جعجع عن مشكلة الحدود البحريّة مع سوريا: إما التحرك أو خسارة 752 كلم2‏

16 : 47

شدد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على “ان موقفنا التاريخي من نظام الأسد لا علاقة له أبداً بالمشكلة الحدوديّة البحريّة الشماليّة مع سوريا بالذات، فهذه الأخيرة لها معطياتها بمعزل عن أي شيء آخر وعلينا جميعاً أن نعكف على حلّها كمشكلة قائمة بحد ذاتها بغض النظر إذا كنا مع نظام الأسد أو ضدّه ونحن بطبيعة الحال ضدّه”.

جعجع، وفي تصريح مباشر له، طرح الوقائع في ما خص المشكلة الحدوديّة البحريّة الشماليّة مع سوريا، وقال، “في العام 2011 قامت الحكومة اللبنانيّة بترسيم حدودنا البحريّة مع سوريا، وبطبيعة الحال بمشاركة وتعاون عدد كبير من الإدارات اللبنانيّة، وقد أتى ذلك في إطار تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان عندما كانت الإشكاليّة مطروحة مع قبرص وفي هذا السياق والإطار تم تحديد حدودنا البحريّة مع سوريا”.

ولفت جعجع إلى أنه “بعدما أنجزت الحكومة اللبنانيّة هذا الترسيم أرسلت الوثائق إلى الأمم المتحدة وعلى الأثر اعترضت سوريا إلا أنها لم تقم بأي شيء آخر سوى مجرّد الاعتراض”، مشيراً إلى أنه “في العام 2014 عندما طرح لبنان دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن الغاز والنفط، اعترضت حكومة الأسد مرّة جديدة”.

وقال، “إن حكومة الأسد لديها نظرة لحدودها البحريّة مختلفة تماماً لنظرة الحكومة اللبنانيّة لحدودنا الشماليّة. وفي أيار عام 2017، وأريد من الجميع حفظ هذا التاريخ جيداً، أي منذ 4 سنوات أرسلت وزارة الخارجيّة اللبنانيّة عبر الطرق الدبلوماسيّة المعتمدة مذكّرة لحكومة الأسد تطلب عبرها هذه الأخيرة أن يتم عقد لقاءات مشتركة من أجل التباحث بغية توحيد النظرة إزاء الحدود البحريّة موضع الخلاف، باعتبار أن كلّ طرف رسّم الحدود بطريقة مختلفة تماماً عن الطرف الآخر، إلا أنه ومنذ أيار العام 2017 حتى هذه اللحظة لم يتم الرد على هذا الطلب إلى أن فوجئ لبنان في الأيام الأخيرة أن حكومة الأسد لزّمت شركة كابيتال الروسيّة للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم واحد السوري تبعاً لترسيم حكومة الأسد لهذا البلوك الذي يتقاطع بمسافة 750 كلم2 مع الترسيم اللبناني”، ورفع جعجع خلال التصريح صورة لخريطة تسير تماماً لهذه المساحة موضع النزاع.

واعتبر جعجع أن “المشكلة حتى هذا الحد ممكنة الحصول، وفي الفترة الماضيّة حصل شيء مماثل على حدودنا الجنوبيّة واليوم يحصل على الحدود الشماليّة وهذه الأمور تحصل بين أي دولة وأخرى، مشدداً على “ان موقفنا التاريخي من نظام الأسد لا علاقة له أبداً بهذه المشكلة بالذات، فهذه الأخيرة لها معطياتها بمعزل عن أي شيء آخر وعلينا جميعاً أن نعكف على حلّها كمشكلة قائمة بحد ذاتها بغض النظر إذا كنا مع نظام الأسد أو ضدّه ونحن بطبيعة الحال ضدّه”.

وطرح جعجع عما يجب أن نقوم به اليوم بعدما وصلنا إلى ما وصلنا إليه بالنسبة لمسار هذه المشكلة، وقال، “أسوأ ما يحصل في هذه الأيام هو تجهيل الفاعل دائماً ودمج الكل بالكل ومع الكل وهذا الأمر لا يمكن أن يوصلنا إلى أي نتيجة، كما أن الخروج لمطالبة السلطة بشكل عام غير مجد وإنما علينا ان نحدد من يجب أن نطال وأين تقع المسؤوليّة في هذه المشكلة، لذا أنا أوجّه كلامي هذا تحديداً لرئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مجتمعة والقوى السياسيّة التي تقف وراءها والجميع يعرفهم وهم كناية عن الأكثريّة النيابيّة باعتبار أنهم ممثلون في حكومة الرئيس حسان دياب”.

