روي أبو زيد

كلوديا مرشيليان: لو كان شعبنا واعياً لأنزل المسؤولين عن كراسيهم!

21 كانون الثاني 2021

02 : 00

كاتبة قاسية، جريئة، واقعية وحقيقية. تثير مواضيعها المطروحة جدلاً في المجتمع، خصوصاً أنها تثور عبر مسلسلاتها لتسليط الضوء على الواقع المرير وإيصاله بكلّ تجرّد تماماً كما في مسلسلها الميلادي "عَ اسمك". "نداء الوطن" التقت كلوديا مرشيليان وكان هذا الحوار الصادق:

لماذا كل هذه القسوة لإيصال الرسائل في "عَ اسمك"؟


المواضيع المطروحة قاسية بحدّ ذاتها، ولو كنتُ أعيش في بلد آخر يحترم حقوق الإنسان لاعتُبِرت معالجة الإشكاليات المطروحة عادية، فقد يتأثّر مشاهدو تلك البلاد بقضية إصابة جود (كارين رزق الله) بالسرطان وإجراء جراحة لإزالة رحمها. أما في لبنان فالوضع مختلف، والدليل أنّ جود تستعطي من الرجال اسماً لابنتها، لأنّ اسمها في هذا البلد هو حرف ناقص! لا أشجّع على قضية "الأم العزباء" لكن أحياناً كثيرة يجد الإنسان نفسه عرضة لظروف تفوقه قوّة وترغمه على تحدّي عادات وتقاليد مجتمعه.

أما بالنسبة الى دولي وهي فتاة من ذوي الإحتياجات الخاصة، فسلّطتُ الضوء على وضع هذه الفئة في لبنان خصوصاً ما يعيشونه من فقر مدقع، علماً أنّ الحاجة تؤذي "أصحاب الهمم" لعدم تواجدهم بمراكز متخصصة تفوق أقساطها العشرة آلاف دولار سنوياً. لذلك، يصبح هؤلاء عبئاً في منازلهم إذ لا يمكنهم التكيّف مع الظروف الصعبة ولا يجدون من يفهمهم كما يجب.

ما الذي حثّك على إثارة مواضيع جريئة وحزينة في الوقت عينه؟

أردتُ تسليط الضوء على قصص تبقى في الخفاء و"موضّبة" في منازلنا. من منّا لم يسمع بقصّة الشاب الذي أنجب من عشيقته المتزوّجة مثلاً؟ أردتُ التركيز على حالات موجودة بيننا خصوصاً أننا نعيش كعبيد لدى مجتمعنا الذي يمثّلنا، نحن إذاً عبيد لأنفسنا! فلو كنّا في مجتمع آخر لتطلّقت رويدا وتزوّجت من تحبّه، أو حتى لكانت صولانج (فيفيان أنطونيوس) أنجبت من دون زواج بدل العيش محرومة من أمومتها.


من ربح وخسر بين "جود" و"صولانج"؟


القرار كان صعباً بالإجمال، لذا جود وصولانج ربحتا وخسرتا في الوقت عينه وعاشتا تبعات قراريهما. قد توصلنا القرارات الخاطئة الى دروبٍ لا تُحمد عقباها. "عَ اسمك" لم يرفع الصوت فحسب بل طالب بمعالجة هذه الأمور الشائكة أيضاً.




أتظنين أنّ المجتمع سيصحّح المواضيع التي تطرحينها بينما القضايا الكبرى كانفجار 4 آب، والوضع الإقتصادي المتردّي وانتشار "كورونا" لم يُنظَر بها كما يجب حتى الآن؟

حقق مسلسل "ع اسمك" نسبة مشاهدة عالية جداً محدثاً ضجة لدى المشاهدين، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لا تنتهي المشاكل مع إنفجار 4 آب، الزلزال الذي وقع لأن البلد "مركّب غلط"، لأننا كلنا "غلط بغلط". وقع الإنفجار لأنّ المجتمع يسكت ويتنازل عن أبسط حقوقه ويعطي مسؤوليه الضوء الأخضر للقيام بما يريدون. المواضيع متداخلة واللبناني هو من أوصل نفسه الى هذا الواقع، وتريدني أن أسكت عن طرح هذه المشاكل؟ أتتابع نشرات الأخبار؟ أتلحظ أنّ شعوب العالم بدأت تتلقّى لقاح "كورونا" بينما مسؤولونا مشغولون في "محسوبياتهم"؟

