جاد حداد

كيف تتعايش مع الأمراض المزمنة؟

13 أيار 2021

02 : 00

عند الإصابة بمرض حاد مثل الإنفلونزا أو الزكام، قد نمرض طوال أسبوع أو أسبوعين ثم نستأنف حياتنا الطبيعية. يُفترض أن يتخذ المرض هذا المسار بشكل عام. لكن ماذا يحصل إذا لم يكن المرض يتماشى مع هذه المواصفات؟ ماذا يفعل المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري أو التصلب المتعدد، أو من يواجهون أعراضاً دائمة بسبب مرض لايم أو "كوفيد - 19"، حين يعجزون عن استرجاع حياتهم الطبيعية؟

في ما يلي بعض الخطوات المفيدة للتعايش مع الأمراض المزمنة...

غيّر عقليتك

يتعلق أهم وأصعب درس حول الأمراض التي تعيق الحياة الطبيعية بعجز المريض عن العودة بالزمن إلى الوراء. قد يمرض الفرد في عمر مبكر، فتتغير حياته بعدما كان يعمل طوال الوقت ويعيش حياة ناشطة ويفعل ما يحلو له. لكنّ الوضع يتغير فجأةً، فيضطر المريض لملازمة الفراش وتلقي علاج مكثف طوال سنوات. وحتى لو تحسن الوضع في مرحلة معينة واسترجع المريض أسلوب حياته السابق جزئياً، تبقى الانتكاسة ممكنة بعد مرور أشهر وقد تبرز الحاجة إلى تكرار العلاج، ما يعني مرور سنوات أخرى قبل التمكن من استئناف التواصل الاجتماعي والرياضة والعمل.

باختصار، لن تكون هذه المسيرة سهلة بأي شكل، لذا يجب أن تستفيد من الأيام الهادئة والإيجابية قدر الإمكان وتقنع نفسك بأنك لا تستطيع تجاهل مرضك لأن الاضطرابات الدائمة أصبحت جزءاً منك. لكن يمكنك أن تمضي قدماً رغم مرضك وتلبّي حاجاتك من دون أن تسمح للمرض بالسيطرة على حياتك.

حدّد حاجاتك الحقيقية

يبلغنا الجسم طوال الوقت بما نحتاج إليه (طعام، نوم، راحة...)، لكننا لا نجيد الإصغاء إلى هذه الرسائل دوماً نظراً إلى انشغالاتنا اليومية. حتى أننا نعجز أحياناً عن تخصيص الوقت الكافي للاعتناء بأنفسنا. لكن حين نصاب بمرض دائم، من الأصعب علينا أن نتجاهل حاجات الجسم. بل يستحيل تجاهلها في مرحلة معينة لأن العواقب قد تزداد خطورة.

يجب أن تضبط إيقاعك الجسدي والعصبي بما يناسب وضعك، ما يعني أن توقف نشاطاتك مثلاً قبل أن تتعب منعاً لتفاقم الأعراض. يمكنك أن تأخذ استراحة في فترة بعد الظهر، واحرص على الالتزام بالحمية الغذائية التي تناسبك، ولا تفوّت الأدوية التي وصفها لك الطبيب، واستفد من العلاجات التكميلية للحفاظ على صحتك.

قد تشعر في البداية بأن هذه الحاجات تعيقك لأنها تستنزف وقتك وطاقتك وتمنعك من عيش حياة طبيعية. لكن حين تُغيّر طريقة تفكيرك، ستدرك أنك تستطيع خلق وضع طبيعي جديد في سياق الأمراض التي تواجهها. يملك جميع الناس حاجات معينة، المرضى منهم والأصحاء. قد يكون الاعتراف بها صعباً على المدى القصير، لكنها خطوة ضرورية لتحسين حياتنا على المدى الطويل.

إبتكر حلولاً غير مألوفةحين تُحدد أفضل طريقة لتلبية حاجاتك، يمكنك أن تضع الخطط الخاصة بجوانب أخرى من حياتك. يجب أن تعطي الأولوية لصحتك طبعاً، لكنّ الصحة ليست الجانب المهم الوحيد من الحياة حتى لو كنت مصاباً بمرض دائم وصعب.

يجب أن تغيّر طريقة تفكيرك وتتجاوز مشاعر القلق والإحراج بسبب الأشياء التي تعجز عن فعلها وتستفيد من النشاطــــات التي يمكنك متابعتها. إذا كنت تعجز عن العمل بدوام كامل، فكّر مثلاً بتنظيم جدول عملك بالشكل الذي يناسب وضعك. وإذا كنت تعجز عن قطع مسافات طويلة أو المشاركة في نشاطات مكثفة مع الآخرين، لا تتردد في الاستمتاع بنشاطات أخرى لكن من دون أن تصل إلى حدّ الإجهاد.

على صعيد آخر، ابدأ بطرح الأسئلة التالية على نفسك: ما هي المهارات التي تتمتع بها وما هي الفرص المبتكرة التي تسمح لك باستعمالها بطريقة مثمرة؟ ما هي النشاطات التي تشتاق إليها وكيف تستطيع تطبيقها بطريقة تتماشى مع وضعك الصحي؟ وإذا كانت تلك النشاطات مستحيلة في حالتك، ما هي الآفاق الجديدة التي يمكنك استكشافها؟

تأمّل بالمستقبل لكن عِش الحاضر!

لا يعني التعايش مع المرض المزمن السماح له بالسيطرة على حياتك. حاول أن تُكثّف نشاطاتك وإنجازاتك مع مرور كل سنة جديدة، حتى لو واجهتَ بعض الانتكاسات من وقتٍ لآخر. قد تضطر لتغيير أدويتك أو تُجرّب علاجات جديدة لمتابعة التحكم بأمراضك في الوقت الراهن، لكن لا تفقد الأمل بإيجاد علاج نهائي لحالتك وحاول أن تستكشف الطرق التي تسمح لك بتحسين حياتك. قد تعجز عن السيطرة على مسار المرض، لكنك قادر على التعامل معه. إنه عامل أساسي لتجديد حياتك وإعطائها طابعاً إيجابياً.

MISS 3