صلاح تقي الدين

أنا الجنرال

9 نيسان 2021

02 : 00

تاريخك يحفل بمآثر لن ينساها اللبنانيون (دالاتي ونهرا)

لم يكن هناك داع يا فخامة الرئيس لتذكير اللبنانيين بأنّك الجنرال ميشال عون، فتاريخك يحفل بمآثر لن ينساها اللبنانيون ما بقوا، وربّما أورثوها إلى أولادهم كي تبقى راسخة في تاريخ هذا الوطن.

هل ينسى اللبنانيون الجنرال الذي لم يأخذ العالم كلّه توقيعه تحت الضغط، لكنّه سرعان ما تركهم مع طلوع ضوء ذلك اليوم المشؤوم (أو المجيد) في 13 تشرين الأول 1990، حين قرّر العالم أنّ وجوده لم يعد مقبولاً وأنّه لا بدّ من وضع حدّ لسلوكه النرجسي الذي دفع اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً ثمناً كبيراً له؟

هل ينسى المسيحيون اللبنانيون الذين تدّعي وصهرك الدفاع عن حقوقهم أنّك كنت السبب في تهجير القسم الأكبر منهم، عندما قرّرت في ليلة ليلاء شنّ حرب الإلغاء ضدّ "القوات اللبنانية"، فلم يكن يومها "العدو" لا السوري ولا الفلسطيني ولا أنصارهم، بل أبناء جلدتك من اللبنانيين المسيحيين الذين وقعوا ضحية "غرور العظمة" اللامحدود، ومن كتبت له النجاة من نيران حربك وكان مقتدراً، فرّ إلى أصقاع الدنيا بحثاً عن ملاذ يقيه شرّ "الإلغاء"؟

وهل ينسى اللبنانيون أنّك أنت الذي أوهمتهم بأنّك قادر على تحرير بلادهم من نير الاحتلال السوري، وجيّشتهم تحت شعار "تكسير رأس" الرئيس حافظ الأسد بجزمتك العسكرية، ثم عقدت مع الأسد الإبن وممثّليه في لبنان صفقة لم تعد مشبوهة بل واضحة المعالم والأهداف، أعادتك إلى لبنان مسترجعاً من الخزينة العامة ما اعتبرته ديناً لك في ذمّة الدولة؟

وهل تنسى النساء اللواتي تبرّعن بأساورهنّ وحليهنّ وكل قطع الذهب التي كنّ يملكنها لتأييدك في معركتك الوهمية كي تُحمل هذه الأكياس في نهاية الأمر، مرفقة بأوامر تحويلات مصرفية ممهورة بتوقيعك كرئيس للحكومة إلى حساباتك وحسابات أفراد أسرتك في العاصمة الفرنسية باريس، وربّما اخترتها لأنك كنت تخطط للفرار إليها أصلاً؟

وهل ينسى اللبنانيون أنّك الجنرال الذي حاصر ممثّليهم في مجلس النواب، الذين كانوا قد توافقوا على الذهاب إلى مدينة الطائف السعودية لصياغة وثيقة وفاق وطني تنهي الحرب الأهلية التي كنت أحد أضلعها في سوق الغرب وتلة 888 في عاليه، وهدّدتهم بالويل والثبور إن لم ينتج عن مؤتمرهم توافق على انتخابك رئيساً للجمهورية، في الوقت الذي أوعزت لأنصارك بالتوجّه إلى الصرح البطريركي في بكركي للتهجّم والاعتداء المعنوي على المغفور له البطريرك مار نصرالله بطرس صفير؟

وهل ينسى اللبنانيون والعالم بأجمعه أنّك الجنرال الذي فاخر بأنّه من صاغ قانون محاسبة سوريا وعرضه أمام الكونغرس الأميركي، ثمّ التحقت بفريق الممانعة الذي تتزعّمه سوريا الأسد، ليس سوى لأنّه ضمن انتخابك رئيساً للجمهورية لتكون سنداً وعوناً له في تنفيذ مصالحه على حساب مصالح اللبنانيين؟

وهل ينسى اللبنانيون أيضاً مقولتك "لعيون صهر الجنرال عمرها ما تتشكّل حكومة" في العام 2009، فكنت السبب في تعطيل الحياة الدستورية لشهور طويلة فقط لتوزير "السلطان"، غير آبه بالمضار الاقتصادية والمالية التي لاحت في الأفق نتيجة الفراغ الحكومي؟

ثمّ وثمّ، هل ينسى اللبنانيون أنّه نتيجة تحالفك مع "حزب الله" أدخلت البلد مرّة أخرى في فراغ دستوري عقب نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان لفترة زادت عن السنتين، لتحقيق حلمك بالوصول إلى كرسي الرئاسة في بعبدا، وما نتج عن هذا الفراغ من انهيارات على جميع المستويات؟

وهل نستطيع أن نتجاهل أنّك تعود لتعطّل أنت و"السلطان" تشكيل حكومة المهمة الإنقاذية للبنانيين، بغية الحصول على ثلث معطّل من هنا، ووزارات "مدهنة" من هناك، بالرغم من أنّنا نعيش أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية وصحّية لم نشهد لها مثيلاً حتى في عزّ الحرب الأهلية؟

لم يكن عليك تذكيرنا يا فخامة الرئيس بأنّك "الجنرال"، فنحن نعيش هذه الأزمة لأنّك لا تزال مهجوساً بهذه الرتبة، ونسيت أنك انتخبت رئيساً لتكون حكماً بين اللبنانيين لا قائداً لفريق منهم ضدّ الآخرين، رامياً شعارك الذي رفعته بعيد الانتخاب بأنّك "بيّ الكل" لتصبح واقعاً وفعلاً "بي جبران" دون سواه... ويكفي اللبنانيين ما أصابهم في عهدك، من أزمات ومصائب تفوق الاحتمال.


MISS 3