جورج الهاني

الذهنية الإلغائية والأسلوبُ الأعوج

25 كانون الثاني 2021

02 : 00

إنّ أخطرَ ما يواجه الوسط الرياضي في لبنان حالياً ليس التدخلات السياسية النافرة في شؤون الإتحادات والأندية، ولا عمليات الترهيب والترغيب التي يخضع لها رؤساؤها وإداريّوها عند كلّ إستحقاق كبير داهم، بل هي الذهنية الإلغائية التي تتحكّمُ بالبعض وتحوّل كلّ مرشّح لمنصب رياضيّ بهدفِ خدمة اللعبة التي يحبّها والمؤتمن عليها الى خائنٍ ومتآمر وعميل، وكأنّ المناصب خُلقت لفئة معيّنة أو لطرفٍ محدّد هو وحده صاحب الحقّ والصلاحية بتوزيع المقاعد الدسمة على حلفائه وأزلامه وتركِ بعض الفتات للآخرين الذين لا يناصرونه أو لا يدورون في فلك تيّاره السياسيّ.

عجيبٌ أمرُ هؤلاء، إنّهم صورةٌ مشابهة ونسخة طبق الأصل عن قادتهم وزعمائهم، يخافون من المواجهة حتى لو كانوا واثقين من نتائجها ويخلقون لتحاشيها أعذاراً وحججاً "لا تركبُ على قوس قزح"، يتصرّفون وكأنّهم يريدون الإستيلاء على كلّ ما تطاله أيديهم إن كان حلالاً لهم أو حراماً إنطلاقاً من مقولة: "ما هو لي فهو لي لوحدي، وما هو ليس لي فهو لي ولغيري".

مهلاً يا سادة، ليس بهذا الأسلوب الأعوج تُدار الدفة الرياضية عندنا، ولا يجوز أن يُصبح الإستثناء قاعدة، ففي الإتحادات التي لا تؤيدكم رجالٌ نزيهون وشرفاء وأكفّاء تعبوا وضحّوا على مدى سنوات طويلة من أجل ألعابهم ولاعبيهم أكثر ممّا ضحّى حلفاؤكم، وصيتهم النظيف شائعٌ عربياً وآسيوياً ودولياً بفضل المناصب الرفيعة المتعدّدة التي شغلوها في الماضي ولا يزالون حتى اليوم، فلماذا الإصرارُ إذاً على تشويه صورتهم وأسمائهم والتقليل من دورهم وشأنهم وإحترامهم؟

أحزنُ كثيراً عندما يتغنّى البعض بالديموقراطية في بلدنا، بينما في الواقع تحكمُنا ديكتاتورية مقنّعة بشعة في السياسة كما في الرياضة وفي كلّ القطاعات والإدارات والمرافق، وللخروج من هذا الواقع المُذلّ المرير لا بدّ من أن تندلعَ شرارة الثورة مجدداً وتُطيحَ بكلّ أشكال الظلم والتعنّت والطغيان، وإلا سنندمُ كثيراً ساعة لن ينفع الندم.


MISS 3