وتابع جعجع، “ما وصلنا إليه في هذه المشكلة إلى حد الآن هو مجرّد تسلسل معيّن للأحداث يمكن أن يحصل ما بين أي دولتين في العالم، إذا ما افترضنا أن هناك دولة من الجانب السوري الأمر الذي هو غير صحيح باعتبار أنه لا دولة في سوريا، لذا يمكن أن نعتبر أن هذه المشكلة ما بين طرفين الدولة اللبنانيّة من جهة والطرف الآخر من الجهّة الثانية، لذا ما يجب أن تقوم به هذه السلطة، المتمثّلة برئيس الجمهوريّة ورئيس حكومة تصريف الأعمال وحكومة تصريف الأعمال مجتمعةً، هو تكليف مكتب محاماة مختص ليرسل إنذاراً لشركة كابيتال الروسيّة مفاده بأن الشركة حصلت على التزام من حكومة الأسد من أجل التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم واحد السوري إلا أننا نبلغكم منذ الآن أن هذا البلوك حسب الترسيم السوري يوجد جزء منه ومساحته 752 كلم2 داخل الحدود اللبنانيّة وبالتالي أي أعمال من ضمن هذه المساحة يعتبر تعدياً على الأراضي اللبنانيّة، ويتم رفق هذا الإنذار بخرائط تحدد المساحة المذكورة بشكل دقيق، وللمناسبة هذا هو الإجراء الذي اعتمد مع شركة نوبل انرجي في الجنوب عندما حصلت على التزام للتنقيب في حقل كاريش واليوم علينا تكرار الأمر ذاته”.

واستطرد، “إلى جانب الإنذار، من المفترض على الحكومة اللبنانيّة أن ترسل فوراً إشعاراً أو مذكّرة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لإعلامه بما يحصل ولفت نظره إلى أننا أودعنا نسخة عن الترسيم الذي أنجزناه لحدودنا الشماليّة في العام 2011 لدى الأمم المتحدة، وفي الوقت عينه على الحكومة اللبنانيّة أيضاً إرسال مذكّرة لحكومة الأسد تسرد فيها وقائع ما يجري من وجهة نظرنا وتعلم الأخيرة من ضمن المذكّرة أن الدولة اللبنانيّة تعتبر أن هناك 752 كلم2 من ضمن البلوك رقم واحد حسب ترسيمكم للحدود تعود لها، وبالتالي تقوم الحكومة اللبنانيّة بالطلب من حكومة الأسد أن تشكّل فريقاً تقنياً من جهتها ليجتمع مع الفريق التقني اللبناني بغية بحث مسألة الحدود البحريّة للوصول إلى تفاهم حولها”.

ولفت جعجع إلى أنه “إذا ما رفضت حكومة الأسد تشكيل فريق تقني من قبلها أو أن الفريقين التقنيين اللبناني والسوري لم يصلا إلى حل يرضي الطرفين بعد لقاءاتهما، عندها يمكننا أن نلجأ لتحكيم دولي حبيّ، أي أن يقوم لبنان بانتقاء بما معناه محام عنه فيما تقوم حكومة الأسد بانتقاء، بما معناه، محام عنه وهذان المحاميان يقومان بانتقاء رئيس محكمة لتصبح المحكمة من ثلاثة أطراف، ويعكفون على دراسة هذه المشكلة حيث يقوم لبنان بتقديم الوثائق التي بحوزته وتقوم بدورها حكومة الأسد بالأمر عينه وفي نهاية المطاف نتيجة هذا التحكيم الحبي ملزمة للطرفين، باعتبار أنه عندما يتفق طرفان على الركون إلى حل مشابه عبر التحكيم الحبي عندها يكونان الاثنان ملزمين بالالتزام بنتائجه”.

وتابع جعجع، “لدينا أيضاً طريقة ثالثة لحل هذه المشكلة، في حال رفضت حكومة الأسد اللجوء إلى التحكيم الحبي وهي الذهاب إلى محكمة العدل الدوليّة وتقديم قضيتنا ويقوم الأسد بتقديم ما لديه من مستندات ونرى بعدها ما ستحكمه المحكمة في هذا الخصوص، إلا أن هذا الحل أصعب وبطبيعة الحال يهرب منه الأسد انطلاقاً من نظرته للمحاكم الدوليّة”.

