رمال جوني -

الأزمة طالت الصيدليات و"البلد لورا"

سيدة تسأل: أين النواب الذين انتخبتهم؟

12 حزيران 2021

02 : 00

الدواء رهينة المحتكرين

أقفلت الصيدليات في النبطية ابوابها، طبّقت نظام "فرّق تسد"، أراد أصحابها توجيه صدمة قاسية للمسؤولين في البلد "الوضع الصحّي بخطر". جاءت خطوة الصيدليات بعد نفاد كميات الادوية من مخازنها، وبات الحصول على حبة دواء من الشركات امراً عصياً، فإتخذ قرار الإضراب، لتدخل أزمة الدواء في دوامة البحث عن حل غائب حالياً، فالقصة كلها متعلقّة بمصرف لبنان، الاخير يمسك بزمام اللعبة، هو الحاكم بأمر ذلّ المواطن اليومية. لم يكن مستغرباً ان تتّخذ الصيدليات هذه الخطوة، فأرخص الادوية غير متوفرة، فكيف بدواء الأمراض المزمنة، يقول احدهم "البلد لورا"، ويجزم الكل بأنّ "الازمة متجّهة نحو التفاقم اكثر"، فـ"الحلول مخبّأة في ادراج النزاعات الداخلية" يشير أحدهم، ويضيف آخر "نحن بلد العجائب واستيلاد الأزمات".

ما زال المواطن غير مستوعب ما يحصل، ينشغل في بحثه اليومي عن البنزين، الطرقات فرغت من حركة السيارات، فالحركة مكلفة، حتى البحث عن الدواء توقف، لسبب "ما في بنزين"، وأيقن الجميع بأن "البحث غير مجدٍ، فالدواء مش موجود، حتى الـ vitamin d ايضا، وهو دواء لا يتجاوز سعره الـ 3000 ليرة، يقول احد المواطن أنه بقي مدة اسبوع يبحث عن قطرة لابنه لعلاج الفطريات من دون جدوى، حتى "كلّ وملّ"، "مش ظابط البلد، بدّو اعادة صياغة" يقول.

هي المرة الاولى في تاريخ لبنان الحديث تقفل صيدلياته دفعة واحدة وينقطع الدواء، وإيجاده يحتاج عملية بحث مضنٍ، وهي المرة الاولى في تاريخ لبنان الذي تدخل فيه المنظومة الصحّية في دائرة الخطر الشديد، وإحتمال أن يفجر فقدان الدواء انتفاضة اصبح أمراً مطروحاً، ولكن هل يفعلها المواطن وينقلب على التبعية؟

في يوم اضراب الصيدليات الاول كان لافتاً التزام الجميع بالإقفال، ويعيد الصيدلي محمد السبب "ما عنّا أدوية، والشركات منذ أشهر لا تسلّمنا"، وعود كثيرة تلقاها الصيادلة "بتقطيب" الأزمة كي لا "تنفرط" بسرعة، ولكن كلها وعود كاذبة. لم تنفع الاقفالات التحذيرية السابقة يقول الصيدلي حسين "ما بقى قادرين نتحمّل رؤية الناس تتألم ولا نملك دواء نسكّن المها"، المسؤولية تقع على حاكمية مصرف لبنان وعلى الشركات التي تخزّن الأدوية على السعر المدعوم لضخّه لاحقاً على سعر السوق السوداء". لا يستبعد حسين انشاء سوق الدواء الأسود، فكل شيء في لبنان رهينة هذا السوق، غير أنه يخشى "استفحال الادوية المزورة وغير المطابقة لمواصفات السلامة الصحية، وهنا الكارثة".

قبل سنة تقريباً كان الدواء السوري ناشطاً في السوق المحلية، فسعره أرخص بكثير، وفعاليته، وِفق الحاجة فاطمة جيدة. الحاجة الستينية كانت تشتري دواء القلب والسكري والضغط من سوريا، وتؤكد أن الدواء الذي تدفع ثمنه في لبنان 70 الف ليرة تشتريه بـ7 آلاف ليرة، حتى الطبيب أوصى به لفعاليته، غير أنه مع بدء جائحة "كورونا" توقفت الرحلات بين لبنان وسوريا، وتوقف وصول الدواء أيضاً، ما اضطرّها لاعادة شرائه من صيدليات النبطية، مؤخّراً بات صعباً عليها ايجاد أدويتها، وباتت تخشى الأسوأ، ترمي باللائمة على تجار الأزمة، هؤلاء برأيها "يهتمّون بجيبتهم ولا يأبهون لصحة الناس". وتسأل "ماذا سيحلّ بي إن لم اجد أدويتي، أين النواب الذين انتخبتهم، متى يتحرّكون؟ وكأنهم في عالم آخر".

فتح اضراب الصيدليات باب الأزمة على مصراعيه، ومتوقّعاً أن يتفاقم واقع الدواء أكثر وِفق ما يؤكد أغلبية الصيادلة، في ظلّ تعنّت مصرف لبنان في فتح الاعتمادات واحتكار الشركات للدواء، معتبرين أن تحرّكهم يصبّ في خدمة صحة المواطن، اذ لا يعقل أن يبقى الدواء رهينة المحتكرين، مشدّدين على أنّ استمرار التقنين الحاصل يعني اقفالاً دائماً.

"ما عنا ادوية نبيعها، لا حليب لا دواء مزمن، لا شيء، شو منقول للمريض"؟ يسأل الصيدلي عباس الذي يعتبر أن " الازمة مفتعلة تمهيداً لرفع الدعم، والضحية اولا وأخيراً المواطن"، من دون أن يخفي أنّ "الصيدلي ايضاً يخسر، فهو يعمل وِفق سعر الصرف ويتقاضى باللبناني".

ما يتخوّف منه المواطن اليوم ان يصبح الحصول على الدواء بالطابور، وان يعيش اذلالاً ما بعده اذلال، فهل تُحلّ الازمة قبل وقوع الكارثة ، أم انّ لبنان بلد الازمات التي لا تنتهي؟


MISS 3