جاد حداد

صرخة رفض في وجه الطغيان وإيمان راسخ بلبنان

"وفي اليوم السادس" إخراج ليال راجحة

12 أيلول 2019

11 : 00

لم يتوقف مشاهدو فيلم "وفي اليوم السادس" في عرضه الأول على الفنانين الذين وجدوا في هذه المناسبة متعة الالتقاء، ولا على الاعلاميين والمصورين الذين غصت القاعة بهم، بل امتلأت المقاعد بوجود نخبة من المثقفين الذين أثبتوا بحضورهم ومشاركتهم في الحوار أنهم على مستوى رفيع من المعرفة بالانجازات الفنية اللبنانية.

أطلت المخرجة ليال راجحة على الحضور قبل بدء العرض تخبرنا عن الاسباب التي دفعتها الى تحقيق هذا الفيلم. ففي إحدى الامسيات، بينما كانت ليال ساهرة مع بعض الاصدقاء إذ بأحد الموجودين يروي حادثة جرت مع جدته أيام الاجتياح الاسرائيلي، فأصغت إليه ببالغ التأثر وعندما انتهى من روايته سألته أن يسمح لها بإخراجها فيلماً فوافق.

تحضير أرضية الاحداث:

سبق لليال أن أخرجت فيلمين كان لهما صدى محبباً، وهي تعلم أن انجاز فيلم يروي قصة حقيقية لا بد أن يتم على الارض التي حدث فيها.

منطقة جباع الجنوبية الخضراء هي الأرض الطيبة الواقعة على مقربة من الاراضي المحتلة، والتي حضنت المقاتلين وجرت فيها الرواية التي نحن بصددها.

هناك قررت المخرجة التصوير لكن أحد كبار المسؤولين الأمنيين منعها بحجة قربهم من العدو واحتمال وجود خطر عليهم.

روت ليال للمسؤول الامني القصة بحذافيرها، فتأثر بها كثيراً، وهيأ لها ظروف التصوير، كما أحاطها الاهالي بعنايتهم مقدمين لها المساعدة.

تدور أحداث الفيلم العام 1982، يوم شنت اسرائيل حربها على لبنان وغدا الجنوب مسرحاً للمقاومة والاستشهاد. عندئذ أقام الجيش الجنوبي حواجز أمنية بين البلدات مشدداً على الجنوبيين الحصول على التصاريح للدخول والخروج.

وفي ذلك الوقت استقل ابراهيم وأمه السيارة مصطحبين معهما شقيقتيه ليوصلاهما الى بيروت هرباً من القذائف. استوقفهم على الحاجز الياس، ابن قريتهما الذي انضم الى جيش لبنان الجنوبي، فقام بينهم حوار قاس تبين من خلاله مدى شعور الياس بالمرارة على الرغم من تهجم الام عليه.

عادت الأم وابنها ابراهيم الى القرية، الى بيتهما الذي حوى ذكريات الطفولة وأحداثاً عائلية لا تنسى وكانا يتسامران ويضحكان، وما لبث أن غادر ابراهيم البيت. بعد فترة من الزمن أقبل الجندي الياس الى الام يعلمها ان ابنها قد قتل مع اثنين من رفاقه في "عمليــة الفجــــر" وطلب منها الذهـاب معـه للتعـرّف الى جثّته.

نهضت الأم شامخة الرأس وسارت الى المكان الذي تمدّدت فيه جثّة ابنها. فسألها الضابط الاسرائيلي إن كان هذا ابنها، فأجابته: لا ليس ابني: فقال لها: اقسمي على القرآن انّه ليس ابنك وإلاّ سوف اهدم بيتك. حدّقت الأم في وجه الضابط وصرخت به: اهدمه!

وعلى وقع أقدام الأم وهي عائدة، تعالى صوت رخيم ينشد المزمور الذي يقول: إن وثقت بالله فهو يحميك ويحفظك للأبد. الراحة بعد انجاز «وفي اليوم السادس» لن تمتد طويلاً، فالدّرب أمام المخرجة الشّابة طويــــل وشاقّ. لكنّه هادف وممتع في الوقت عينـه.


MISS 3