وأوضح جعجع أنه “إذا ما رفض نظام الأسد كل سبل الحل التي طرحتها أعلاه، عندها تكون الحكومة اللبنانيّة مضطرّة لاتخاذ كامل الإجراءات، إن كانت القانونيّة منها تجاه المرجعيات الدوليّة وخصوصاً مجلس الأمن والأمم المتحدة كما الإجراءات على الأرض من أجل المحافظة على حقوق لبنان، لذا الموضوع الآن برمّته عند السلطة اللبنانيّة ممثلة برئيس الجمهوريّة، رئيس حكومة تصريف الأعمال وحكومة تصريف الأعمال مجتمعة”.

ولفت جعجع إلى أن “الأسد لديه أصدقاء كثر في لبنان، ولربما هؤلاء الأصدقاء يمكنهم استعمال صداقتهم الآن ليقول له إنه يقوم بالتعدي على 752 كلم2 من الأراضي اللبنانيّة تبعاً للتحديد الذي أنجزته الحكومة اللبنانيّة لذلك تفضّل واقبل إما بتشكيل لجنة تقنيّة من طرفك لمناقشة الموضوع مع لجنة تقنيّة لبنانيّة، أو باللجوء إلى التحكيم الدولي الحبّي، أو لنذهب إلى محكمة العدل الدوليّة، إلا أن بما تبيّن علينا اليوم هناك بعض الأطراف في لبنان وطنيّتهم في مكان آخر ولبنان بالنسبة لهم لا يعدو كونه قطع غيار يستعملونه ويستخدمون مصالحه ومصالح شعبه خدمةً لأهداف أخرى لا علاقة لنا بها لا من قريب ولا من بعيد”.

وتابع، “على سبيل المثال لا الحصر في هذا الإطار هناك واحدة من وسائل الإعلام المشهورة بنظرتها للأمور بعين بحت إديولوجيّة ومغرضة قالت إن “الحدود البحريّة مع سوريا مشكلة بلا أساس فكيف صحّ معها هذا الكلام؟ وهل كل ما سردناه من وقائع ومعطيات ينطبق عليه تعبير مشكلة بلا أساس؟ نحن قمنا بترسيم المنطقة الاقتصادية اللبنانيّة الخالصة منذ العام 2011 فيما سوريا اعترضت على الموضع ومن العام 2017 حتى اليوم لم تقبل أن نجلس لنتفق على ترسيم معيّن في هذه المشكلة ومن ثم عادت لتلزيم التنقيب في البلوك رقم واحد تبعاً لترسيمها هي فهذا كلّه مشكلة بلا أساس؟ هذا الكلام إن دلّ على شيء فعلى الغرضيّة السياسيّة منه بالنسبة لهم لا أكثر ولا أقل”.

واستطرد جعجع، “الوسيلة الإعلاميّة نفسها تابعت لتقول أيضاً أن هذا الملف يجب ألا يحجب الأنظار عن مشكلة الحدود البحريّة الجنوبيّة” إلا أن السؤال هو ما دخل هذه المشكلة بتلك؟ ففي كلتا الحالتين لدينا حقوق علينا العمل على استردادها بالكامل، فهل ضرب الحبيب زبيب، هي القاعدة التي يريدون تطبيقها في هذا الموضوع، حيث أنه إذا ما تعدّت وأخذت سوريا 752 كلم2 من الأراضي اللبنانيّة فهذا أمر لا يهم ولا يشكّل مشكلة المهم فقط بالنسبة لنا استرجاع أراضينا من إسرائيل؟ أولاً من المهم جداً جداً استرجاع أراضينا من إسرائيل أو عدم السماح لها بأخذ أي من حقوقنا النفطيّة والغازيّة إلا أنه في الوقت عينه من المهم جداً أيضاً ألا تقوم سوريا بأخذ أي منها، فأي من المشكلتين لا تلغي الأخرى إطلاقاً باعتبار أن هذين الملفين علينا معالجتهما بالطريقة التي يجب أن تتم معالجتهم بها آخذين بعين الاعتبار مصالح الشعب اللبناني فقط لا غير وبطبيعة الحال مسألة الحق والعدل”.

