عيسى يحيى

فقدان المازوت يهدّد المواسم الزراعية في البقاع

1 نيسان 2021

02 : 00

زحمة أمام إحدى محطّات الوقود

درج العُرف عند اللبنانيين في أوقات الأزمات الإستشهاد بالمثل القائل: "إشتدّي يا أزمة تنفرجي" في دلالة على قرب الحلول، غير أنّ الأوضاع التي يمرّون فيها اليوم والأزمات المتلاحقة التي تزيد من معاناتهم، لا تنذر إلا بالأسوأ وتنعكس على مختلف جوانب الحياة، في ظلّ إنسداد أفق الحل.

قطع اللبنانيون طريق جهنم التي بشّرهم بها رئيس الجمهورية وباتوا يتحضّرون لدخول "جهنم الحمراء" التي تغيب عنها الكهرباء وتعُمّ فيها العتمة الشاملة، وتنفد المواد الغذائية والمحروقات، ويعود معها الناس إلى العصور القديمة في تأمين حاجاتهم، من تدفئة وطعام وشراب، وهو ما بدأه جدّياً الكثيرون حيث يعمد العديد من أبناء المنطقة إلى جمع الحطب على إختلاف أحجامه لإستعماله في التدفئة و"موقدة النار" للطبخ تحسّباً لفقدان المازوت والغاز بعد الإرتفاع المتواصل لأسعارهما توازياً مع المشتقات الأخرى، وفقدانه من المحطات التي تصلها كميات محدّدة، فيما يعمد اصحاب العديد منها إلى تخزينه لبيعه بأسعار مضاعفة.

لا مازوت في البقاع الشمالي من بعلبك حتى الهرمل، وإن وجد فهو بكمّيات قليلة وبأسعار عالية، مقارنةً مع سعر الصفيحة التي حدّدتها وزارة الطاقة. ومنذ أكثر من أسبوعين تعاني المنطقة من شحّ مادة المازوت فترفع محطات الوقود خراطيمها بعد ساعات على نيلها حصّتها من الشركات الموزّعة، حيث يجول المواطنون على معظمها للحصول على بعض الليترات للتدفئة، فيما تواظب بعض المحطات على بيع المادة ولكن بأسعار مرتفعة نوعاً ما، وهو ما يجده البقاعيون أمراً مقبولاً، فالشراء على سعر أعلى من السعر المحدّد رسمياً يبقى أفضل من عدمه، وخصوصاً أنّ فصل الشتاء والبرد لم ينتهِ في البقاع ويستمرّ حتى أواخر نيسان.

المعاناة الأكبر مع فقدان المازوت تبدأ منتصف الشهر الحالي مع بدء المزارعين في بعلبك ـ الهرمل برّي مواسمهم من خضار وفواكه وأشجار مثمرة، عبر ضخّ مياه الآبار الجوفية بواسطة مولدات ومحرّكات تعمل على المازوت، ومن دون هذه المادة يفقد المزارعون هنا مواسمهم التي يعتمدون عليها من سنة إلى أخرى، وينتظرون الموسم لعلّه يعوّض خسائر سنة كاملة، فيما يقوم آخرون بزراعة الخضار والحشائش على مرّ العام ويستفيدون من مواسمها جميعاً، وكل تلك المزروعات لا تنجح وتعطي مردوداً مادياً إذا لم تحصل على كميات الرّي المناسبة.

وفي ظلّ الأزمة الإقتصادية التي يعيشها اللبنانيون جميعاً، بات اللجوء إلى الزراعة عاملاً أساسياً في تأمين مردودٍ مالي لأصحاب الأراضي على امتداد سهل البقاع وفي القرى والبلدات إضافةً إلى تأمين عمل المئات من العمال الذين يعملون في جني المواسم. وفي هذا الإطار يشير أحد مزارعي البطاطا في سهل البقاع لـ"نداء الوطن" الى أنّ إستمرار فقدان المازوت بالشكل هذا قد يكون كارثةً على المزارعين، فكافة المزارعين يعتمدون على المضخّات لسحب المياه من الآبار إلى برك تجميع للمياه، ليعيدوا ضخّها في الأنانيب المخصّصة لري مزروعاتهم وكلّ ذلك يعتمد على مادة المازوت"، مضيفاً "أنّ المزارعين بفقدان هذه المادة باتوا أمام خيارين كلاهما مرّ: الأول، يتمثّل بشراء المازوت من السوق السوداء إن وجد وبأسعار عالية، وبالتالي تزداد كلفة المنتج الزراعي ويزيد سعره على المواطنين إضافة إلى سعر البذور والأدوية، والثاني عدم زراعة الأرض من خضار وغيرها، وبالتالي فقدان العمل الأساسي الذي يعيشون منه"، مطالباً الدولة وعلى رأسها وزيرا الزراعة والطاقة بإيجاد الحلول لهذه المشكلة التي ستتفاقم مع بداية الموسم.

لم يتوقّف تهريب المازوت يوماً عبر البقاع بإتجاه الأراضي السورية، حيث تعبر العشرات من الصهاريج المحملة بملايين الليترات يومياً أمام أعين المواطنين الذين يعانون الأمرّين للحصول على بعضها، وبالرغم من إقفال العديد من المعابر غير الشرعية لقطع الطريق على التهريب لا تزال الأمور تسير بشكل طبيعي.


MISS 3