رقعة جلدية جديدة بدل الإبر لتلقّي لقاح الإنفلونزا

09 : 47

Doctor interacting with patient while giving an injection to the patient in clinic

يأمل العلماء في أن يستبدل نوع جديد من الرقع الجلدية الإبر لإعطاء لقاح الإنفلونزا. حين اختبروا التقنية الجديدة على الفئران، أطلقت استجابة مناعية مناسبة من دون التسبب بأي آثار جانبية. نُشِر تقرير عن البحث حديثاً في "مجلة الأمراض الجلدية الاستقصائية".

يقول المشرف على الدراسة، بنجامين ميلر، وهو دكتور في الأمراض الجلدية في المركز الطبي التابع لجامعة "روتشستر"، نيويورك: "يحلل العلماء المقاربات التي تسمح بإعطاء اللقاحات من دون إبر منذ عشرين سنة تقريباً. لكن لم تكن أي تقنية سابقة تستحق العناء".

مستوحى من الإكزيما!

يظن ميلر وزملاؤه أن الرقعة الجلدية الجديدة تَحِلّ مشاكل عدة واجهها المبتكرون الآخرون. فأوضحوا في تقرير الدراسة أن المحاولات السابقة لإعطاء اللقاح بالرقع الجلدية استعملت تقنيات مثل الإبر الدقيقة والتثقيب الكهربائي. حققت هذه الطرق نجاحاً أولياً، لكن سرعان ما تبيّن أنها ليست عملية في استراتيجيات التلقيح الجماعية.

مقارنةً بهذه التقنيات، تستعمل الرقعة الجديدة مقاربة ابتكرها الباحثون حين كانوا يجرون الأبحاث عن المعطيات البيولوجية الخاصة بالتهاب الجلد التأتبي أو الإكزيما.

عند الإصابة بالإكزيما، لا يعود الحاجز الجلدي الذي يمنع في العادة السموم ومسببات الحساسية من دخول الجسم يعمل بشكلٍ سليم، بل يصبح قابلاً للاختراق.

يُعتبر بروتين "الكلودين 1" أساسياً لمنع اختراق الحاجز الجلدي، ويسجّل المصابون بالإكزيما مستويات متدنية منه مقارنةً بغير المصابين بهذه الحالة.

في بحث سابق، أثبت الباحثون أن تراجع نسبة "الكلودين 1" في الخلايا الجلدية لدى أشخاص أصحاء يجعل الحاجز الجلدي أكثر قابلية للاختراق. لذا تساءلوا عن احتمال استعمال الطريقة نفسها لإدخال فيروس لقاح الإنفلونزا إلى الجسم عن طريق الجلد. يتعلق التحدي الحقيقي باختراق الحاجز لفترة محددة تسمح بدخول فيروس اللقاح دون سواه.

رقعة جلدية تقّوي المناعة!

بناءً على سلسلة من التجارب التي شملت خلايا جلدية بشرية، رصد الباحثون ببتيداً، أو بروتيناً صغيراً، يستطيع تعطيل الحاجز الجلدي من دون إنتاج آثار جانبية سامة. يعطي الببتيد مفعوله عبر الاتصال ببروتين "الكلودين 1" وإعاقته. ثم ابتكر الباحثون رقعة جلدية تحتوي على الببتيد ولقاح إنفلونزا مُعدّل، واختبروها بطريقتَين على الفئران.

في الاختبار الأول، استعملوا الرقعة ثم أعطوا الفئران لقاح الإنفلونزا عن طريق الحقن. أرادوا بذلك تزويد جهاز المناعة بالرقعة ثم تقويته بلقاح الإنفلونزا. وفي الاختبار الثاني، أعطى الباحثون اللقاح للفئران أولاً، ثم وضعوا الرقعة الجلدية. كان الهدف معاكساً هذه المرة، ما يعني تزويد جهاز المناعة باللقاح ثم تقويته بالرقعة.

في الاختبارَين معاً، حيث وضعت الفئران الرقعة على ظهرها بعد حلق الوبر عنه بين 18 و36 ساعة، فتحت الرقعة الحاجز الجلدي. تأكد الباحثون من هذه النتيجة حين راقبوا المياه التي خسرتها الفئران عبر الجلد.

وحين وضعوا الرقعة، لاحظوا أن جلد الفئران أصبح قابلاً للاختراق. لكن بدأ الجلد ينغلق مجدداً فور نزعها، ما يعني أنه استعاد وضعه الطبيعي خلال 24 ساعة.

لم تكن الاستجابة المناعية تجاه الرقعة في الاختبار الأول مهمة، لكنها بدت قوية في الاختبار الثاني.

بما أن البشر يتعرضون للإنفلونزا بدءاً من الشهر السادس بعد ولادتهم، وبالتالي تصبح مناعة معظم الناس جاهزة للتعامل مع الفيروس، يعكس الاختبار الثاني ما يحصل على أرض الواقع بأفضل طريقة.

لذا توحي هذه النتائج بأن الرقعة الجلدية الجديدة قد تصبح آلية فاعلة لتلقي لقاح الإنفلونزا الموسمي بانتظام.

تعلّقت نتيجة لافتة أخرى بغياب أي آثار جانبية. راقب الباحثون الفئران طوال ثلاثة أشهر ولم يرصدوا أي تغيرات جسدية على مستوى الجلد، كتلك التي تنجم عن التقاط عدوى.

لن تُستعمَل هذه الرقعة في التجارب البشرية في أي وقت قريب، إذ يجب أن يجري الباحثون دراسات إضافية على الحيوانات كي يكتشفوا مثلاً مدة بقاء الرقعة على الجلد لتحقيق أفضل النتائج.

يظن الباحثون أن الرقعة الجلدية قابلة للتطبيق على لقاحات أخرى تستعمل الإبر راهناً في حال نجحت في اختبارات الإنفلونزا البشرية.

صحيح أن اللقاحات التي تُعطى عن طريق الإبر فاعلة، لكنها تزيد توتر الناس وتتطلب فريقاً طبياً. كذلك، تدخل الإبر في خانة المخلفات التي تحمل مسببات أمراض ولا بد من استعمالها بحذر.

تشتدّ هذه المشاكل في البلدان الأقل تقدماً حيث تكثر الحاجة إلى اللقاحات. لذا قد يكون إعطاء اللقاح عبر رقعة جلدية طريقة سريعة وغير مكلفة لأعداد كبيرة من الناس.

يوضح ميلر: "إذا أردنا إعطاء اللقاحات لسكان قرية في أفريقيا، من الأفضل ألا نستعمل الإبر. لا داعي لتبريد الرقعة، بل يمكن أن يستعملها أي شخص ولا خوف من طريقة التخلص منها أو احتمال إعادة استخدام الإبر نفسها".