مئات الآلاف من الروهينغا عرضة لخطر "الإبادة" في بورما

09 : 56

الروهينغا البالغ عددهم نحو 600 ألف نسمة يعيشون أوضاعاً متدهورة في ولاية راخين (أ ف ب)

حذّرت بعثة لتقصّي الحقائق تابعة للأمم المتّحدة أمس، من أن حوالى 600 ألف من الروهينغا الذين لا يزالون في بورما يُواجهون خطر التعرّض "لإبادة"، معتبرةً أن عودة مئات الآلاف منهم، كان الجيش طردهم سابقاً، تبقى أمراً مستحيلاً.

وأشارت البعثة التابعة لمجلس حقوق الإنسان إلى أن عمليّات الجيش البورمي في العام 2017، إبادة، وطالبت بمحاكمة كبار الجنرالات وبينهم قائده مين أونغ هلاينغ. وأوضحت البعثة أن الروهينغا البالغ عددهم نحو 600 ألف شخص، وما زالوا داخل ولاية راخين، يعيشون أوضاعاً متدهورة ومؤسفة. وفرّ 740 ألفاً من الروهينغا من ولاية راخين (غرب بورما) في آب 2017، بعد حملة قمع للجيش في بورما، حيث غالبيّة السكّان من البوذيين.

وذكرت البعثة في تقريرها النهائي المقرّر تقديمه اليوم في جنيف، أن لديها "أسباباً قويّة للاستخلاص أنّ الأدلّة التي تدفع إلى الاقتناع بأنّ للدولة نوايا بارتكاب إبادة تعزّزت، منذ العام الماضي"، لافتةً إلى أن "ثمّة تهديداً جدّياً بوقوع إبادة جديدة". وأشارت كذلك إلى "استحالة عودة اللاجئين الروهينغا". وتابع التقرير أنّ "بورما تنفي ارتكاب أيّ خطأ وتُدمّر الأدلة وترفض التحقيقات الفعليّة، وتزيل وتحرق وتصادر وتبني على أراض هجّرت الروهينغا منها".

وأضاف التقرير أنّ الروهينغا كانوا يعيشون في ظروف "غير إنسانيّة"، مشيراً إلى تدمير أكثر من 40 ألف مبنى خلال حملة القمع. وجدّدت البعثة مطالبة مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف بورما إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة أو إنشاء محكمة خاصة بها على غرار يوغوسلافيا السابقة أو رواندا. وكشفت أن لديها لائحة سرّية بأكثر من 100 شخص، بينهم مسؤولون يُشتبه في تورّطهم في الإبادة وجرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حرب، بالإضافة إلى ستة جنرالات أعلنت أسماءهم العام الماضي.

وجدّد التقرير دعوته الحكومات والشركات الأجنبيّة إلى وقف الروابط التجاريّة كافة مع الجيش، داعياً إلى تجميد الاستثمار ومساعدات التنمية في ولاية راخين. فقد تعرّضت الأقليّة المسلمة لقيود كبيرة على الحركة، ما جعل من الصعب بل حتّى المستحيل على الكثير منهم الحصول على خدمات الصحة والتعليم أو العمل.

وقال عناصر البعثة الذين لم يُسمح لهم بالتوجّه إلى بورما: "يستمرّ هذا البلد في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة في أعمال غير إنسانيّة تتسبّب بمعاناة كبرى واضطهاد في إطار هجوم معمّم ومنهجي ضدّ السكّان الروهينغا". ووصفوا الظروف في بورما بأنّها "غير آمنة ومستحيلة" لإعادة اللاجئين الروهينغا إلى ديارهم. واتّهموا أيضاً الجيش بممارسة انتهاكات جديدة ضدّ المدنيين في شمال ولاية راخين.

وترفض بورما ذات الغالبيّة البوذيّة منح مسلمي الروهينغا الجنسيّة أو الحقوق الأساسيّة، وتُشير إليهم باسم "البنغال"، في إشارة إلى أنّهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش. وبرّر الجيش البورمي حملة القمع كوسيلة للقضاء على المتمرّدين الروهينغا. ووقّعت بنغلادش وبورما اتفاقاً لإعادة آلاف اللاجئين قبل عامَيْن، لكن لم يعد أيّ لاجئ حتّى اليوم.

ودخلت المنطقة من جديد في نزاع، مع شنّ الجيش البورمي حملة تستهدف "جيش أراكان"، الذي يُقاتل في ولاية راخين.

واتهمت البعثة الجيش في بورما بفرض العمل القسري والتعذيب، كما أشارت إلى أن "جيش أراكان" متّهم أيضاً بارتكاب انتهاكات، لكن على نطاق أصغر. لكنّ المتحدّث باسم الجيش في بورما رفض الخلاصات التي توصّلت إليها البعثة واعتبرها متحيّزة، مضيفاً لوكالة "فرانس برس": "عوض توجيه اتهامات يطغى عليها الانحياز، عليهم الذهاب إلى الأرض لرؤية الواقع".

وقام الفريق بتسليم تقريره إلى لجنة تحقيق تهدف إلى تكوين أدلّة لدعم أيّ محاكمة في المستقبل. وقال كريستوفر سيدوتي، أحد أفراد البعثة: "يجب إنهاء فضيحة التقاعس الدولي"، ورأى أنّه "ما لم تتّخذ الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي إجراءات فعّالة هذه المرّة، فإنّ هذا التاريخ المحزن قد يتكرّر".


MISS 3