محمد دهشة

إستغراب من كثرة تشكيل اللجان بلا جدوى

مدارس صيداوية... الطلّاب الفلسطينيون ممنوعون من التسجيل

14 أيلول 2019

02 : 02

القوى المشتركة في "عين الحلوة"

لا يخفي الكثير من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، إستغرابهم من كثرة تشكيل "اللجان الفلسطينية الموحدة" الموسعة حيناً والمصغرة أحياناً، حتى أنهم باتوا لا يستطيعون التمييز بينها، خصوصاً مع تكرار الكثير من الوجوه فيها، في وقت لم تلامس فيه حتى اليوم بعض الملفات الساخنة (الهجرة الجماعية) أو تعالج المشاكل الطارئة (قرار وزارة العمل) أو سواهما على الصعد الاجتماعية والإنسانية.

ووفق أوساط فلسطينية لـ"نداء الوطن"، فإن كثرة المشاكل التي تواجه الواقع الفلسطيني في لبنان تفرض على القوى السياسية الوطنية والاسلامية تشكيل مثل هذه اللجان لمتابعتها، ولكن بعد فترة تدور في حلقة مفرغة، وتنتهي من دون اعلان او تضاف الى اعداد جديدة، وليس أدل على ذلك من لجنة "خلية ازمة الاونروا" التي شكلت العام 2016 حين قررت الوكالة تقليص خدماتها الصحية، فتصدت لها اللجنة المكلفة من "القيادة السياسية الموحدة"، ووضعت خطة طوارئ، جالت على المخيمات، ونجحت في ذلك لتنتهي الى "تسوية" لم ترقَ الى تطلعات أبناء المخيمات.

وتؤكد المصادر، ان اللجان تدفع في بعض الاحيان، ثمن الخلافات الفلسطينية الداخلية أو التنافس السياسي وإثبات القوة، خصوصاً اذا ما حققت النجاح في تحركاتها الاولية، بحيث يطالب كل فصيل بأن يكون ممثلاً فيها، فتتكرر الوجوه ذاتها، أو لا يدعم تحركاتها ونشاطاتها، أو يقوم بتحركات منفردة، مما يضعفها ويحدّ من دورها، لتعود إلى الحلقة المفرغة، من دون أن تحقق أهدافها المرجوة أو خاتمتها السعيدة.

في الواقع الفلسطيني اليوم، العديد من اللجان، تبدأ من "القيادة السياسية الموحدة"، والتي باتت تعرف بإسم "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان التي جرى الاتفاق عليها بمساع ورعاية من رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة (3 أيلول 2018)، بعد خلافات بين حركتي "فتح" و"حماس"، عطلت العمل بالأطر المشتركة وفتحت المخاوف على التوتير الامني في المخيمات، مروراً بـ "لجنة الحوار الفلسطيني السباعية" (مجموعة العمل الفلسطيني وهي المكلفة متابعة الحوار مع الجانب اللبناني) برئاسة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" فتحي ابو العردات (6 أيار 2019)، وبـ "اللجنة المركزية الخماسية لمتابعة أزمة وزارة العمل (25 تموز 2019)، وصولاً الى "اللجنة القانونية الفلسطينية" التي تولت مهمة اعداد مسودة الورقة القانونية التي ستقدم الى السلطات اللبنانية.

أبرز اللجان

وقد سبق كل ذلك، تشكيل العديد من اللجان أبرزها: "لجنة المتابعة الفلسطينية" المؤلفة من القوى الوطنية والإسلامية سواء في "المنظمة" أو "التحالف" أو "القوى الإسلامية" و"أنصار الله"، بما يشبه حلقة الوصل الدائم بينهم، (من دون الانتقاص من مرجعية "منظمة التحرير الفلسطينية" بإنتظار تفعيل مؤسساتها وانضمام باقي القوى اليها ربطاً بالمصالحة الوطنية بين حركتي "فتح" و"حماس")، وتطورت الى "القيادة السياسية الموحدة" في لبنان، كمرجعية سياسية وأمنية للمخيمات، ونجحت في تفكيك الكثير من الألغام، سيما مع التفجيرات الانتحارية والإرهابية التي طالت لبنان، ومحاولة زج المخيمات الفلسطينية بها، تارة عبر الشائعات، وطوراً عبر تجنيد فلسطينيين من خارجها، ولعبت دوراً بارزاً في تظهير صورة الفلسطيني العازم على عدم التدخل في الشؤون اللبنانية، والمصمم على أن تبقى وجهته وسلاحه فلسطين فقط، ثم جرى تشكيل "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" في المخيمات، ثم "القوة الامنية المشتركة"، وحلّتا نتيجة الخلافات في العام 2017.

