خالد أبو شقرا

جمعيات المجتمع المدني تُلاقي "القوات" وتُنظّم حملات رفع الدعاوى على احتياطي "المركزي"

الحجز على "التوظيفات الإلزامية" طوق النجاة الأخير في بحر الإنهيار

1 حزيران 2021

02 : 01

تحالف الفساد والسلاح ينوي القضاء على ما تبقّى من ودائع (فضل عيتاني)
لن تهدأ السلطة الحاكمة وتستكين إلا بعد وضع جميع المودعين "عالحديد". فمحاولات الإستيلاء على التوظيفات الإلزامية "لاطعام غول" الفساد السياسي والإقتصادي مستمرة من دون هوادة. وعلى قاعدة "من غير كيسك يا مذرّي ذرّي" يقسّم المسؤولون المال الخاص لتمويل السياسات العامة، من دون إقامة أي اعتبار للمنطق والحقوق.




لم يكبح تدني احتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان عن خط "التوظيفات الإلزامية" الأحمر، جماح السلطة النهمة. فما زالت "تفبرك" مشاريع الدعم المباشر عبر البطاقة التمويلية، وغير المباشر عبر دعم السلع والمنتجات، بناء على ما تبقى من هذه التوظيفات. ضاربة بعرض الحائط الحقوق الخاصة التي يكفلها الدستور، ومعرضة البلد إلى خطر العجز عن النهوض من جديد. الأمر الذي أصبح يتطلب آلية مواجهة جديدة، وضع أسسها رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع. حيث ناشد المودعين التقدم بطلبات حجز احتياطي على التوظيفات الإلزامية العائدة للمصارف في مصرف لبنان أمام دوائر التنفيذ المختصة.

المستفيد الأكبر

هذه الدعاوى التي يجب أن "تنهمر" على المصارف ومصرف لبنان من كل حدب وصوب، كان قد سبقها تحذير الإقتصادي د. روي بدارو "المركزي" من مغبة "الإستمرار باستعمال أموال المودعين". وعلى عكس كل التطمينات التي تدعي أن الدعم ما زال يمول من احتياطي العملات الأجنبية المقدرة كلفته الشهرية بين 500 و700 مليون دولار، يؤكد بدارو أن "الإحتياطي نفد منذ فترة، ومصرف لبنان بدأ فعلاً باستعمال التوظيفات الإلزامية التي أصبحت قريبة من 15 مليار دولار".

مخاطر المس بالتوظيفات الإلزامية لا تنحصر بتآكل حقوق المودعين، وارتفاع نسبة الهيركات على السحوبات، وتقويض فرص قيام الإقتصاد... إنما تتعداها، بحسب بدارو، إلى الأمن والسياسة. فـ"مع انتهاء الإحتياطيات لا يبقى في "ميدان" الإقتصاد إلا "حديدان" دولارات "حزب الله" وجماعته، المحفوظة في الخزنات. ما يتيح الإستفراد والتحكم بشكل مطلق بمقدرات البلد وسياساته الداخلية والخارجية. من هنا فان التصدي لهذه العملية الممنهجة يتطلب "أوسع حملة مشاركة وتضامن وطني من قبل المودعين اللبنانيين، وإلا فان فرص النهوض من جديد تصبح معدومة".

توسع نطاق الدعاوى

دعوة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لاقت آذاناً صاغية عند بعض مجموعات ثورة 17 تشرين. فاستلقفتها مُؤسِسة منصة "بيراميد" Pyramid د. سوزان سرباي، وأطلقت حملة موازية تحت سقف "الإئتلاف الوطني اللبناني" لاستقطاب أكبر عدد من المتضررين لرفع الدعاوى. وبحسب سرباي فانه "كلما زاد عدد مقدمي الدعاوى كلما كانت النتيجة أكبر. ذلك أن كل دعوى كفيلة في المبدأ لحجز 15 في المئة من مجمل قيمة الوديعة، والوصول إلى الحجز على كامل التوظيفات الإلزامية لمنع استخدامها يتطلب تعاون وتضافر جهود عدد كبير من المودعين".

المحامي شوكت حولا المكلف من الإئتلاف متابعة ملف الدعاوى أكد أن "هذا الحل ليس سهلاً، ولو كان كذلك لطبق في الفترة السابقة، إلا أنه في هذه الظروف أصبح أكثر من ضرورة لحماية المودعين الذين يتعرضون لكافة أنواع الغبن والظلم". حولا الذي قال ان أعداد المتقدمين إلى رفع الدعاوى كبيرة، شدد على سرية الأسلوب القانوني المنوي اتخاذه حماية للمودعين ومنعاً لاقفال حساباتهم، وإعطائهم شيكات مصرفية لا إمكانية لسحبها نقداً أو فتح حسابات جديدة بها. وبحسب حولا فانه "ليس من الضروري أن يكون الحجز الإحتياطي هو على حجم الدين فقط، إنما من الممكن أن يتعداه إلى مبلغ أكبر. من هنا فان الأعداد الكبيرة المنخرطة في هذه الآلية قد تكون أكثر من كافية لمواصلة هذا الضغط القانوني، وتشكيل مجموعة ضغط lobbying تحمي بعضها البعض. إذ انه من المستحيل أن تُقدم المصارف على إقفال حسابات عدد كبير من المودعين المعترضين، خوفاً من تحول القضية إلى جزائية. فهي لن تدفع نقداً، بل عبر الشيكات التي لم تعد وسيلة إيفاء للدين بصورة واقعية، بل هي سلعة فقدت نسبة كبيرة من قيمتها. خصوصاً مع تشريع التسديد على سعر 3900 والشراء على سعر المنصة الجديد المحدد بـ12 الف ليرة.

الحجز و"البطاقة"

نجاح حملة الحجز الإحتياطي على التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان قد يعرض من الجهة الاخرى البطاقة التمويلية للفشل. فالإتكال في مشروع البطاقة هو على تحويل مصرف لبنان مبلغ 1871 مليار ليرة إلى 1235 مليون دولار على سعر صرف 1515. ما يعني استعمال أكثر من ألف مليار جديدة من أموال المودعين، وهو ما يعتبر أمراً مرفوضاً بحسب بدارو، أحد مهندسي البطاقة الأساسيين. فمن الممكن استعمال 300 مليون دولار كحد أقصى من "المركزي" أما الباقي والمقدر بحدود 900 مليون دولار، فعلى الدولة السعي لتأمينه من مصادر خارجية، والعمل على تقطيع المرحلة إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية". إلا انه بين عدم جواز استعمال التوظيفات الإلزامية والمطالبة بتمويل احتياجات البلد والمواطنين إشكالية قد "تضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في وضع صعب"، من وجهة نظر بدارو. فـ"استعمال التوظيفات الإلزامية يعتبر مخالفة قانونية، وعدم الإستجابة لطلبات مجلس الوزراء التي تفرض تمويل سلفات الكهرباء ودعم الدواء والمحروقات مخالفة أيضاً. وبين المخالفتين واقع مر، وثمن مرتفع سيدفع في المستقبل القريب".

نية السلطة السيئة تجاه المودعين، والشعبوية في طرح موضوع الدعم بعيداً عن العقلانية لا يجب أن يمر على أصحاب الحقوق الذين خسروا 85 في المئة من ودائعهم. وكل يوم تأخير عن رفع دعاوى الحجز الإحتياطي يعرض الودائع إلى مزيد من التآكل لدرجة قد يستحيل معها تحصيل دولار واحد من الحقوق المسلوبة.


MISS 3