شربل داغر

دولة... لبنان... الكبير

16 أيلول 2019

09 : 33

يمكن لأي مواطن أن يتساءل: اي دولة؟ أي لبنان؟ أي كبير؟ في الذكرى المئوية الأولى لتأسيسه التي تمر في الشهر الجاري.

ذلك أن السياسيين وغير السياسيين يختلفون في المناسبة، عدا عن أن بعضهم لم يلتفت إليها في نوع من التنكر الشديد لقيام "دولة لبنان الكبير".

يصعب علينا أن نحتفل بدولة، قال فيها صديقي الشاعر الراحل محمد عبد الله (منذ عنوان احد كتبه): "حبيبتي الدولة"، بعد ان كان يفتقدها أثناء الحرب. وهي مفتقدة في هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى...

أي دولة، وهي محلُ تنازعٍ بين أحزاب لا يؤمن غالبها بمثال الدولة، إذ ترى بعض هذه الأحزاب مشدوداً الى ما يقع بين "المافيا" و"الميليشيا" (وهي نوع من "المافيا") والمجموعة الزبائنية...

أما تسمية "لبنان" لهذه الدولة، فهي ليست أكيدة عند فئات سياسية، قديمة وجديدة: فئة تريد ضمه الى سورية، وأخرى إلى إيران، ولو في "أمة" عابرة للحدود.

أما تحديد لبنان بـ "الكبير"، فغير فئة تتحسر على أنه لم يبق "صغيرا"...

الاكيد هو أن الصراع على لبنان، بأقل منه أو بأكبر منه، مستمر منذ الاستقلال، ومفتوح على أفق دامٍ.

ويبدو هذا البلد ساحةَ صراعٍ لقوى إقليمية وخارجية بأدوات محلية، ما يفاقم الحال، إن لم تكن هذه القوى تحرك وتسير وتلهب هذا الصراع.

إلا أن الغريب الأغرب في هذه الحال، هو أن من يتبرمون ويستنكرون قيام "لبنان الكبير" لا يستطيعون العيش في البلاد التي ينشدونها، أو يعرفون أن ما يعايشونه هنا لن يعيشوه فيها...

اما الظريف في هذه الحال فهو ان من يتعرضون دوماً لهذه الدولة، ينعمون بحرية إعلامها، وتنوع ثقافتها، وقوة نظامها المصرفي، وجدوى المستشفى والفندق والجامعة فيها، وهم يعرفون أن هذه كلها ستتساقط مثل أوراق في الخريف في البلدان التي يأملون بالانضمام إليها، او بقيامها.

المأسوي في هذه الحال، هو أن من يتمسكون بهذه الدولة باتوا ضعفاء، وغير مؤثرين، فيما يتزايد عدد المعترضين على الكيان...

اما الأدهى في هذه الحال، فهو أن الصوت الذي علا للحفاظ على الدولة هذه تأتى من سفير الدولة التي استقل عنها لبنان، وهي فرنسا.

ما كان لهذه المشاكل ان تحدث، ان تتعاظم، لولا عاملين: تَحدث، لان البلد "حر"، بالمعنيين السلبي والايجابي. وتَحدث، لعدم وجود قوة وطنية عنفية واحدة، وموحدة، ما يجعل الفئات المعارضة قوى "في" الدولة، لا "كيانات" قائمة بنفسها. اما كيف تنبني هذه القوة الوطنية، وكيف تصبح الحرية عنصراً ايجابياً، فتلك هي... "القضية".