ما رأيك بثورة 17 تشرين الأول؟

بدأت بطريقة عفوية، حقيقية وصادقة، لكن ما لبثت أن تراجعت وسط ترهيب جهات متعددة ومحاولة الكثيرين لتشويه صورتها الحقيقية. أشدد على أنّ الثورة تبدأ من المنازل، العائلات، الأولاد كي تتوسّع أكثر فأكثر وتصبح على مستوى شعب ودولة. إذ لو كتبتُ مسلسلاً يتناول الوضع الإقتصادي في البلاد لن يتأثّر أحد من المسؤولين به، فهم لا يشعرون بألم شعبهم ووجعه.

كيف تثورين إذاً؟

أبدأ بالتغيير من موقعي ككاتبة، فأطلق الصرخة وأؤثّر على الناس بطريقة طرحي للمشاكل. لذا تعمد الجمعيات المدنية الى الإتّصال بي لكتابة فيلم أو مسلسل، كما حصل في فيلم "مهارات" الذي أنتجته جمعية "كفى".

رسالة التلفزيون والدراما مهمّة جداً ودورنا كبير لوضع الإصبع على الجرح ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة بعد طرح المشاكل بكلّ تجرّد وواقعيّة.

ماذا علّمتك تجربة كورونا؟

أعيش في بصاليم وبسبب كثرة حفلات الأعراس تفوق أعداد المصابين في البلدة الـ70 حالة يومياً، لأن الناس يريدون الإحتفال من دون التقيّد بالتدابير الوقائية في ظلّ غياب تام للبلدية في المنطقة.

نعيش في الإهمال ونخاف على أهلنا وأحبابنا. تطلب من البعض أن يضع الكمامة فيجيبك: أنا نظيف!

وهل يعقل أن يحيي الفنانون حفلات رأس السنة وسط حضور جماهيريّ غفير؟ على أيّ كوكب بتنا نعيش اليوم؟

كورونا فتحت عينيّ على الجهل المتكاثر في مجتمعنا، خصوصاً أنّ البعض ليس مثقّفاً طبياً أو وقائياً أو حتى إنسانياً. فأبي وأمي طاعنان في السن وما زال الأصدقاء يزوروننا من دون كمامة! للأسف مدارسنا تعلّمنا القواعد والرياضيات ولا تثقّفنا أو توعّينا.

هل سيتعلّم الناس من تجربة كورونا بعد عودتهم الى الحياة الطبيعية؟

"ولك إذا إنفجار 4 آب ما علّم الناس، بدا تجي كورونا تعلّمن؟". لا أعمّم طبعاً ولكن الجهل ينخر مجتمعنا. فلو كان شعبنا على مستوى عالٍ من الإدراك لأنزل المسؤولين عن كراسيهم!

ما هو جديدك؟

كتبت مسلسل "خرزة زرقا" (من إنتاج شركة "الصباح إخوان") وسيبدأ عرضه قريباً على قناة OSN، كما أنني أحضّر أعمالاً لـ PLATFORMS، وأخرى مطلوبة مني للجمعيات الأهلية.

كلمة أخيرة للقرّاء؟

نفتقر الى دولة ومؤسسات ومسؤولين بكلّ معنى الكلمة، لكن كنا نتميّز بالفرد اللبناني المتطوّر والمتقدّم والمثقّف. أرجو من الجميع ألا يساهموا بتردّي مجتمعنا أو تخلّفه، بل أدعو الى تعزيز الثقافة والوعي بيننا، خصوصاً في ظلّ تقصير الدولة "اللي يمكن طالع عبالا إنو كلنا ننعدي لنخلص أحسن ما يدفعوا مصاري على اللقاحات".


MISS 3