وعلى شاكلة اللجان الفلسطينية، فقد جرى تأسيس "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" برئاسة السفير خليل مكاوي (13 تشرين الاول 2005)، بموجب القرار رقم 89/2005 الصادر عن مجلس الوزراء برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وحدد مهمتها بمعالجة المسائل الحياتية والإجتماعية والإقتصادية والقانونية والأمنية داخل المخيمات وللفلسطينيين المقيمين في لبنان بالتعاون مع وكالة "الاونروا"، ثم توالى على رئاستها المحامية مايا المجذوب، ثم الدكتور خلدون الشريف وصولاً الى الوزير السابق حسن منيمنة، وتطرح اليوم في الاوساط المتابعة تساؤلات عن مصيرها ودورها بعد تشكيل اللجنة الوزارية لدراسة الملف الفلسطيني من مختلف جوانبه برئاسة الرئيس سعد الحريري (23 آب 2019)، وهل سيتم "الغاؤها" او "تجميد" عملها ريثما يرتفع "الدخان الابيض" من اللجنة الوزارية، التي لم تعقد حتى اليوم اي اجتماع لها، في ظل هواجس من المماطلة والتسويف ربطاً بالتطورات المتسارعة في المنطقة، علماً ان "الرؤية اللبنانيّة الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، اتفقت عليها القوى والاحزاب السياسيّة اللبنانيّة، واعلنت من السراي الحكومي (20 تموز2017) برعاية الرئيس الحريري.

ممنوع التسجيل

تربوياً، فوجئ المئات من الطلاب الفلسطينيين في منطقة صيدا، بامتناع بعض مدراء المدارس الرسمية عن تسجيلهم للعام الدراسي الجديد، رغم قرار وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب بمساواتهم في المعاملة باللبناني، غير ان القرار لم يشفع لهم، حيث برر المدراء ان قرار التعميم جعل من التسجيل اولوية: اللبناني أولاً ثم من أم لبنانية ثانياً، ثم فلسطيني ثالثاً، وحين وصل الدور لتسجيلهم ابلغوا مباشرة ان الصفوف ممتلئة ولا يمكن إستقبالهم حتى القدامى منهم من غير أم لبنانية.c ووصف عضو المكتب السياسي لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف لـ "نداءالوطن"، عدم تسجيل الطلاب، بأنه "صفعة" جديدة في العلاقات "اللبنانية – الفلسطينية"، تضاف الى قرار وزارة العمل بشأن المؤسسات والعمال الفلسطينيين في لبنان بفرض الحصول على "اجازة عمل" في اطار تنظيم اليد العاملة غير اللبنانية، من دون مراعاة خصوصية اللجوء.

وتساءل اليوسف عن دور اللجنة الوزارية اللبنانية التي شكلت برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لدراسة اوضاع الفلسطينيين في لبنان من جوانبه كافة، حيث لم تعقد حتى اليوم اي اجتماع ولم تحدد زماناً لذلك، ما يعني ان اللجنة تحولت الى وسيلة للمماطلة والتسويف كما الحال في تشكيل اللجان، ما يزيد العبء على كاهل الفلسطيني وأن المطلوب منه المزيد من اليأس والاحباط والاستسلام لاي حل.

وشدد على أهمية الاسراع ببدء حوار لبناني فلسطيني رسمي يأخذ على عاتقه تنظيم العلاقة على قاعدة "الحقوق والواجبات"، خاصة في هذه المرحلة التي تستعد فيها الادارة الاميركية لاعلان بنود "صفقة القرن" وما تحمله من أهداف مشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، بحيث يكون ذلك الحوار مقدمة للمواجهة والتصدي لها، وتوفير ابسط مقومات الحياة الكريمة ريثما تتم العودة، لا الهجرة بمختلف اشكالها.


MISS 3