محمد دهشة

الصرّافون في صيدا محصّنون بالحديد: نرفض أن نكون "كبش محرقة"

16 آذار 2021

02 : 01

من الحراك الاحتجاجي أمام سراي صيدا الحكومي

في حلقة مفرغة تدور الاتهامات وتتقاذف الاوساط السياسية والمالية مسؤولية الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار. يرفض الصرّافون في صيدا كغيرهم في بقية المناطق تحميلهم الوزر، يلوذون بالصمت، اذ لا يريدون دفع الثمن مجدّداً، بعدما اقفلت محالهم سابقاً وكتب الناشطون عليها عبارات "يسقط حكم الدولار.. وحكم المصرف والحاكم"، في اشارة الى اتّهامهم بالتواطؤ مع بعض المصارف لجمع الدولارات لحساباتها.

في صيدا، عشرات محال الصيرفة جميعها مرخّصة وتقع غالبيتها في شارع رياض الصلح الرئيسي وسط المدينة، والذي يعرف بشارع المصارف ايضاً لكثرة فروعها، ولكنّ اثنين من الصرافين فقط مصنّفان بالفئة الاولى: القطب وحلاوي، فيما البقية من فئات مختلفة، ولم يستفيدوا من الدولار المدعوم سابقاً الذي وزّعه مصرف لبنان لدعم الاستيراد وِفق آلية محددة، لكنّهم تحوّلوا قبلة لتحرّكات الناشطين مع كل ارتفاع جديد لسعر صرف الدولار، فيجبرون على اقفال محالهم طوعاً وعنوة.

أمس، مع الارتفاع الجنوني بسعر الدولار، تتوجّه الاتهامات اليهم، ورفضوا الحديث للاعلام، اكثر من محاولة فشلت في توضيح حقيقة الارتفاع الجنوني للدولار، لكنهّم يجمعون على أنّ السبب الاول هو استفحال الخلاف السياسي الذي يؤثّر على الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي، ويجعل السوق النقدي هشّاً وقابلاً للاهتزاز عند أي مواقف تصعيدية وبما يشبه تبادل الرسائل.

ويؤكّد أحد الصرّافين الذي تحفّظ على ذكر اسمه لـ"نداء الوطن"، أنّ ثمّة اسباباً تقف وراء الارتفاع الجنوني في سعر الصرف امس وانهيار الليرة اللبنانية، أوّلها: قلّة السيولة من العملة الخضراء مع رفع الدعم تدريجياً عن المواد المدعومة، بحيث يُقبل التجار على تأمين الدولار من السوق السوداء بهدف تأمين السيولة لاستيراد بضائعهم من الخارج، أمام عجز المصرف المركزي عن ذلك وِفق الصرف الرسمي، ثانيها: اضطرار اصحاب شركات ومحطّات الوقود الى تأمين 15% من ثمن المحروقات دورياً، وهو عامل ضغط كبير اسبوعياً، وثالثها والأهمّ وهو العامل الجديد، قيام بعض المصارف بالرغم من نفيها، بشراء الدولار من السوق السوداء عبر الصرّافين أو تجّار وسطاء من اجل رفع ودائعهم، بعد طلب حاكم مصرف لبنان رفعها قبل نهاية شهر شباط وتمديدها ضمنياً حتى نهاية آذار، اذ لم تستطع المصارف الا تأمين نصف المبالغ المطلوبة من ثلاثة مليارات دولار اميركي، وسابقاً قيل مضاربة يومية بهدف كسب الربح.

في مهبّ الاتهامات يدافع الصرّافون عن أنفسهم، وقد حصّنوا محالهم على شاكلة المصارف بأبواب حديدية قوية، يشيرون الى أنّهم الحلقة الأضعف في المعادلة، ويتعرّضون دوماً للرقابة والمساءلة القضائية والامنية وللانتقاد الشعبي ومن الحراك الاحتجاجي، يرفضون أن يكونوا كبش محرقة أو فشّة خلق، إذ إنّهم ليسوا تجّاراً يعملون في الخفاء، بل وسطاء بين المشتري من أصحاب رؤوس الاموال والبائع من المواطنين الذين يصرفون الدولارات لقضاء حوائجهم.

ويقول علي الذي صرّف مئتي دولار بسعر 13 ألف ليرة لكل دولار: "بات الصرّافون كالمافيات، يعملون على السكت، واذا شكّوا بأحد او اشتبهوا به، يقولون انهم اعتزلوا العمل ويراقبون الاوضاع المالية ويتسلّون في محالهم"، ويعتبر وسام الدرّ أنّ "المنصّات الالكترونية الخاصة بسعر الصرف المجهولة منها والمعلومة تلعب دوراً بارزاً في التلاعب بالسعر والمضاربات، ولم يستطع أحد التأكيد بأنّها اسعار وهمية أو حقيقية ولكنّ الصرّافين للأسف يلتزمون بها، فتعمّ الفوضى من دون رادع، سيّما وأنّ الدولة لم تستطع اقفالها". ميدانياً، الهب الارتفاع الجنوني التحرّكات الاحتجاجية، ونظّمت مجموعة "ارادة شعب" في "التنظيم الشعبي الناصري" حراكاً باتجاه سراي صيدا الحكومي تحت شعار: "معاً نقف في وجه وزارة الاقتصاد ونضغط لاجل تحقيق مطالب الناس"، نظّم المشاركون وقفة رمزية امام مدخل السراي وسط اجراءات امنية مشدّدة، ورفعوا لافتات باللغتين العربية والانكليزية، تؤكد أنّ وزارة الاقتصاد غير موجودة.

ولليوم الثالث على التوالي، ساد الارباك التجّار واصحاب المحال نتيجة الارتفاع المتواصل، في وقت عمد عدد من اصحاب المحال التجارية في المدينة الى الاقفال وكتب بعضهم على الواجهات "مقفل لحين استقرار سعر الصرف"، و"مقفل رغبة في عدم زيادة الاسعار".

واعتبر رئيس جمعية تجّار صيدا وضواحيها علي الشريف أنّ "إعلان بعض المؤسسات التجارية الاقفال الموقّت لحين استقرار سعر الصرف، هو نتيجة طبيعية لما وصلنا اليه من تفلّت بسعر الدولار".


MISS 3