ولفت جعجع إلى أننا “يجب ألا نستغرب كيف وصل الدرك في البلاد إلى هذا الحد في حين أن هناك من يعيش في هذا البلد والذي هو همّه الأخير، وإذا ما أردنا أن نرى الغرضيّة السياسيّة من هذه المشكلة لدى البعض، فما علينا سوى الالتفات إلى ما قاله هؤلاء لناحية أنه “لا بد من الضغط على الدولة لإعادة فتح باب التواصل الرسمي مع سوريا وللذهاب فوراً لإعادة العلاقات مع دمشق”، هؤلاء “بهن شي براسن”، باعتبار أن هذه المشكلة ليست سياسيّة وإنما تقنيّة بحتة وموضوعها هو ترسيم الحدود، وكيف تعاطينا في هذه المسألة مع إسرائيل علينا أن نتعاطى مع سوريا، إلا أنهم وبطبيعة الحال سينبرون فوراً الآن بعد هذا الكلام ليقولوا إن إسرائيل عدو، والجواب، إذا ما قام طرف ما بتفجير مسجدين لنا وقتل 50 شخصاً داخلهما وفي محيطهما، كما كان قد أرسل أحداً من أجل اعداد تفجيرات لنا في لبنان ولديه كل التاريخ السابق الذي لا أريد العودة إليه اليوم، ماذا يمكنني ان أصنّف هذا الطرف؟ فهل أصنّفه الآن تبعاً لقاعدة “ضرب الحبيب زبيب” إذا لا مشكلة في أن يفجرّ ويقتل ويقوم بكل ما قام به؟ في حين أن نظام الأسد ومنذ تأسيسه لم يعترف في أي يوم من الأيام بلبنان كدولة مستقلّة، إلا أن كل ما تقدّم لا يهمهم باعتبار أن مصالحهم ونظرتهم الإيديولوجيّة أهم من كل شيء آخر وهذا ما يكترثون له، أما لبنان وشعبه فهذان الموضوعان لا يكترثان لهما على الإطلاق”.

وأكّد جعجع أن “أصوات النشاز هذه الذي بدأت تُسمع اليوم لا علاقة لها بلبنان أو بالوطنيّة اللبنانيّة وهذا ليس الظرف المناسبة كما أن مسألة الحدود البحريّة الشمالية ليست الحجّة من أجل إعادة العلاقات مع دمشق، وهنا أسأل هل هناك من شيء اسمه دمشق اليوم؟ من يحكم في دمشق؟ لنعرف ذلك يمكننا متابعة جميع المفاوضات التي تحصل حول سوريا التي يشارك فيها إما إيران، أو روسيا، أو تركيا، أو الولايات المتحدة وفي بعض الأحيان إسرائيل والكل يشاركون سوى سوريا، باعتبار أن لا شيء اسمه سوريا الآن وذلك مردّه إلى ان هؤلاء جميعاً هم الموجودون على أرض سوريا اليوم والبعض منهم يعمل جاهداً إلى إبقاء نظام الأسد ودعمه بشكل من الأشكال”.

وشدد جعجع على أن “هذا ليس المجال من أجل المبارزة السياسيّة إنما من أجل العمل على الحفاظ على حقوق لبنان الواضحة من خلال المنطقة الاقتصادية الخالصة التي قام بترسيمها لبنان خلال العام 2011 وأرسل الوثائق إلى الأمم المتحدة، لذا يجب أن يتم النقاش حول هذه الوثائق بالشكل الذي يريده نظام الأسد وانا أقول هذا بمعزل على نظرتنا الإيديولوجيّة لهذا النظام فالهدف هو حل المشكلة وترسيم حدودنا الشماليّة مرّة لكل المرات وليس محاولة استنباط طريقة ما من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسيّة مع نظام الأسد بحجّة أنه كيف يمكن للسوريين إعطاءنا حقوقنا ونحن نقوم بمقاطعتهم؟ الجواب هو أن هذا هو الواقع القائم اليوم في سوريا وعلى غرار باقي اللجان التقنيّة التي تتواصل مع نظام الأسد من أجل حلحلة العديد من المشاكل كذلك الأمر يمكن أن يتم تعيين لجنة تقنيّة من الطرفين للعمل على حل هذه المشكلة”.

وختم جعجع، “أحببت القيام بهذا التصريح على الرغم من أننا في أسبوع الآلام أنه إذا ما السلطة اللبنانيّة ممثلةً برئيس الجمهوريّة، رئيس حكومة تصريف الأعمال والحكومة مجتمعة لم تتحرّك فوراً الآن يعتبر هذا الأمر وكأن لبنان موافق على الترسيم السوري وبذلك تكون هذه السلطة بالذات تقوم بتخسيرنا 752 كلم2 من مياهنا الشماليّة”.

MISS 3