلاقة و"الامتحانات" كما "الرهانات" بين شهريار وشهرزاد. هذا ما يجعلها قريبة في البناء، وقريبة في الامتحان السردي، مما ستؤول إليه الرواية وفق تشكلها الحديث.

هذا يعني أن ألف ليلة وليلة لا تزال تُخفي الكثير من كلامها المباح.


MISS 3