تصاعد التوتّرات بين كراكاس وبوغوتا

مادورو يضع الجيش الفنزويلي في حال تأهّب

10 : 18

الأزمات تُلاحق مادورو الخائف على "عرشه" (أ ف ب)

بالرغم من الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة الخانقة التي تعيشها كراكاس في السنوات الأخيرة، وضع الرئيس الفنزويلي المشكّك في شرعيّته نيكولاس مادورو أمس الأوّل، الجيش، في حال تأهّب على الحدود مع كولومبيا، متّهماً رئيسها إيفان دوكي بـ"المناورة من أجل إشعال نزاع"، بذريعة إعلان قادة سابقين في حركة "فارك" عودتهم إلى حمل السلاح في وجه بوغوتا من داخل الأراضي الفنزويليّة.

وبلهجة عسكريّة، اتهم الرئيس الاشتراكي، أمام جنود داخل قاعة في كراكاس، رئيس كولومبيا، بـ"استغلال اتهامات لا أساس لها لمهاجمة فنزويلا، وشنّ نزاع عسكري ضدّ بلدنا"، معتبراً أن "دوكي يُناور من أجل تعزيز هذه الاتهامات ومفاقمة التوتر". وحذّر مادورو من أن الوحدات العسكريّة المنتشرة على الحدود بين البلدَيْن، التي يبلغ طولها 2200 كيلومتر، وضعت في حال "تأهّب برتقالي في مواجهة تهديد كولومبيا بالعدوان على فنزويلا". لكنّه لم يوضح ما يعنيه "التأهّب البرتقالي". وأعلن مادورو أيضاً أن القوّات الفنزويليّة ستجري مناورات عسكريّة على هذه الحدود نفسها في الفترة بين 10 و28 أيلول، لـ"ضمان جهوزيّتها الكاملة".

والعلاقات بين مادورو اليساري ودوكي اليميني متوترة أساساً، لكنّ الحرب الكلاميّة بينهما تصاعدت الأسبوع الماضي في شأن إعلان قادة سابقين من متمرّدي القوّات الثوريّة المسلّحة الكولومبيّة (فارك)، رفضهم اتفاقيّة السلام التي أبرمت في العام 2016 وعودتهم إلى حمل السلاح مرّة أخرى. واتّهم دوكي السلطات الفنزويليّة بـ"إيواء ودعم" هؤلاء المتمرّدين. وبُعيد إعلان قادة من "فارك"، أمر الرئيس الكولومبي بشنّ هجوم عسكري على ما أسماه "عصابة إرهابيّة لتهريب المخدّرات تعتمد على الملاذ والدعم اللذَيْن تُقدّمهما ديكتاتوريّة نيكولاس مادورو في فنزويلا".

وفي هذا الصدد، رأى المحلّل في الشؤون العسكريّة روسيو سان ميغيل ردّاً على سؤال لوكالة "فرانس برس" أن "التهديد الرئيسي للأمن القومي لفنزويلا، مصدره خصوصاً الجريمة المنظّمة وأفراد حرب العصابات المتمركزون على أراضيها، مثل "جيش التحرير الوطني الكولومبي" أو منشقين من "فارك"". وتتحدّث كراكاس باستمرار عن "مؤامرات خارجيّة" تهدف إلى إطاحة مادورو، تُشارك فيها كولومبيا خصوصاً. وأشارت الحكومة الاشتراكيّة السبت إلى أنّها "أحبطت أسوأ اعتداء إرهابي ضدّ الشعب الفنزويلي كان يُفترض أن يُنفّذ بشحنات ناسفة في وسط كراكاس"، متّهمةً دوكي والمعارضة الفنزويليّة بالوقوف وراءه. وقطعت كراكاس في شباط، علاقاتها الديبلوماسيّة مع بوغوتا، بعد الدعم الذي قدّمته كولومبيا للمحاولة الانقلابيّة الفاشلة التي قام بها زعيم المعارضة خوان غوايدو. والرئيس الكولومبي لا يكف عن المطالبة برحيل "الديكتاتور" مادورو. وتعترف كولومبيا بغوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة واعترف به أكثر من 50 بلداً وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة.

ودان غوايدو الخميس الماضي استخدام أراضي بلاده من جانب مسؤول سابق في حركة "فارك" للإعلان عن العودة إلى حمل السلاح. وكتب على "تويتر": "نرفض استخدام الأراضي الفنزويليّة بدعم من مادورو لنشر هذه الرسائل". وبعدما أوضح الثلثاء أنّه تحدّث هاتفياً مع الرئيس الكولومبي، لإعادة تأكيد دعمه له في "محاربته الإرهاب المرتبط بالمخدّرات الذي يضرب بلدينا"، شدّد أمام الصحافيين على أنّه يُريد "التعاون مع الحكومة الكولومبيّة في مجال الاستخبارات، ولرصد المجموعات التي تنشط بطريقة غير قانونيّة على الأراضي الفنزويليّة".

ولتحقيق ذلك، أكّد غوايدو أن البرلمان سيسمح باللجوء إلى أقمار اصطناعيّة لتحديد مواقع المعسكرات التي أقيمت على الأراضي الفنزويليّة، وتلك التي تُقلع منها الطائرات المتورّطة في تهريب المخدّرات. لكنّه لم يوضح كيف سيستخدم هذه الوسائل. وعملياً كلّ القرارات التي يتبنّاها البرلمان، الذي تُسيطر عليه المعارضة، تعتبرها المحكمة العليا باطلة. وتتّهم المعارضة، المحكمة العليا، بالارتباط الكامل بحكومة مادورو "المستبدّة".

إلى ذلك، قُتِلَ أربعة جنود كولومبيين وأصيب اثنان آخران بجروح في كمين استهدف قوّة للجيش في شمال غربي البلاد، ونسبه الجيش إلى عصابة "الخليج"، أكبر عصابة لتجارة المخدّرات في كولومبيا. وأوضح الجيش في بيان أنّ الهجوم وقع في منطقة ريفيّة من بلديّة قوقازيا في مقاطعة أنتيوكيا، بينما كانت قوّة من الجيش تتحرّك لحماية السكّان المدنيين الذين علقوا وسط تبادل لإطلاق النار بين عصابة "الخليج" وعصابة أخرى من مهرّبي المخدّرات وتُدعى "لوس كاباروس". وتابع البيان: "خلال العمليّة تعرّض الجنود لهجوم من قبل أفراد من عصابة "الخليج" كانوا متمركزين في المنطقة، وسط نزاع للسيطرة على طرق تهريب المخدّرات". ولفت الجيش إلى أنّ حصيلة الهجوم هي أربعة قتلى وجريحان في صفوفه، وقتيل في صفوف عصابة "الخليج". وعلى غرار العديد من المناطق الأخرى في كولومبيا، تشهد أنتيوكيا حرباً بين العصابات للسيطرة على سوق المخدّرات في بلد لا يزال المنتج الأوّل للكوكايين في العالم.


MISS 3